قد يستعمل كلمة في موطن ثم يستعملها في موطن آخر مُبدلاً فيها حرف، وذلك نحو مكّة وبكّة واللاتي واللائي وبصطة وبسطة ونحوها وكل ذلك لغرض.
فقد قال تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران)
وقال (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) الفتح)
فقال في آية آل عمران (بكّة) وقال في الفتح (مكّة) وسبب إيرادها بالباء في آل عمران أن الآية في سياق الحج (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فجاء بالاسم (بكّة) من لفظ (البكّ) الدّال على الزحام لأنه في الحج يبكُّ الناس بعضهم بعضاً أي يزحم بعضهم بعضاً، وسُميت (بكّة) لأنهم يزدحمون فيها انظر "مفردات الراغب 57".
وليس السياق كذلك في آية الفتح بالاسم المشهور لها – أعني (مكة) بالميم – فوضع كل لفظ في السياق الذي يقتضيه والله أعلم (التعبير القرآني 156).