الفوائد المتبادلة 2010
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى يجمع علومك ليبلغها و يجمع علوم غيرك لتتعلمها
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولمركز تحميل لرفع الصور

 

 خواطر الشيخ الشعراوى

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم عيسى
إدارة عامة
إدارة عامة
ابراهيم عيسى


تاريخ التسجيل : 18/03/2010

خواطر الشيخ الشعراوى Empty
مُساهمةموضوع: خواطر الشيخ الشعراوى   خواطر الشيخ الشعراوى Emptyالثلاثاء نوفمبر 02, 2010 1:34 am

خواطر في قوله تعالى (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) في سورة الإسراء
{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا "23"} (سورة الإسراء)


بعد أن وجهنا الله تعالى إلى القضية العقدية الكبرى: {لا تجعل مع الله إلهاً آخر .. "22" } (سورة الإسراء) أراد سبحانه أن يبين لنا أن العقيدة والإيمان لا يكتملان إلا بالعمل، فلا يكفي أن تعرف الله وتتوجه إليه، بل لابد أن تنظر فيما فرضه عليك، وفيما كلفك به؛ لذلك كثيراً ما نجد في آيات الكتاب الكريم الجمع بين الإيمان والعمل الصالح، كما في قوله تعالى: {والعصر "1" إن الإنسان لفي خسر "2" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر "3" } (سورة العصر) لأن فائدة الإيمان وثمرته العمل الصالح، ومادمت ستسلك هذا الطريق فانتظر مواجهة أهل الباطل والفساد والضلال، فإنهم لن يدعوك ولن يسالموك، ولابد أن تسلح نفسك بالحق والقوة والصبر، لتستطيع مواجهة هؤلاء.
ودليل آخر على أن الدين ليس الإيمان القولي فقط، أن كفار مكة لم يشهدوا أن لا إله إلا الله، فلو كانت المسألة مسألة الإيمان بإله واحد وتنتهي القضية لكانوا قالوا وشهدوا بها، إنما هم يعرفون تماماً أن للإيمان مطلوباً، ووراءه مسئولية عملية، وأن من مقتضى الإيمان بالله أن تعمل بمراده وتأخذ بمنهجه. ومن هنا رفضوا الإيمان بإله واحد، ورفضوا الانقياد لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي جاء ليبلغهم مراد الله تعالى، وينقل إليهم منهجه، فمنهج الله لا ينزل إلا على رسول يحمله ويبلغه للناس، كما قال تعالى:
{وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم "51"} (سورة الشورى)

وهاهي أول الأحكام في منهج الله:
{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه .. "23"} (سورة الإسراء)
وقد آثر الحق سبحانه الخطاب بـ(ربك) على لفظ (الله)؛ لأن الرب هو الذي خلقك ورباك، ووالى عليك بنعمه، فهذا اللفظ أدعى للسمع والطاعة، حيث يجب أن يخجل الإنسان من عصيان المنعم عليه وصاحب الفضل.
{وقضى ربك .. "23" }(سورة الإسراء) الخطاب هنا موجه إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو الذي بلغ المرتبة العليا في التربية والأدب، وهي تربية حقة؛ لأن الله تعالى هو الذي رباه، وأدبه احسن تأديب. وفي الحديث الشريف: "أدبني ربي فأحسن تأديبي".
قضى: معناها: حكم؛ لأن القاضي هو الذي يحكم، ومعناها أيضاً: أمر، وهي هنا جامعة للمعنيين، فقد أمر الله ألا تعبدوا إلا إياه أمراً مؤكداً، كأنه قضاء وحكم لازم. وقد تأتي قضى بمعنى: خلق. كما في قوله تعالى:
{فقضاهن سبع سنواتٍ .. "12" } (سورة فصلت) وتأتي بمعنى: بلغ مراده من الشيء، كما في قوله تعالى: {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها .. "37" } (سورة الأحزاب) وقد تدل على انتهاء المدة كما في: {فلما قضى موسى الأجل .. "29" } (سورة القصص)وتأتي بمعنى: أراد كما في: {فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون "68" } (سورة غافر)

إذن: قضى لها معانٍ متعددة، لكن تجتمع كلها لتدل على الشيء اللازم المؤكد الذي لا نقص فيه. وقوله:
{ألا تعبدوا إلا إياه .. "23"} (سورة الإسراء)
العبادة: هي إطاعة آمر في أمره ونهيه، فتنصاع له تنفيذاً للأمر، واجتناباً للنهي، فإن ترك لك شيئاً لا أمر فيه ولا نهي فاعلم أنه ترك لك الاختيار، وأباح لك: تفعل أو لا تفعل. لذلك، فالكفار الذين عبدوا الأصنام والذين أتوا بها حجارة من الصحراء، وأعملوا فيها المعاول والأدوات لينحتوها، وتكسرت منهم فعالجوها، ووقعت فأقاموها، وهم يرون كم هي مهينة بين أيديهم لدرجة أن أحدهم رأى الثعلب يبول برأس أحد الأصنام فقال مستنكراً حماقة هؤلاء الذين يعبدونها: أرب يبــول الثعلـب برأســه لقد ذل من بات عليه الثعالب
فإذا ما تورطوا في السؤال عن آلهتهم هذه قالوا: إنها لا تضر ولا تنفع، وما نعبدها إلا ليقربونا إلى الله زلفى، كيف والعبادة طاعة أمر واجتناب نهي. فبأي شيء أمرتكم الأصنام؟ وعن أي شيء نهتكم؟! إذن: كلامكم كذاب في كذب. وفي قوله تعالى:
{ألا تعبدوا إلا إياه .. "23"} (سورة الإسراء) أسلوب يسمونه أسلوب قصر، يفيد قصر العبادة وإثباتها لله وحده، بحيث لا يشاركه فيها أحد. فلو قالت الآية: وقضى ربك أن تعبدوه .. فلقائل أن يقول: ونعبد غيره لأن باب العطف هنا مفتوح لم يغلق، كما لو قلت: ضربت فلاناً وفلاناً وفلاناً .. هكذا باستخدام العطف. إنما لو قلت، ما ضربن إلا فلاناً فقد أغلقت باب العطف.
إذن: جاء التعبير بأسلوب القصر ليقول: اقصروا العبادة عليه سبحانه، وانفوها عن غيره. ثم ينقلنا الحق سبحانه إلى التكليف والأمر الثاني بعد عبادته:
{وبالوالدين إحساناً .. "23" } (سورة الإسراء) وقد قرن الله تعالى بين عبادته وبين الإحسان إلى الوالدين في آيات كثيرة، قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا .. "36"} (سورة النساء) وقال: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا .. "151"} (سورة الأنعام) وقال: {ووصينا الإنسان بوالديه حسناً .. "8"} (سورة العنكبوت)
لكن، لماذا قرن الله تعالى بين عبادته وبين الإحسان إلى الوالدين؟ أتريد أن نقرب الأولى بالثانية، أم نقرب الثانية بالأولى؟
نقول: لا مانع أن يكون الأمران معاً؛ لأن الله تعالى غيب، والإيمان به يحتاج إلى إعمال عقل وتفكير، لكن الوالدين بالنسبة للإنسان أمر حسي، فهما سر وجوده المباشر، وهما ربياه ووفرا له كل متطلبات حياته، وهما مصدر العطف والحنان. إذن: التربية والرعاية في الوالدين محسة، أما التربية والرعاية من الله فمعقولة، فأمر الله لك بالإحسان إلى الوالدين دليل على وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، فهو سبحانه الذي خلقك، وهو سبب وجودك الأول، وهو مربيك وصاحب رعايتك، وصاحب الفضل عليك قبل الوالدين، وهل رباك الوالدان بما أوجداه هما، أما بما أوجده الله سبحانه؟ إذن: لابد أن يلتحم حق الله بحق الوالدين، وأن نأخذ أحدهما دليلاً على الآخر. ونلاحظ أن الحق تبارك وتعالى حين أمرنا بعبادته جاء بأسلوب النفي:
{ألا تعبدوا .. "23" } (سورة الإسراء)
يعني نهانا أن نعبد غيره سبحانه، أما حين تكلم عن الوالدين فلم يقل مثلاً: لا تسيئوا للوالدين، فيأتي بأسلوب نفي كسابقه، لماذا؟
قالوا: لأن فضل الوالدين واضح لا يحتاج إلى إثبات، ولا يحتاج إلى دليل عقلي، وقولك: لا تسيئوا للوالدين يجعلهما مظنة الإساءة، وهذا غير وارد في حقهما، وغير متصور منهما، وأنت إذا نفيت شيئاً عن من لا يصح أن ينفي عنه فقد ذممته، كأن تنفي عن أحد الصالحين المشهورين بالتقوى والورع، تنفي عنه شرب الخمر مثلاً فهل هذا في حقه مدح أم ذم؟ لأنك ما قلت: إن فلاناً لا يشرب الخمر إلا إذا كان الناس تظن فيه ذلك. ومن هنا قالوا: نفي العيب عمن لا يستحق العيب عيب. إذن: لم يذكر الإساءة هنا؛ لأنها لا ترد على البال، ولا تتصور من المولود لوالديه.
وبعد ذلك، ورغم ما للوالدين من فضل وجميل عليك فلا تنس أن فضل الله عليك أعظم؛ لأن والديك قد يلدانك ويسلمانك إلى الغير، أما ربك فلن يسلمك إلى أحد.

وقوله تعالى: {إحساناً .. "23" } (سورة الإسراء) كأنه قال: أحسنوا إليهم إحساناً، فحذف الفعل وأتى بمصدره للتأكيد. وقوله تعالى: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً "23" } (سورة الإسراء) الحق سبحانه وتعالى حينما يوصينا بالوالدين، مرة تأتي الوصية على إطلاقها، كما قال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها .. "15" } (سورة الأحقاف) ومرة يعلل لهذه الوصية، فيقول: {حملته أمه وهناً على وهن .. "14" } (سورة لقمان) والذي يتأمل الآيتين السابقتين يجد أن الحق سبحانه ذكر العلة في بر الوالدين، والحيثيات التي استوجبت هذا البر، لكنها خاصة بالأم، ولم تتحدث أبداً عن فضل الأب، فقال: {حملته أمه وهناً على وهن .. "14" } (سورة لقمان) فأين دور الأب؟ وأين مجهوداته طوال سنين تربية الأبناء؟ المتتبع لآيات بر الوالدين يجد حيثية مجملة ذكرت دور الأب والأم معاً في قوله تعالى: {كما ربياني صغيراً .. "24" } (سورة الإسراء) لكن قبل أن يربي الأب، وقبل أن يبدأ دوره كان للأم الدور الأكبر؛ لذلك حينما تخاصم الأب والأم لدى القاضي على ولد لهما، قالت الأم: لقد حمله خفا وحملته ثقلاً، ووضعه شهوة ووضعته كرهاً. لذلك ذكر القرآن الحيثيات الخاصة بالأم؛ لأنها تحملتها وحدها لم يشاركها فيها الزوج؛ ولأنها حيثيات سابقة لإدراك الابن فلم يشعر بها، فكأنه سبحانه وتعالى أراد أن يذكرنا بفضل الأم الذي لم ندركه ولم نحس به. وذلك على خلاف دور الأب فهو محسوس ومعروف للابن، فأبوه الذي يوفر له كل ما يحتاج إليه، وكلما طلب شيئاً قالوا: حينما يأتي أبوك، فدور الأب ـ إذن ـ معلوم لا يحتاج إلى بيان. والآية هنا أوصت بالوالدين في حال الكبر، فلماذا خصت هذه الحال دون غيرها؟ قالوا: لأن الوالدين حال شبابهما وقوتهما ليسا مظنة الإهانة والإهمال، ولا مجال للتأفف والتضجر منهما، فهما في حال القوة والقدرة على مواجهة الحياة، بل العكس هو الصحيح نرى الأولاد في هذه الحال يتقربون للآباء، ويتمنون رضاهما، لينالوا من خيرهما. لكن حال الكبر، ومظهر الشيخوخة هو مظهر الإعالة والحاجة والضعف، فبعد أن كان معطياً أصبح آخذاً، وبعد أن كان عائلاً أصبح عالة. لذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم في حديث الآمينات والمراغم، وكان على المنبر، فسمعه الصحابة يقول: آمين. ثم سكت برهة. وقال: آمين وسكت. ثم قال: آمين. فلما نزل قالوا: يا رسول الله سمعناك تقول: آمين ثلاثاً. فقال: جاءني جبريل فقال: رغم أنف من ذكرت عنده ولم يصل عليك، قل: آمين. فقلت: آمين، ورغم أنفس من أدرك رمضان فلم يغفر له، قل: آمين. فقلت: آمين، ورغم أنف من أدرك والديه ـ أو أحدهما فلم يدخل بهما الجنة، قل: آمين. فقلت: آمين" فخص الحق سبحانه حال الكبر، لأنه حال الحاجة وحال الضعف؛ لذلك قال أحد الفلاسفة: خير الزواج مبكره، فلما سئل قال: لأنه الطريق الوحيد لإنجاب والد يعولك في طفولة شيخوختك، وشبه الشيخوخة بالطفولة لأن كليهما في حال ضعف وحاجة للرعاية والاهتمام. وصدق الحق سبحانه حين قال: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة .. "54" } (سورة الروم) فمن تزوج مبكراً فسوف يكون له من أولاده من يعينه ويساعده حال كبره.

والمتأمل في قوله تعالى: {إما يبلغن عندك الكبر .. "23"} (سورة الإسراء) لم تأت صفة الكبر على إطلاقها، بل قيدها بقوله: (عندك) فالمعنى: ليس لهما أحد غيرك يرعاهما، لا أخ ولا أخت ولا قريب يقوم بهذه المهمة، ومادام لم يعد لهما غيرك فلتكن على مستوى المسئولية، ولا تتنصل منها؛ لأنك أولى الناس بها. ويمتد البر بالوالدين إلى ما بعد الحياة بالاستغفار لهما، وإنجاز ما أحدثاه من عهد، ولم يتمكنا من الوفاء به، وكذلك أن نصل الرحم التي لا توصل إلا بهما من قرابة الأب والأم، ونصل كذلك أصدقاءهما وأحبابهما ونودهم.

وقد كان صلى الله عليه وسلم يود صاحبات السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ وكان يستقبلهن ويكرمهن. وانظر إلى سمو هذا الخلق الإسلامي، حينما يعدي هذه المعاملة حتى إلى الكفار، فقد جاءت السيدة أسماء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله في أمها التي أتتها. وأظهرت حاجة مع أنها كافرة، فقال لها: "صلي أمك". بل واكثر من ذلك، إن كان الوالدان كافرين ليس ذلك فحسب بل ويدعوان الابن إلى الكفر، ويجاهدانه عليه، ومع هذا كله يقول الحق سبحانه: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا .. "15" } (سورة لقمان) فهذه ارتقاءات ببر الوالدين توضح عظمة هذا الدين ورحمة الخالق سبحانه بالوالدين حتى في حال كفرهما ولددهما في الكفر.
ويرى أن خليل الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ جاءه ضيف بلبل، وأراد أن ينزل في ضيافته، فسأله إبراهيم ـ عليه السلام ـ عن دينه فقال: مجوسي فأعرض عنه وتركه يذهب. فسرعان ما أوحى الحق سبحانه إلى إبراهيم معاتباً إياه في أمر هذا الضيف: يا إبراهيم لقد وسعته في لمكي أعواماً عديدة، أطعمه وأسقيه وأكسوه وهو كافر بي، وأنت تعرض عنه وتريد أن تغير دينه من أجل ليلة يبيتها عندك، فأسرع الخليل خلف الضيف حتى لحق به، وحكى له ما حدث، فقال الرجل. نعم الرب رب يعاتب أحبابه في أعدائه، وشهد أن لا إله إلا الله، وأن إبراهيم رسول الله. وقد رأى المستشرقون لضيق أفقهم وقلة فقههم لأسلوب القرآن الكريم، رآوا تناقضاً بين قوله تعالى:
{وصاحبهما في الدنيا معروفا .. "15" } (سورة لقمان) وبين قوله تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم .. "22" } (سورة المجادلة) فكيف يأمر القرآن بمصاحبة الوالدين وتقديم المعروف لهما، في حين ينهي عن مودة من حاد الله ورسوله؟ ولو فهم هؤلاء معطيات الأسلوب العربي الذي جاء به القرآن لعلموا أن المعروف غير الود؛ لأن المعروف يصنعه الإنسان مع من يحب، ومع من يكره، مع المؤمن ومع الكافر، تطعمه إذا جاع، وتسقيه إذا عطش، وتستره إن كان عرياناً، أما المودة فلا تكون إلا لمن تحب؛ لأنها عمل قلبي. وقوله تعالى: {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً "23"} (سورة الإسراء) وهذا توجيه وأدب إلهي يراعي الحالة النفسية للوالدين حال كبرهما، وينصح الأبناء أن يكونوا على قدر من الذكاء والفطنة والأدب والرفق في التعامل مع الوالدين في مثل هذا السن. الوالد بعد أن كان يعطيك وينفق عليك أصبح الآن محتاجاً إليك، بعد أن كان قوياً قادراً على السعي والعمل أصبح الآن قعيد البيت أو طريح الفراش، إذن: هو في وضع يحتاج إلى يقظة ولباقة وسياسة عالية، حتى لا نجرح مشاعره وهي مرهفة في هذا الحال.


وتأمل قول الله تعالى: {فلا تقل لهما أفٍ .. "23" } (سورة الإسراء) وهي لفظة بسيطة أقل ما يقال، وهذه لفظة قسرية تخرج من صاحبها قهراً دون أن تمر على العقل والتفكير، وكثيراً ما نقولها عند الضيق والتبرم من شيء، فالحق سبحانه يمنعك من هذا التعبير القسري، وليس الأمر الاختياري. و(أف) اسم فعل مضارع بمعنى: أتضجر، وهذه الكلمة تدل على انفعال طبيعي، ولكن الحق سبحانه يحذرك منه، ويأمرك بأن تتمالك مشاعرك، وتتحكم في عواطفك، ولا تنطق بهذه اللفظة. ومعلومة أنه سبحانه إذا نهاني عن هذه فقط نهاني عن غيرها من باب أولى، ومادامت هي أقل لفظة يمكن أن تقال. إذن: نهاني عن القول وعن الفعل أيضاً. ثم أكد هذا التوجيه بقوله: {ولا تنهرهما .. "23" } (سورة الإسراء)

والنهر هو الزجر بقسوة، وهو انفعال تالٍ للتضجر وأشد منه قسوة، وكثيراً ما نرى مثل هذه المواقف في الحياة، فلو تصورنا الابن يعطي والده كوباً من الشاي مثلاً فارتعشت يده فأوقع الكوب فوق سجادة ولده الفاخرة، وسريعاً ما يتأفف الابن لما حدث لسجادته، ثم يقول للوالد من عبارات التأنيب ما يؤلمه ويجرح مشاعره. إذن: كن على حذر من التأفف، ومن أن تنهر والديك، كن على حذر من هذه الألفاظ التي تسبق إلى اللسان دون فكر، ودون تعقل. ثم بعد أن هذا النهي المؤكد يأتي أمر جديد ليؤكد النهي السابق:
{وقل لهما قولا كريماً "23"} (سورة الإسراء)


وفي هذا المقام تروى قصة الشاب الذي أوقع أبوه إناء الطعام على ثيابه، فأخذ الولد يلعق الطعام الذي وقع على ثوبه وهو يقول لوالده: أطعمك الله كما أطعمتني، فحول الإساءة إلى جميل يحمد عليه. والآخر الذي ذهب يتمرغ تحت أقدام أمه، فقال له: كفى يا بني، فقال: إن كنت تحبينني حقاً فلا تمنعيني من عمل يدخلني الجنة. والقول الكريم هنا نوع من التصرف واللباقة في معاملة الوالدين خاصة حال الشيخوخة التي قد تقعد صاحبها، أو المرض الذي يحتاج إلى مساعدة الغير، والأولاد هم أولى الناس بإعالة الوالدين في هذه الظروف، حيث سيبدو من الإنسان ما لا يصح الإطلاع عليه إلا لأولاده وأقرب الناس إليه. وهب أن الوالد المريض أو الذي بلغ من الكبر عتياً يريد أن يقضي حاجته، ويحتاج لمن يحمله ويقعده ويريحه، وينبغي هنا أن يقول الابن لأبيه: هون عليك يا والدي، وأعطني فرصة أرد لك بعض جميلك علي، فلكم فعلت معي أكثر من هذا. وهو مع ذلك يكون محباً لوالده، رفيقاً به، حانياً عليه لا يتبرم به، ولا يتضجر منه، هذا هو القول الكريم الذي ينتقيه الأبناء في المواقف المختلفة. فمثلاً: قد يزورك أبوك في بيتك وقد يحدث منه أن يكسر شيئاً من لوازم البيت، فتقول له في هذا الموقف: فداك يا والدي، أو تقول: لا عليك لقد كنت أفكر في شراء واحدة أحدث منها. أو غيره من القول الكريم الذي يحفظ للوالدين كرامتهما، ولا يجرح شعورهما.
وكثيراً ما يأتي المرض مع كبر السن، فترى الوالد طريح الفراش أو مشلولاً ـ عافنا الله وإياكم ـ لذلك فهو في أمس الحاجة لمن يخفف عنه ويواسيه، ويفتح له باب الأمل في الشفاء ويذكره أن فلاناً كان مثله وشفاه الله، وفلاناً كان مثله وأخذ الله بيده، وهو الآن بخير، وهكذا. ومع هذا، كن على ذكر لفضل الوالدين عليك، ولا تنس ما كان عندهما حال طفولتك من عاطفة الحب لك والحنان عليك، وأن الله تعالى جعل هذه العاطفة الأبوية تقوى مع ضعفك، وتزيد مع مرضك وحاجتك، فترى الابن الفقير محبوباً عن أخيه الغني، والمريض أو صاحب العاهة محبوباً عن الصحيح، والغائب محبوباً عن الحاضر، والصغير محبوباً عن الكبير، وهكذا على قدر حاجة المربي يكون حنان المربي.
إذن: نستطيع أن نأخذ من هذا إشارة دقيقة يجب ألا نغفل عنها، وهي: إن كان بر الوالدين واجباً عليك في حال القوة والشباب والقدرة، فهو أوجب حال كبرهما وعجزهما، أو حال مرضهما.
ثم يرشدنا الحق سبحانه إلى حسن معاملة الوالدين، فيقول: (
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا "24" )
(واخفض): الخفض ضد الرفع. (جناح الذل): الطائر معروف أنه يرفع جناحه ويرفرف به، إن أراد أن يطير، ويخفضه إن أراد أن يحنو على صغاره، ويحتضنهم ويغذيهم.
وهذه صورة محسة لنا، يدعونا الحق سبحانه وتعالى أن نقتدي بها، وأن نعامل الوالدين هذه المعاملة، فنحنو عليهم، ونخفض لهم الجناح، كناية عن الطاعة والحنان والتواضع لهما، وإياك أن تكون كالطائر الذي يرفع جناحيه ليطير بهما متعالياً على غيره. وكثيراً ما يعطينا الشرع الحكيم أمثلة ونماذج للرأفة والرحمة في الطيور، ويجعلها قدوة لنا بني البشر. والذي يرى الطائر يحتضن صغاره تحت جناحه، ويزقهم الغذاء يرى عجباً، فالصغار لا يقدرون على مضغ الطعام وتكسيره، وليس لديهم اللعاب الذي يناولانهم غذاءهم جاهزاً يسهل بلعه، وإن تيسر لك رؤية هذا المنظر فسوف ترى الطائر وفراخه يتراصون فرحة وسعادة. إذن: قوله تعالى:
{جناح الذل .. "24" } (سورة الإسراء)

كناية عن الخضوع والتواضع، والذل قد يأتي بمعنى القهر والغلبة، وقد يأتي بمعنى العطف والرحمة، يقول تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين .. "54"} (سورة المائدة) فلو كان الذلة هنا بمعنى القهر لقال: أذلة للمؤمنين، ولكن المعنى: عطوفين على المؤمنين. وفي المقابل {أعزة على الكافرين .. "54" } (سورة المائدة) أي: أقوياء عليهم قاهرين لهم. وفي آية أخرى يقول تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم .. "29" } (سورة الفتح) لأن الخالق سبحانه لم يخلق الإنسان رحيماً على الإطلاق ولا شديداً على الإطلاق، بل خلق في المؤمن مرونة تمكنه أن يتكيف تبعاً للمواقف التي يمر بها، فإن كان على الكافر كان عزيزاً، وإن كان على المؤمن كان ذليلاً متواضعاً.
ونرى وضوح هذه القضية في سيرة الصديق أبي بكر والفاروق عمر رضي الله عنهما، وقد عرف عن الصديق اللين ورقة القلب والرحمة، وعرف عن عمر الشدة في الحق والشجاعة والقوة، فكان عمر كثيراً ما يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تصادم بأحد المعاندين: "إئذن لي يا رسول الله أضرب عنقه".
وعندما حدثت حروب الردة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كان لكل منهما موقف مغاير لطبيعته، فكان من رأي عمر ألا يحاربهم في هذه الفترة الحرجة من عمر الدعوة، في حين رأى الصديق محاربتهم والأخذ على أيديهم بشدة حتى يعودوا إلى ساحة الإسلام، ويذعنوا لأمر الله تعالى فقال: "والله، لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله لجالدتهم عليه بالسيف، والله لو لم يبق إلا الزرع".


وقد جاء هذا الموقف من الصديق والفاروق لحكمة عالية، فلو قال عمر مقالة أبي بكر لكان شيئاً طبيعياً ينسب إلى شدة عمر وجرأته، لكنه أتى من صاحب القلب الرحيم الصديق ـ رضي الله عنه ـ ليعرف الجميع أن الأمر ليسد للشدة لذاتها، ولكن للحفاظ على الدين والدفاع عنه. وكأن الموقف هو الذي صنع أبا بكر، وتطلب منه هذه الشدة التي تغلبت على طابع اللين السائد في أخلاقه. فيقول تعالى: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة .. "24" } (سورة الإسراء) إذن: الذلة هنا ذلة تواضع ورحمة بالوالدين، ولكن رحمتك أنت لا تكفي، فعليك أن تطلب لهما الرحمة الكبرى من الله تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً "24" } (سورة الإسراء) لأن رحمتك بهما لا تفي بما قدموه لك، ولا ترد لهما الجميل، وليس البادئ كالمكافئ، فهم أحسنوا إليك بداية وأنت أحسنت إليهما رداً؛ لذلك ادع الله أن يرحمهما، وأن يتكفل سبحانه عنك برد الجميل، وأن يرحمهما رحمة تكافئ إحسانهما إليك. وقوله تعالى: {كما ربياني .. "24" } (سورة الإسراء)
كما: قد تفيد التشبيه، فيكون المعنى: ارحمهما رحمة مثل رحمتهما بي حين ربياني صغيراً. أو تفيد التعليل: أي ارحمهما لأنهما ربياني صغيراً، كما قال تعالى:
{واذكروه كما هداكم .. "198" } (سورة البقرة) و(ربياني) هذه الكلمة أدخلت كل مرب للإنسان في هذا الحكم، وإن لم يكن من الوالدين، لأن الولد قد يربيه غير والديه لأي ظرف من الظروف، والحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً، فإن رباك غير والديك فلهما ما للوالدين من البر والإحسان وحسن المعاملة والدعاء. وهذه بشرى لمن ربى غير ولده، ولاسيما إن كان المربي يتيماً، أو في حكم اليتيم. وفي: {ربياني صغيراً "24" } (سورة الإسراء)
اعتراف من الابن بما للوالدين من فضل عليه وجميل يستحق الرد. وبعد ذلك يأتي الحق سبحانه في تذييل هذا الحكم بقضية تشترك فيها معاملة الابن لأبويه مع معاملته لربه عز وجل، فيقول تعالى:
(ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا "25" )وقد سبق أن تكلمنا عن الإيمان والنفاق، وقلنا: إن المؤمن منطقي مع نفسه؛ لأنه آمن بقلبه ولسانه، وأن الكافر كذلك منطقي لأنه كفر بقلبه ولسانه، أما المنافق فغير منطقي مع نفسه؛ لأنه آمن بلسانه وجحد بقلبه.
وهذه الآية تدعونا إلى الحديث عن النفاق؛ لأنه ظاهرة من الظواهر المصاحبة للإيمان بالله، وكما نعلم فإن النفاق لم يظهر في مكة التي صادمت الإسلام وعاندته، وضيقت عليه، بل ظهر في المدينة التي احتضنت الدين، وانساحت به في شتى بقاع الأرض، وقد يتساءل البعض: كيف ذلك؟ نقول: النفاق ظاهرة صحية إلى جانب الإيمان؛ لأنه لا ينافق إلا القوي، والإسلام في مكة كان ضعيفاً، فكان الكفار يجابهونه ولا ينافقونه، فلما تحول إلى المدينة اشتد عوده، وقويت شوكته وبدأ ضعاف النفوس ينافقون المؤمنين. لذلك يقول أحدهم: كيف وقد ذم الله أهل المدينة، وقال عنهم:
{ومن أهل المدينة مردوا على النفاق .. "101"} (سورة التوبة)

نقول: لقد مدح القرآن أهل المدينة بما لا مزيد عليه، فقال تعالى في حقهم:
{والذين تبوؤا الدار والإيمان .. "9" } (سورة الحشر) وكأنه جعل الإيمان محلاً للنازلين فيه. {يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .. "9"} (سورة الحشر)
فإن قال بعد ذلك:
{ومن أهل المدينة مردوا على النفاق .. "101"} (سورة التوبة) فالنفاق في المدينة ظاهرة صحية للإيمان؛ لأن الإيمان لو لم يكن قوياً في المدينة لما نافقه المنافقون. ومن هنا جعل الله المنافقين في الدرك الأسفل من النار، لأنه مندس بين المؤمنين كواحد منهم، يعايشهم ويعرف أسرارهم، ولا يستطيعون الاحتياط له، فهو عدو من الداخل يصعب تمييزه. على خلاف الكافر، فعداوته واضحة ظاهرة معلنة، فيمكن الاحتياط له وأخذ الحذر منه. ولكن لماذا الحديث عن النفاق ونحن بصدد الحديث عن عبادة الله وحده وبر الوالدين؟
الحق سبحانه وتعالى أراد أن يعطينا إشارة دقيقة إلى أن النفاق كما يكون في الإيمان بالله، يكون كذلك في بر الوالدين، فنرى من الأبناء من يبر أبويه نفاقاً وسمعة ورياءً، لا إخلاصاً لهما، أو اعترافاً بفضلهما، أو حرصاً عليهما. ولهؤلاء يقول تعالى:
{ربكم أعلم بما في نفوسكم .. "25" } (سورة الإسراء) لأن من الأبناء من يبر أبويه، وهو يدعو الله في نفسه أن يريحه منهما، فجاء الخطاب بصيغة الجمع: (ربكم) أي: رب الابن، ورب الأبوين؛ لأن مصلحتكم عندي سواء، وكما ندافع عن الأب ندافع أيضاً عن الابن، حتى لا يقع فيما لا تحمد عقباه. وقوله: {إن تكونوا صالحين .. "25" } (سورة الإسراء) أي: إن توفر فيكم شرط الصلاح، فسوف يجازيكم عليه الجزاء الأوفى. وإن كان غير ذلك وكنتم في أنفسكم غير صالحين غير مخلصين، فارجعوا من قريب، ولا تستمروا في عدم الصلاح، بل عودوا إلى الله وتوبوا إليه.


{فإنه كان للأوابين غفوراً "25"} (سورة الإسراء) والأوابون هم الذين اعترفوا بذنوبهم ورجعوا تائبين إلى ربهم. وقد سبق أن أوضحنا أن مشروعية التوبة من الله للمذنبين رحمة من الخالق بالخلق؛ لأن العبد إذا ارتكب سيئة في غفلة من دينه أو ضميره، ولم تشرع لها توبة لوجدنا هذه السيئة الواحدة تطارده، ويشقى بها طوال حياته، بل وتدعوه إلى سيئة أخرى، وهكذا يشقى به المجتمع. لذلك شرع الخالق سبحانه التوبة ليحفظ سلامة المجتمع وأمنه، وليثري جوانب الحياة فيه.
ثم يوسع القرآن الكريم دائرة القرابة القريبة وهي "الوالدان" إلى دائرة أوسع منها، فبعد أن حنّنه على والديه لفت نظره إلى ما يتصل بهما من قرابة في الآيات التالية في السورة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابراهيم عيسى
إدارة عامة
إدارة عامة
ابراهيم عيسى


تاريخ التسجيل : 18/03/2010

خواطر الشيخ الشعراوى Empty
مُساهمةموضوع: رد: خواطر الشيخ الشعراوى   خواطر الشيخ الشعراوى Emptyالثلاثاء نوفمبر 02, 2010 1:35 am


إحذروا خمسة أمور
واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا (سورة الإسراء 64 )

فقوله تعالى: {واستفزز من استطعت منهم بصوتك .. "64"} (سورة الإسراء)

هذا كما تستنهض ولدك الذي تكاسل، وتقول له: فز يعني انهض، وقم من الأرض التي تلازمها كأنها ممسكة بك، وكما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض .. "38" } (سورة التوبة)

فتقول للمتثاقل عن القيام: فز أي: قم وخف للحركة والقيام بإذعان. فالمعنى: استفزز من استطعت واستخفهم واخدعهم (بصوتك) بوسوستك أو بصوتك الشرير، سواء أكان هذا الصوت من جنودك من الأبالسة أمثالك، أو من جنودك من شياطين الإنس الذين يعاونوك ويساندونك. ثم يقول تعالى: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك .. "64"} (سورة الإسراء)

أجلب عليهم: صاح به، وأجلب على الجواد: صاح به راكبه ليسرع والجلبة هي: الصوت المزعج الشديد، وما أشبه الجلبة بما نسمعه من صوت جنود الصاعقة مثلاً أثناء الهجوم، أو من أبطال الكاراتيه. وهذه الأصوات مقصودة لإرهاب الخصم وإزعاجه، وأيضاً لأن هذه الصيحات تأخذ شيئاً من انتباه الخصم، فيضعف تدبيره لحركة مضادة، فيسل عليك التغلب عليه. وقوله تعالى: {بخيلك ورجلك .. "64"} (سورة الإسراء)

أي: صوت وصح بهم راكباً الخيل لتفزعهم، والعرب تطلق الخيل وتريد بها الفرسان، كما في الحديث النبوي الشريف: "يا خيل الله اركبي". وما أشبه هذا بما كنا نسميهم: سلاح الفرسان (ورجلك) من قولهم: جاء راجلاً. يعني: ماشياً على رجليه و(رجل) يعني على سبيل الاستمرار، وكأن هذا عمله وديدنه، فهي تدل على الصفة الملازمة، تقول: فلان رجل أي: دائماً يسير مترجلاً. مثل: حاذر وحذر، وهؤلاء يمثلون الآن "سلاح المشاة". ثم يقول تعالى: {وشاركهم في الأموال .. "64"} (سورة الإسراء)

فكيف يشاركهم أموالهم؟ بأن يزين لهم المال الحرام، فيكتسبوا من الحرام وينفقوا في الحرام (والأولاد) المفروض في الأولاد طهارة الأنساب، فدور الشيطان أن يفسد على الناس أنسابهم، ويزين لهم الزنا، فيأتون بأولاد من الحرام. أو: يزين لهم تهويد الأولاد، أو تنصيرهم، أو يغريهم بقتل الأولاد مخافة الفقر أو غيره، هذا من مشاركة الشيطان في الأولاد. وقوله تعالى (وعدهم) أي: منيهم بأمانيك الكاذبة، كما قال سبحانه في آية أخرى:

{الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم "268"} (سورة البقرة)

وقوله: {وما يعدهم الشيطان إلا غرورا "64"} (سورة الإسراء)

أي: لا يستطيع أن يغر بوعوده إلا صاحب الغرة والغفلة، ومنها الغرور: أي يزين لك الباطل في صورة الحق فيقولون: غره. وأنت لا تستطيع أبداً أن تصور لإنسان الباطل في صورة الحق إلا إذا كان عقله قاصراً غافلاً؛ لأنه لو عقل وانتبه لتبين له الحق من الباطل، إنما تأخذه على غرة من فكره، وعلى غفلة من عقله. لذلك كثيراً ما يخاطبنا الحق سبحانه بقوله:

{أفلا تعقلون "60"} (سورة الأنعام)

{أفلا يتدبرون "82"} (سورة النساء)

وينادينا بقوله: {يا أولي الألباب .. "10"} (سورة الطلاق)

وهذا كله دليل على أهمية العقل، وحث على استعماله في كل أمورنا، فإذا سمعتم شيئاً فمرره على عقولكم أولاً، فما معنى أن يطلب الله منا ذلك؟ ولماذا يوقظ فينا دائماً ملكة التفكير والتدبر في كل شيء؟ لاشك أن الذي يوقظ فيك آلة الفكر والنقد التمييز، ويدعوك إلى النظر والتدبر واثق من حسن بضاعته، كالتاجر الصدوق الذي يبيع الجيد من القماش مثلاً، فيعرض عليك بضاعة في ثقة، ويدعوك إلى فحصها، وقد يشعل النار ليريك جودتها وأصالتها. ولو أراد الحق سبحانه أن يأخذنا هكذا على جهل وعمى ودون تبصر ما دعانا إلى التفكر والتدبر. وهكذا الشيطان لا يمنيك ولا يزين لك إلا إذا صادف منك غفلة، إنما لو كنت متيقظاً له ومستصحباً للعقل، عارفاً بحيله ما استطاع إليك سبيلاً، ومن حيله أن يزين الدنيا لأهل الغفلة ويقول لهم: إنها فرصة للمتعة فانتهزها وخذ حظك منها فلن تعيش مرتين، وإياك أن تصدق بالبعث أو الحساب أو الجزاء. وهذه وساوس لا يصدقها إلا من لديه استعداد للعصيان، وينتظر الإشارة مجرد إشارة فيطيع ويقع فريسة لوعود كاذبة، فإن كان يوم القيامة تبرأ إبليس من هؤلاء الحمقى، وقال: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي .. "22"} (سورة الإسراء)

إذن: في الآيتين السابقتين خمسة أوامر لإبليس: اذهب، استفزز، وأجلب، وشاركهم، وعدهم. وهذه الأوامر ليست لتنفيذ مضمونها، بل للتهديد ولإظهار عجزه عن الوقوف في وجه الدعوة، أو صد الناس عنها، وكان الحق سبحانه يقول له: افعل ما تريد ودبر ما تشاء، فلن توقف دعوة الله.

من تفسير الشيخ / محمد متولى الشعراوى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابراهيم عيسى
إدارة عامة
إدارة عامة
ابراهيم عيسى


تاريخ التسجيل : 18/03/2010

خواطر الشيخ الشعراوى Empty
مُساهمةموضوع: رد: خواطر الشيخ الشعراوى   خواطر الشيخ الشعراوى Emptyالثلاثاء نوفمبر 02, 2010 1:36 am

اللغة تدل على الوجود


فاللغة أساس التفاهم بين البشر، واللغة ليست بيئة ولا حضارة ولا جنسا ولا لونا، ولكنها تعتمد أساسا على السماع، فاذا سمع الانسان تكلم، واذا لم يسمع لا يتكلم، ولذلك تجد دائما أن الأصم الي لا يسمع أبكم لا ينطق، فيقال دائما: الصم والبكم، لأن أساس الكلام هو السماع.

ولكي نفهم هذه الحقيقة جيدا وهي أن اللغة لا علاقة لها الا بالسمع، نقول: اننا اذا أتينا بطفل عربي وأخذناه بعد ولادته الى بريطانيا مثلا، بحيث لا يسمع الا الانجليزية فاذا حاولت أن تتحدث معه باللغة العربية فانه لا يفهمك، مع أنه عربي الأصل، من أب وام عربيين، ولكنه لا يستطيع أن ينطق حرفا واحدا من اللغة العربية لأنه لم يسمعها، فاذا جئنا بطفل انجليزي وأخذناه الى بلاد العرب فانه سنيشأ وهو يتكلم اللغة العربية، ولا يعرف حرفا من الانجليزية، مع أنه من أصل انجليزي، واذا اتينا بطفل أفريقي وكررنا معه نفس المحاولة فسنحصل على نفس النتيجة، اذن فاللغة لا علاقة لها بالأصل ولا باللون ولا بأي شيء آخر غير السماع.



وآدم حين خلقه الله وخلق حواء، لا بد أنه كان بينهما طريقة للتفاهم والا كيف تفاهما؟

لا بد أنه كان بينهما لغة ما تفاهما بها، ثم جاء أولاد آدم فكان بين آدم وحواء وأولادهما لغة للتفاهم سجلها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في قوله تعالى: { واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق اذ قرّيا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين} المائدة 27.

اذن فالثابت يقينا من القرآن الكريم أنه كانت هناك وسيلة للكلام بين آدم وأولاده، واذا كنا قد اثبتنا بالدليل المادي أن الانسان لا يمكن أن يتكلم الا اذا كان قد سمع، وأن اللغة أساسها السماع، فلا بد أن آدم قد سمع حتى يستطيع أن يتكلم، فاذا قال لنا الله سبحانه وتعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} البقرة 31.

اذن فلا بد أن يكون آدم قد سمع الأسماء من الله سبحانه وتعالى، وبما أن السمع هو وسيلة النطق بالكلام، فكأن سماع آدم للأسماء من الله هو الذي علمه الكلام بدليل أن الله سبحانه وتعالى قال: { وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم، فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم اني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمونْ البقرة 31_33.

أي أن آدم تكلم وأنبأ الملائكة بالسماء التي علمها الله له، واذا كان آدم نطق وتكلم فلا بد أنه سمع من الله سبحانه، وحواء سمعت من آدم فتكلمت، وأولاد أدم وحواء سمعوا منهما فتكلموا.








هناك بعض الناس يقول: ان الانسان الأول لم يكن يتكلم، وانما كان يتفاهم بالاشارة ثم بعد ذلك تكلم، ونقول: ان هذا غير صحيح، لأن أي انسان لكي يتكلم لا بد أن يسمع أولا، فممن سمع أول انسان تكلم سواء كان آدم أو من بعده؟ ان الكلام لا يأتي الا بالسماع، والذين يتفاهمون بنفس الأسلوب، الا اذا سمعوا من غيرهم، حينئذ تبدأ عندهم ملكة الكلام، والصم والبكم الذين يعالجون من هذا الداء، اذا لم يسمعوا فلن يتكلموا.

فاذا قال أحدهم: ان البشر يتحدثون بلغات مختلفة ولهجات مختلفة، نقول: ان هذا دليل لنا وليس علينا أن اللغة مصدرها البيئة أو أي شيء آخر، وأن الكلام ليس صفة وراثية تولد مع الانسان ولكنها صفة سمعية فلا بد من السمع أولا.

وهكذا تعطينا القرائن كلها أن الله سبحانه وتعالى هو الذي علم البشرية الكلام بأن علم آدم الأسماء كلها، ولا يمكن أن تكون هناك بداية- علما ولا عقلا - الا هذه البداية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم.



من كتاب الآيا ت الكونية ودلالتها على وجود الله تعالى للداعية الشيخ محمد متولي الشعراوي

شرح رائع و قيم جداً للحروف التوفيقية التى بدأت بها بعض السور فى القرآن الكريم

من تفسير الشيخ الجليل محمد متولى الشعراوى رحمه الله
و أرجو كل من يعرف تفسير آخر لتلك الحروف القرآنية الكريمة أن يطلعنا عليه



ألر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين (الحجر 1)

والسورة كما نرى قد افتتحت بالحروف التوفيقية؛ والتي قلنا: إن جبريل عليه السلام نزل وقرأها هكذا؛ وحفظها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبلغها لنا صلى الله عليه وسلم هكذا؛ وهي قد نزلت أول ما نزلت على قوم برعوا في اللغة؛ وهم أهل فصاحة وبيان، ولم نجد منهم من يستنكرها.

وهي حروف مقطعة تنطق بأسماء الحروف لا مسمياتها، ونعلم أن كل حرف اسماً، وله مسمى؛ فحين نقول أو نكتب كلمة "كتب"؛ فنحن نضع حروفاً هي الكاف والباء والتاء بجانب بعضها البعض، لتكون الكلمة كما ننطقها أو نقرؤها. ويقال عن ذلك إنها مسميات الحروف، أما أسماء الحروف؛ فهي "كاف" و"باء" و"تاء". ولا يعرف أسماء الحروف إلا المتعلم؛ ولذلك حين تريد أن تختبر واحداً في القراءة والكتابة تقول له: تهج حروف الكلمة التي تكتبها، فإن نطق أسماء الحروف؛ عرفنا أنه يجيد القراءة والكتابة.

وهذا القرآن ـ كما نعلم ـ نزل معجزاً للعرب الذين نبغوا في اللغة، وكانوا يقيمون لها أسواقاً؛ مثل المعارض التي نقيمها نحن لصناعاتنا المتقدمة. ولذلك شاء الحق سبحانه أن تأتي معجزة الرسول الخاتم من جنس ما نبغوا فيه؛ فلو كانت المعجزة من جنس غير ما نبغوا فيه ولم يألفوه لقالوا: لو تعلمنا هذا الأمر لصنعنا ما يفوقه.

وجاءتهم معجزة القرآن من نفس الجنس الذي نبغوا فيه، وباللغة العربية وبنفس المفردات المكونة من الحروف التي تكونون منها كلماتكم، والذي جعل القرآن معجزاً أن المتكلم به خالق وليس مخلوقاً. وفي "الر" نفس الخامات التي تصنعون منها لغتكم.

وهذا بعض ما أمكن أن يلتقطه العلماء من فواتح السور. علينا أن نعلم أن لله في كلماته أسراراً؛ فهو سبحانه:

{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب .. "7"} (سورة آل عمران)

أي: أن القرآن به آيات محكمات، هي آيات الأحكام التي يترتب عليها الثواب والعقاب، أما الآيات المتشابهات فهي مثل تلك الآيات التي تبدأ بها فواتح بعض السور؛ ومن في قلوبهم زيغ يتساءلون: ما معناها؟ وهم يقولون ذلك لا بحثاً عن معنى؛ ولكن رغبة للفتنة.

ولهؤلاء نقول: أتريدون أن تفهموا كل شيء بعقولكم؟

إن العقل ليس إلا وسيلة إدراك؛ مثله مثل العين، ومثل الأذن. فهل ترى عيناك كل ما يمكن أن يرى؟ طبعاً لا؛ لأن للرؤية بالعين قوانين وحدوداً، فإن كنت بعيداً بمسافة كبيرة عن الشيء فلن تراه؛ ذلك أن العين لا ترى أبعد من حدود الأفق.

وكل إنسان يختلف أفقه حسب قوة بصره؛ فهناك من أنعم الله عليه ببصر قوي وحاد؛ وهناك من هو ضعيف البصر؛ ويحتاج إلى نظارة طبية تساعده على دقة الإبصار.

فإذا كانت للعين ـ وهي وسيلة إدراك المرائي ـ حدود، وإذا كانت للأذن، وهي وسيلة إدراك الأصوات بحد المسافة الموجية للصوت؛ فلابد أن تكون هناك حدود للعقل، فمنه ما يمكن أن تفهمه؛ وهناك ما لا يمكن أن تفهمه.

والرسول صلى الله عليه وسلم قال عن آيات القرآن: "ما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه منه فآمنوا به".

وذلك حفاظاً على مواقيت ومواعيد ميلاد أي سر من الأسرار المكنونة في القرآن الكريم فلو أن القرآن قد أعطى كل أسراره في أول قرن نزل فيه؛ فكيف يستقبل القرون الأخرى بدون سر جديد؟

إذن: فكلما ارتقى العقل البشري؛ كلما أذن الله بكشف سر من أسرار القرآن.

ولا أحد بقادر على أن يجادل في آيات الأحكام. ويقول الحق سبحانه عن الآيات المتشابهة:

{وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا .. "7"} (سورة آل عمران)

وهناك من يقرأ هذه الآية كالآتي: "وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم مـ" وتناسى من يقرأ تلك القراءة أن منتهى الرسوخ في العلم أن تؤمن بتلك الآيات كما هي. والحق سبحانه يقول: {آلر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين "1"} (سورة الحجر)

و(تلك) إشارة لما سبق ولما هو قادم من الكتاب، و(آيات) جمع "آية". وهي: الشيء العجيب الذي يلتفت إليه. والآيات إما أن تكون كونية كالليل والنهار والشمس والقمر لتثبت الوجود الأعلى، وإما أن تكون الآيات المعجزة الدالة على صدق البلاغ عن الله وهي معجزات الرسل، وإما أن تكون آيات القرآن التي تحمل المنهج للناس كافة. ويضيف الحق سبحانه: {وقرآن مبين "1"} (سورة الحجر)

فهل الكتاب هو شيء غير القرآن؟ ونقول: إن الكتاب إذا أطلق؛ فهو ينصرف إلى كل ما نزل من الله على الرسل؛ كصحف إبراهيم، وزبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى؛ وكل تلك كتب، ولذلك يسمونهم "أهل الكتاب".

أما إذا جاءت كلمة "الكتاب" معرفة بالألف واللام؛ فلا ينصرف إلا للقرآن، لأنه نزل كتاباً خاتماً، ومهيمناً على الكتب الأخرى.

وبعد ذلك جاء بالوصف الخاص وهو (قرآن)، وبذلك يكون قد عطف خاصاً على عام، فالكتاب هو القرآن، ودل بهذا على أنه سيكتب كتاباً، وكان مكتوباً من قبل في اللوح المحفوظ.

وإن قيل: إن الكتب السابقة قد كتبت أيضاً؛

فالرد هو أن تلك الكتب قد كتبت بعد أن نزلت بفترة طويلة، ولم تكتب مثل القرآن ساعة التلقي من جبريل عليه السلام، فالقرآن يتميز بأنه قد كتب في نفس زمن نزوله، ولم يترك لقرون كبقية الكتب ثم بدئ في كتابته.

والقرآن يوصف بأنه مبين في ذاته وبين لغيره؛ وهو أيضاً محيط بكل شيء. وسبحانه القائل:

{ما فرطنا في الكتاب من شيء .. "38"} (سورة الأنعام)

وأي أمر يحتاج لحكم؛ فإما أن تجده مفصلاً في القرآن، أو نسأل فيه أهل الذكر، مصداقاً لقول الحق سبحانه:

{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "7"} (سورة الأنبياء) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسن رجب
المدير العام
المدير العام
حسن رجب


تاريخ التسجيل : 12/03/2010

خواطر الشيخ الشعراوى Empty
مُساهمةموضوع: رد: خواطر الشيخ الشعراوى   خواطر الشيخ الشعراوى Emptyالثلاثاء نوفمبر 02, 2010 2:46 am

خواطر الشيخ الشعراوى 267692


خواطر الشيخ الشعراوى 712597
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابراهيم عيسى
إدارة عامة
إدارة عامة
ابراهيم عيسى


تاريخ التسجيل : 18/03/2010

خواطر الشيخ الشعراوى Empty
مُساهمةموضوع: رد: خواطر الشيخ الشعراوى   خواطر الشيخ الشعراوى Emptyالأربعاء نوفمبر 03, 2010 2:16 am

خواطر الشيخ الشعراوى 1547 خواطر الشيخ الشعراوى 247770
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اوتااااااااااار
مشرف
مشرف
اوتااااااااااار


تاريخ التسجيل : 13/06/2010

خواطر الشيخ الشعراوى Empty
مُساهمةموضوع: رد: خواطر الشيخ الشعراوى   خواطر الشيخ الشعراوى Emptyالأربعاء نوفمبر 03, 2010 4:03 am

خواطر الشيخ الشعراوى 834303098
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابراهيم عيسى
إدارة عامة
إدارة عامة
ابراهيم عيسى


تاريخ التسجيل : 18/03/2010

خواطر الشيخ الشعراوى Empty
مُساهمةموضوع: رد: خواطر الشيخ الشعراوى   خواطر الشيخ الشعراوى Emptyالأربعاء نوفمبر 03, 2010 1:17 pm

خواطر الشيخ الشعراوى 1547
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ذات النطاقين
مشرف عام
مشرف عام
ذات النطاقين


تاريخ التسجيل : 03/06/2010

خواطر الشيخ الشعراوى Empty
مُساهمةموضوع: رد: خواطر الشيخ الشعراوى   خواطر الشيخ الشعراوى Emptyالخميس نوفمبر 04, 2010 8:24 pm

رحمه الله واسكنه فسيح جناته


:affraid:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خواطر الشيخ الشعراوى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة رائعة يرويها الشيخ الشعراوى
» الشيخ محمد متولى الشعراوى قصه كامله
» الشيخ محمد متولى الشعراوى ( البنوك والربآ ) 1/2
» الشيخ محمد متولى الشعراوى ( البنوك والربآ ) 2/2
» كلمه الشعراوى للرئيس محمد حسنى مبارك قبل وفات الشعراوى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الفوائد المتبادلة 2010 :: اسلاميات :: موسوعة المفاهيم-
انتقل الى: