حسن رجب المدير العام
تاريخ التسجيل : 12/03/2010
| موضوع: مفهوم السنة الجمعة يونيو 25, 2010 1:54 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين هذا بحث مختصر حول مفهوم السنة. النقطة الأولى: نحن نحتاج أن نفهم جيدا حيث النبي صلى الله عليه وسلم (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال منسن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده، من غير أنينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عملبها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) (رواه مسلم) هناك حديث مهم جدا يحل هذا الإشكال، بل إن فعل الكثير من التابعيين يوضح أن هناك في ديننا بدعة حسنة - فأولا معنى كلمة " سن قال ابن منظور في اللسان ( 13/220 )، بعد أن ذكر حديث " من سن في الإسلام ... " وكل من ابتدأَ أَمراً عمل به قوم بعده قيل هو الذي سَنَّه قال نُصَيْبٌ كأَني سَنَنتُ الحُبَّ أَوَّلَ عاشِقٍ من الناسِ إِذ أَحْبَبْتُ من بَيْنِهم وَحْدِي أي أن كلمة " سن " المذكورة في الحديث بمعنى ابتدأ عملا على غير مثال سابق، لأنه قال ( ابتدأ عملا عمل به قوم بعده )فهذا معنى كلمة " سن " من اللسان، ولم أجد لهذا الفعلمعنى آخر يصلح لسياق الجملة إلا هذا المعنى ... فإن وجدتم معنى آخر لهذاالفعل يكون مناسبا لسياق الجملة، فأخبرونا به. ولكم الأجر والمثوبة... فأما في الشرع، أو بمعنى أدق في السنة النبوية، فلنا حديثان كلاهما يوضح بشكل دقيق معنى كلمة " سن "فأما الأول فهو في صحيح البخاري" لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل "فالكلمة واضحة أن معناها أنه أول من بدأ القتل.وقد ساق البخاري هذا الحديث في باب " إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة (الثاني)وفي الموطأ - رواية الإمام محمد بن الحسن [ جزء 1 - صفحة 165 ] " قال الحازمي في كتاب " الناسخ والمنسوخ " أخبرنا محمد بن عمر بن أحمدالحافظ أنا الحسن بن أحمد القاري أنا أبو نعيم نا سليمان بن أحمد نا أبوزرعة نا يحيى بن صالح نا فليح عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: كنا نأتي الصلاة أو يجيء رجل وقدسبق بشيء من الصلاة أشار إليه الذي يليه: قد سبقت بكذا وكذا فيقضي قال: فكنا بين راكع وساجد وقائم وقاعد فجئت يوما وقد سبقت ببعض الصلاة وأشيرإلي بالذي سبقت به فقلت: لا أجده على حال إلا كنت عليها فلما فرغ رسولالله صلى الله عليه وسلم قمت وصليت فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمعلى الناس وقال: من القائل كذا وكذا قالوا: معاذ بن جبل فقال: قد سن لكممعاذ فاقتدوا به إذا جاء أحدكم وقد سبق بشيء من الصلاة فليصل مع الإمامبصلاته فإذا فرغ الإمام فليقض ما سبقه به "والحديث في سنن أبي داود ( 1/193 )، وصححه الألباني.. ومقام احتجاجي في الحديث هو في كلمة " سن " وهي واضحة في أن سيدنا معاذارضي الله عنه قام بفعل لم يكن معمولا به قبله، وأقره عليه الرسول صلى اللهعليه وسلم قائلا " قد سن إذن فمن الحديثين السابقين يتضح أن فعل " سن " معناه " بدأ أمرا على غير مثال سابق "، وهو مطابق لما جاء في اللسان. إذن يتضح من معنى الحديث أن من بدأ أمرا جديدا حسنا فعله الناس بعده فله أجره وأجر من عمل به. وفي مسند أحمد بن حنبل [ جزء 5 - صفحة 387 " قال النبي صلى الله عليه وسلم من سن خيرا فاستن به كان له أجره ومن أجورمن يــتبعـه غير منتقص من أجورهم شيئا ومن سن شرا فاستن به كان عليه وزره ومنأوزار من يــتبعـه غير منتقص من أوزارهم شيئا "وقال شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره وهذا إسناد حسن فمن الجمع بين هذا الحديث والحديث الأول .. فالسنة الحسنة = عمل الخير، والسنة السيئة = عمل الشر ومعناه واضح في أنه ليس كل أمر محدث يعد بدعة ضلالة، وإنما هناك من المحدثات ما يعد سنة حسنة أو بدعة حسنة. وقد حاول البعض رد دلالة هذا الحديث بقولهم أن معنى " من سن سنة حسنة " هو " من أحيا سنة "... اعتمادا على سياق الحديث ... وهذا الكلام مردود من وجهين : أولهما:أن فيه ردا لظاهر الحديث بغير برهانظاهر، إذ كيف يستقيم في العقل أو في اللسان العربي أن يكون معنى " من سنسنة حسنة " هو " من أحيا سنة " ومما يرد هذا التوجيه لمعنى الحديث أيضا، حديثه صلى الله عليه وسلم في مسند الإمام أحمد ، جزء 4 - صفحة 362 " لا يسن عبد سنة صالحة يعمل بها من بعده إلا كان له مثل أجر من عمل بهالا ينقص من أجورهم شيء ولا يسن عبد سنة سوء يعمل بها من بعده إلا كان عليهوزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيء "فهذه الرواية واضحة في أن السنة المذكورة في الحديث هي السنة التي يحدثها العبد، وليست السنة التي يحييها. وثانيهما:أننا لو حملنا قوله صلى الله عليهوسلم " من سن سنة حسنة " على أنه من أحيا سنة حسنة " فإنه على نفس القياسيكون قوله " من سن سنة سيئة " هو " من أحيا سنة سيئة " ... وهذا المعنىفاسد بالطبع، ويثبت معه فساد ذلك التوجيه. ولذا فمما سبق، فإن قولنا هو أن حديث " كل بدعة ضلالة " ليس على العمومالمطلق، وإنما هو عام مخصوص، ودليل تخصيصه هو حديثه صلى الله عليه وسلم " من سن في الإسلام سنة حسنة .... "انتهى وهذا رابط الموضوع الأصلي لمن أراد الاطلاع والتوسع [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وهنا أقول: إذا كان معنى(من سنَّ في الإسلام سنة حسنة) هو ( أحيا) فما معنى (سنَّ في الإسلام سنة سيئة)؟ المعنى حسب رأي هؤلاء هو أنه توجد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم سنة سيئة لا ينبغي علينا إحياؤها. فهلهذا يتطابق مع الشرع أو العقل؟ أبدا، وعليه فإن المعنى المناسب لـ(سن)والمتوافق مع اللغة العربية التي بُعث بها النبي صلى الله عليه وسلمهي ما أشرنا إليه ( المبادرة والابتداء). وسؤالي لأولئك الذين يقولون بأن معنى (سنَّ هو أحيا): - إذا كان معنى سنَّ هو أحيا ، فمتى كانت السنة ميتة حتى تحتاج إلى من يحييها ؟ -تخيلوا معي كيف أن السنة ماتت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لايزال على قيد الحياة، وهو لا يزال يكافح ويجاهد في ترسيخ الدين ، فجاء أحدالصحابة فأحياها!!ومن الذي أماتها أو تركها تموت؟ النبي صلى الله عليه وسلم؟ معاذ الله. الصحابة رضوان الله عليهم؟ معاذ الله، سبحانك هذا بهتان عظيم!!لقدكان الصحابة رضوان الله عليهم يــتبعــون ويقتدون بالنبي صلى الله عليهوسلم في كل شيء، شبرا بشبر وذراعا بذراع، فكيف يجوز أن نتهمهم بالتقصير فيسنة النبي صلى الله عليه وسلم. - وهناك مسألة يجب أن نفهمها جيدا وهو قوله صلى الله عليه وسلم(فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده) فإنها توحي أن الشخص له مزية خاصة من حيث أنه أول من ابتدأ وبادر بالعمل - ولنرى أقوال العلماء في شرحهم لهذا الحديث وحديث (كل بدعة ضلالة) وهذا نقلا من كتاب (إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة) للشيخ عبد الله بن الصديق الغماري الحسيني: 01 - وقال ابن الأثير في النهاية:البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلال فما كان في خلاف ما أمر الله بهورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو في حيز الذم والإنكار،وما كان واقعا تحتعموم ما ندب الله إليه، وحض عليه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو فيحيز المدح. وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء، وفعلالمعروف، فهو في الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما وردالشرع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا، فقال:"من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها" وقال في ضده: "ومن سن سنةسيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها" وذلك إذا كان في خلاف ما أمر اللهبه، أو رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه:"نعمت البدعة هذه"؛ لما كانت من أفعال الخير، وداخلة في حيز المدح، سماهابدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم، وإنما صلاَهاليالي ثم تركها، ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها. ولا كانت في زمن أبيبكر، وإنما عمر جمع الناس عليها وندبها إليها، فبهذا سماها بدعة، وهي علىالحقيقة سنة. لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاءالراشدين من بعدي" وقوله: "اقتدوا [بالذين] من بعدي أبي بكر وعمر" وعلىهذا التأويل يحمل الحديث الآخر: "كل محدثة بدعة".إنما يريد: ما خلف أصولالشريعة ولم يوافق السنة اهـ. 02- قال النووي:قوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة" هذا عام مخصوص والمراد غالبالبدع، قال أهل اللغة: هي كل شيء عمل غير مثال سابق. قال العلماء البدعةخمسة أقسام واجبة ومندوبة ومحرّمة ومكروهة..(ثم ذكر أمثلة عن الأمور عنهذه الأقسام) .وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات: البدعة بكسر الباء،في الشرع، هي إحداث ما لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهيمنقسمة إلى حسنة وقبيحة. ويقولأيضا في شرحه لحديث من سن سنة حسنة..( قال النووي: فيه الحث على الابتداءبالخيرات وسن السنن الحسنات والتحذير من الأباطيل والمستقبحات. وفي هذاالحديث تخصيص لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"وأن المراد به المحدثات الباطلة والبدع المذمومة اهـ. 03- قال الحافظ بن رجبفي شرحه( أي حديث: وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) "والمرادبالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصلمن الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا، وإن كان بدعة لغة" اهـ. 04- قال الحافظ بن حجروالمحدثات بفتح الدال جمع محدثه، والمراد بها ما أحدث وما ليس له أصل فيالشرع، ويسمى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع، فليسببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة،بخلاف اللغة،فإن كل شيء أحدث على غيرمثال،يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما.اهـ وفي موضع آخر من فتح البارييقول(والمراد بقوله: "كل بدعة ضلالة" ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريقخاص ولا عام اهـ. وقال الحافظ في الفتح: هذا الحديث ( أي حديث من احدث فيأمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) معدود من أُصول الإسلام، وقاعدة من قواعده،فإن معناه: من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أُصوله فلا يلتفت إليه. 05- وروى أبو نعيم عن إبراهيم بن الجنيد، قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان بدعة محمودة، وبدعة مذمومة،فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم. 06- وروى البيهقي في مناقب الشافعيعنه، قال: المحدثات ضربان: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنةً أو أثرا أوإجماعا، فهذه بدعة الضلالة،وما أحدث من الخير لا خلاف فيه في واحد من هذا،فهذه محدثة غير مذمومة .وقد قال عمر في قيام رمضان: نعمة البدعة هذه يعنيأنها محدثة لم تكن، وإذا كانت، ليس فيها رد لما مضى.[/size] 07- قال الشيخ أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلامرحمه الله ورضي عنه، في ءاخر كتاب القواعد: البدعة منقسمة إلى واجبةومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة علىقواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب، فهي واجبة، أو في قواعدالتحريم فمحرمة، أو الندب، فمندوبة، أو المكروهة فمكروهة، أو المباحفمباحة. 08- وقال السندي في حاشية ابن ماجة: قوله: "سنّة حسنة" أي طريقة مرضية يقتدي بها، والتمييز بين الحسنة والسيئة بموافقة أصول الشرع وعدمها اهـ. 09- الفيومي في المصباح(المصباح المنيرفي غريب الشرح الكبير): أبدع الله تعالى الخلق إبداعا خلقهم لا على مثالوأبدعت الشيء وابتدعته، استخرجته وأحدثته، ومنه قيل للحالة المخالفة بدعة،وهي اسم من الابتداع، كالرفعة من الارتفاع. ثم غلب استعمالها فيما هو نقصفي الدين، أو زيادة لكن قد يكون بعضها غير مكروه، فيسمى بدعة مباحة، وهوما شهد لجنسه أصل في الشرع، أو اقتضته مصلحة يندفع بها مفسدة، كاحتجابالخليفة عن أخلاط الناس اهـ. 10- ويقول الشيخ الغماري:هذا الحديث( أي حديث: من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) مخصصلحديث كل بدعه ضلالة، ومبين للمراد منها كما هو واضح. إذ لو كانت البدعةضلالة بدون استثناء، لقال الحديث: من أحدث في أمرنا هنا شيئا. لكن لماقال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أفاد أن المحدث نوعان ماليس من الدين بأن كان مخالفا لقواعده ودلائله، فهو مردود، وهو البدعةالضلالة، وما هو من الدين بأن شهد له أصل، أو أيده دليل، فهو صحيح مقبول،وهو السنة الحسنة. ونكتفي بهذا القدر والله الموفق والهادي إلى السبيل. فمماسبق يتبين لنا أنه ليس كل بدعة مذمومة، بل منها المقبول وهو ما كان له أصلفي السنة ولهذا فقد قال سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه (نعمت البدعةهذه) لما كانت من أفعال الخير، وداخلة في حيز المدح، سماها بدعة ومدحهالأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم، وإنما صلاَها ليالي ثم تركها،ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها. ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمرجمع الناس عليها وندبها إليها، فبهذا سماها بدعة، وهي على الحقيقة سنة(ابنالأثير في النهاية) النقطة الثانية: هل كل ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر بدعة ؟ الجواب: مما سبق يتبين لنا أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم للفعل لا يدل أبدا على تحريمه، ومن الأدلة على ذلك: 01- ما تقدم من كلام العلماء والمشائخ في شرح النقطة الأولى. 02- يقول الشيخ عبد الله الغماري(إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة)من المعلوم بالضرورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المباحات،لأنها كثيرة، لا يستطيع بشر أن يستوعبها عدا، فضلا عن أن يتناولها،ولأنالنبي صلى الله عليه وسلم كان زاهدا متقللا، ويترك ما زاد على ذلك.. وفيالصحيحين عن خالد بن الوليد أنه دخل مع النبيصلى الله عليه وسلم بيت ميمونة، فأتى بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلىالله عليه وسلم بيده فقيل: هو ضب يا رسول الله فرفع يده، فقلت: أحرام هويا رسول الله؟ فقال: "لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه" قال خالد:فاجتررته فأكلته، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر. وفي الحديث دليل للقاعدة الأصوليه: أن ترك الشيء، لا يقتضى تحريمه.. ومن المعلوم أيضا بالضرورة: أنالنبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المندوبات، لاشتغاله بمهام عظام،استغرقت معظم وقته: تبليغ الدعوة، ومجادلة المشركين والكتابين، وجهادالكفار.. ، بل ترك صلى الله عليه وسلم بعض المندوبات عمدا، مخافة أن تفرضعلى أمته، أو يشق عليهم إذا هو فعله.. 03 قال الإمام الشافعي:"كل ما له مستند من الشرع، فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف، لأن تركهمللعمل به، قد يكون لعذر قام لهم في الوقت، أو لِما هو أفضل منه، أو لعلهلم يبلغ جميعهم علم به" اهـ. 04 وقال الإمام ابن لب،في الرد على من كره الدعاء عقب الصلاة: غاية ما يستند إليه منكر الدعاءأدبار الصلوات: أن التزامه على ذلك الوجه، لم يكن من عمل السلف وعلى تقديرصحة هذا النقل فالترك ليس بموجب لحكم في ذلك المتروك، إلا جواز التركوانتفاء الحرج فيه وأما تحريم أو لصوق كراهية بالمتروك فلا، ولا سيما فيماله أصل جملي متقرر من الشرع كالدعاء اهـ. 05- روى أحمد وأبو داودمن طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: أحيلت الصلاة ثلاثةأحوال، فذكر الحديث وفيه: وكانوا يأتون الصلاة، وقد سبقهم ببعضها النبيصلى الله عليه وآله وسلم، فكان الرجل يشير إلى الرجل إن جاء: كم صلى؟فيقول: واحدة أو اثنتين فيصليها ثم يدخل مع القوم في صلاتهم، فجاء معاذفقال: لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها ثم قضيت ما سبقني، فجاء وقدسبقه النبي صلى الله عليه وءاله وسلم ببعضها، فثبت معه، فلما قضى رسولالله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته، قام فقضى، فقال رسول الله صلى اللهعليه وءاله وسلم "إنه قد سن لكم معاذ فهكذا فاصنعوا".. وهو يدل على جوازإحداث أمر في العبادة صلاة أو غيرها إذا كان موافقا لأدلة الشرع، وأنالنبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يعنف معاذا ولا قال له: لم أقدمت علىأمر في الصلاة قبل أن تسألني عنه. بل أقره وقال: "سن لكم معاذ فاصنعوا كماصنع" لأن ما صنعه يوافق قاعدة الإتمام، وأتباع المأموم لإمامه، بحيث لايقضي ما فاته حتى يتم الإمام صلاته. 06- روى ابن ماجةفي سننه بإسنادٍ رجاله ثقات عن سعيد بن المسيب أن بلالا أتى النبي صلىالله عليه وءاله وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال الصلاة خيرمن النوم، الصلاة خير من النوم، فأقرت في تأذين الفجر، فثبت الأمر على ذلك. 07- في صحيح البخاريعن رفاعة بن رافع الزرقي قال: كنا نصلي يوما وراء النبي صلى الله عليهوءاله وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: "سمع الله لمن حمده" فقال رجلوراءه: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف قال: "منالمتكلم" قال: أنا. قال: "رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: واستدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان لا يخالف المأثور اهـ. 08- في صحيح البخاري قصة قتل خبيب، وصلاته ركعتين قبل قتله، قال: "وهو أول من سن صلاة ركعتين عند القتل". النقطة الثانية: نبذة مما أحدثه الصحابة: - عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحدث الاجتماع في التراويح،وقد قال عنها ( نعمت البدعة هذه ) - جمع القرآن الكريم وقد كان هذا الأمر ضروريا لحفظ القرآن الكريم -وروى البخاري أن خُبيب بن عديّ لما أسره المشركون وأرادوا قتله قال لهم:أمهلوني حتى أصلي ركعتين فأمهلوه فصلّى.. ثم قال: "اللهم بلّغ عنّانبيّك"، ثم قتلوه، فقال أبو هريرة: "فكان خُبيب أول من سنّ ركعتين عند التقديم للقتل". - وفي صحيح البخاري أنّ عمر بن الخطاب زاد في التلبية على تلببية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن تلبية الرسول كانت (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) فزاد عمر (لبيك اللهم وسَعدَيْك والخيرُ كلّه في يديك والعمل والرغباء إليك) فلم يعترض عليه أحد من الصحابة ولا من جاء بعدهم. - وروى أبو داود أنّ عبد الله بن عمر زاد في التشهد على تشهد رسول الله "وحده لا شريك له" وقال "أنا زدتها". -وروى البخاري أن عثمان بن عفان حين رأى زيادة الناس يوم الجمعة عمل أذانًاثانيًا فلم يعترض عليه أحدٌ من الصحابة ولا من جاء بعدهم. ولوأردنا استعراض الأمور التي جاء بها الصحابة أو التابعين المشهود لهمبالفضل والولاية من عندهم لطال بنا الكلام ، لأنهم جميعا فهموا أحاديثالنبي صلى الله عليه وسلم وهم أعلم منا بالمراد .. النقطة الثالثة: علاقة السنة التقريرية بالبدعة الحسنة [size=12]إن بين سنة الإقرار ومفهوم البدعة علاقة وثقى ورابطةمحكمة وصلة وطيدة، ومع ذلك فإنها مما لم تتبين لكثير من العلماء، ولميتفطن لها كثير من الفضلاء، وفيما يلي بيان لها:فابتداء نعود فنُذكِّر بمعنى سنة الإقرار بشيء من البيان والوضوح فنقول:إن السنة التقريرية تعني أن يقول أحد الصحابة قولاً أوأن يفعل فعلاً ابتداء من نفسه، دون أن يكون له سند من كتاب أو سنة يخصهبعينه، ثم يبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فيسكت عنه صلى الله عليهوسلم ولا ينكره، أو يقرره بقول منه أو فعل من جنسه أو استبشار به أو دعاءلفاعله، إلى غير ذلك مما يعلم به جواز هذا الفعل أو القول، فيصير سنةنبوية شريفة بهذا الإقرار يعلم بها جواز ما أقره له ولغيره من الأمة كمافصله وقرره علماء الشريعة الغراء.فالناظر في هذا الكلام يعلم أنللسنة التقريرية أركاناً لابد منها:1 ـ إحداث أحد الصحابة الكرام شيئاً لم يكن.2 ـ بلوغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.3 ـ إقراره صلى الله عليه وسلم لذلك بسكوت أو قول أو فعل أو غير ذلك.ومن هذا البيان والتفصيل تتبين لنا العلاقة الوثقى بينســنة الإقرار ومفهوم البدعة، حيث إن سنة الإقرار في أصلها بدعة أحدثهاالصحابي، ثم بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقر فاعلها وجوز فعلها. ولو أن كل بدعة ضلالة في الدين لا يجوز فعلها لأنكر رسول الله صلى اللهعليه وسلم كل فعل للصحابة لم يكن لهم به سند من كتاب أو سنة، ولكن الناظرفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنه يقررهم على كثير من الأفعالوالأقوال التي ابتدؤوها من أنفسهم إن كانت داخلة في عموم دليل شرعي أوراجعة إلى قاعدة شرعية. وفي السنة الشريفة أمثلة كثيرة على ما ذكرناه،فمن ذلك:1ـ ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنهقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الفجر: »يا بلالحدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك في الجنة«، قال: ماعملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً قط في ساعة من ليل أو نهار إلاصليت بذلك الطهور ما كتب لي.قال ابن حجر: يستفاد منه جواز الاجتهاد في توقيتالعبادة، لأن بلالاً توصل إلى ما ذكره بالاستنباط، فصوبه الرسول صلى اللهعليه وسلم. انتهى.فانظر ـ رعاك الله ـ إلى سيدنا بلال رضي الله عنه كيفأحدث عبادة لم يرد بها نص من قرآن، أو أمر من رسول الله صلى الله عليهوسلم يخصها بعينها، وواظب عليها مدة من الزمن دون الرجوع إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ووقعت موقع القبول من الله تعالى بحيث كانت سبباً فيدخوله الجنة، فقد قال له صلى الله عليه وسلم ـ كما في رواية الترمذي ـ »بهما« أي: بهاتين الركعتين نلت هذه المنزلة العظيمة، فكان ذلك إقراراًمنه صلى الله عليه وسلم لسيدنا بلال على ما أحدث، وأضحت هاتان الركعتانبعد الوضوء سنة في حق الأمة كلها.2 ـ ما رواه البخاري وغيره عن رفاعة بن رافع قال: كنانصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: »سمعالله لمن حمده«. قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباًمباركاً فيه، فلما انصرف قال: »من المتكلم«؟ قال: أنا: قال: »رأيت بضعةوثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها«.قال الحافظ ابن حجر: استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور اهـ.3 ـ ما جاء في صحيح مسلمة عن ابن عمر رضي الله عنهماقال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل منالقوم: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »من القائل كلمة كذا وكذا« قال رجل منالقوم: أنا يا رسول الله. قال: »عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء«. قالابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.فانظر إلى هذا الذكر الذي فتحت له أبواب السماء، وقدقاله الصحابي ابتداء من نفسه دون أن يكون له سند من كتاب أو سنة، ثم أقرهرسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر فضيلته فصار سنة نبوية شريفة التزمهاسيدنا ابن عمر ومن بعده من الأمة كثيرون.والأدلة على ما قلناه كثيرة، والأمثلة وفيرة لمن طالعكتب السنة بعين التحقيق والإنصاف. بل إننا لنلاحظ أيضاً أن الصحابة الكرام رضوان اللهتعالى عليهم مع شدة حرصهم على متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأقواله وأفعاله لم يفهموا من ذلك أن كل محدثة بدعة ضلالة لا ينبغي الإتيانبها، بل كانوا يفعلون كما رأينا بعض مالم يكن لهم فيه نص من كتاب أو سنةإن علموا أن مقاصد الشريعة تسعه، ونصوصها لا تأباه.فإن قال قائل: إن ذلك جائز في حياته صلى الله عليهوسلم لأنه سيعلمه إما بإخبارهم أو بوحي من الله تعالى، فإن كان هدىً أقره،وإن كان ضلالة رده، أما بعد حياته صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي فذلكغير جائز.قلنا: إن من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من أحدثأشياء ليس له فيها نص بعينها، وهو يعلم أنه لن يرى رسول الله صلى اللهعليه وسلم من بعد لينظر فيما فعل أهو سنة حسنة أم بدعة ضلالة، ومن ذلكصلاة سيدنا خبيب بن عدي رضي الله عنه ركعتين قبل أن يقتل حيث جاء في حديثالبخاري: فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبراً.قال الدكتور محمود عبود هرموش في كتابه (البدعة وأثرها في اختلاف الأمة): وفي هذا تصريح واضح بأن خبيباً اجتهد فيتوقيت العبادة ولم يسبق من الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر ولا فعل، وهوعلم أنه سيموت قبل أن يعرض عمله هذا على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعذلك أقدم على هذا العمل وهو يعلم أنه لن يرى رسول الله صلى الله عليهوسلم، فلو أراد أحد إيقاع الصلاة في غير أوقات الكراهة التي نهى الشارع عنإيقاع الصلاة فيها، فإن هذا الفعل يكون من قبيل السنة الحسنة، وأما منيوقعها في أوقات النهي فإن فعله يكون من قبيل البدعة المذمومة لكونها وقعتمخالفة لهديه وسنته صلى الله عليه وسلم.انتهى.أقول:فهل مات سيدناخبيب ضالاً مبتدعاً بإحداثه هاتين الركعتين قبل أن يعلم بأمره رسول اللهصلى الله عليه وسلم ويقره عليهما؟!! حاشا وكلا، بل هو المؤمن الصالحوالشهيد الكريم الــذي رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامه فقال: »وعليك السلام يا خبيب قتلته قريش« ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا كان قد انتقل إلى الرفيق الأعلى وانقطع الوحي، فإن نصوص القرآن والسنةما زالت موجودة محفوظة ولله الحمد، وما زالت قواعد الشرع الحنيف ومقاصدهقائمة معلومة يعرض عليها كل محدث وجديد، فإن قبل في ميزانها كان بدعةحسنة، وإلا فهو بدعة ضلالة نبرأ إلى الله منها، ولسنا ندعي حسن البدعة دونضوابط وقواعد وعرض على الكتاب والسنة، بل لذلك شروط وقواعد لابد منهاسنعرض لها إن شاء الله تعالى في خاتمة بحثنا. والله الموفق ولمن أراد معرفة المزيد حول هذه النقطة فعليه بتحميل كتاب ( البدعة الحسنة أصل من أصول التشريع ) للشيخ عيسى بن عبدالله بن محمد بن مانع الحميري الكتاب في المرفقات
الملفات المرفقة
عدل سابقا من قبل حسن رجب في الجمعة يوليو 02, 2010 9:39 pm عدل 2 مرات | |
|
ذات النطاقين مشرف عام
تاريخ التسجيل : 03/06/2010
| موضوع: رد: مفهوم السنة الجمعة يونيو 25, 2010 2:00 am | |
| | |
|
حسن رجب المدير العام
تاريخ التسجيل : 12/03/2010
| موضوع: رد: مفهوم السنة الجمعة يوليو 02, 2010 9:41 pm | |
| | |
|
ابراهيم عيسى إدارة عامة
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: رد: مفهوم السنة الجمعة أكتوبر 29, 2010 12:49 am | |
| | |
|
شمس الزناتى مشرف
تاريخ التسجيل : 30/08/2010
| موضوع: رد: مفهوم السنة الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 4:47 am | |
| | |
|
اوتااااااااااار مشرف
تاريخ التسجيل : 13/06/2010
| موضوع: رد: مفهوم السنة الجمعة نوفمبر 05, 2010 3:22 pm | |
| | |
|
حسن رجب المدير العام
تاريخ التسجيل : 12/03/2010
| موضوع: رد: مفهوم السنة الإثنين نوفمبر 08, 2010 7:12 pm | |
| | |
|
حسن رجب المدير العام
تاريخ التسجيل : 12/03/2010
| موضوع: رد: مفهوم السنة الإثنين نوفمبر 08, 2010 7:32 pm | |
| | |
|
حسن رجب المدير العام
تاريخ التسجيل : 12/03/2010
| موضوع: رد: مفهوم السنة الإثنين نوفمبر 08, 2010 7:33 pm | |
| | |
|