فوائد المحاسبة 1-الاطلاع على عيوب نفسه: فيبدأبعلاجها، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: «ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنهإزالته، فإذا اطلع على عيبها مقتها في ذات الله تعالى».
وقالبكر المزني: «لما نظرت إلى أهل عرفات ظننت أنهم قد غفر لهم لولا أني كنت فيهم»،وقال يونس بن عبيد: «إني لأجد مائة خصلةٍ من خصال الخير، ما أعلم أن في نفسي منهاواحدة».
وقالمحمد بن واسع: «لو كان للذنوب ريح ما قدر أحد يجلس إلي».
وذكرداود الطائي عند بعض الأمراء، فأثنوا عليه، فقال: «لو يعلم الناس بعض ما نحن فيهما ذل لنا لسان بذكر خيرٍ أبدًا».
وقالعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «اللهم اغفر لي ظلمي وكفري، فقال قائل: يا أميرالمؤمنين، هذا الظلم فما بال الكفر؟ قال: إن الإنسان لظلوم كفار».
ولماسئلت عائشة رضي الله عنها عن قول الله تعالى:
}ثُمَّأَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِبِإِذْنِ اللَّهِ{ [فاطر: 32]. فقالت: أما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسولالله r شهد له رسول الله بالجنة، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحقبه، وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلكم، فجعلت نفسها معنا، وهنا قال الشيخ محمد حامدالفقي معلقًا: إنما قالت هذا تواضعًا، وإلا فهي من خيار السابقين المقربين.
ومقت النفس في ذات الله من صفات الصديقين، ويدنو العبدمن الله تعالى في لحظة واحدة أضعاف ما يدنو بالعمل.
وهكذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يحاسبونأنفسهم، فأثمرت المحاسبة استصغار العمل ودنو الأجل.
2-أن يعرف حق الله تعالى عليه: فإن ذلك يورثه مقت نفسه ويخلصه من العجب، ويفتح له بابالذل والانكسار بين يدي ربه، وإن النجاة لا تحصل له إلا بعفو الله ومغفرته ورحمته،فعندها يعلم علم اليقين أنه غير مؤد للعبودية كما ينبغي، وأنه إن أحيل على عملههلك، وإذا تأملت حال أكثر الناس وجدتهم بضد ذلك، ينظرون في حقهم على الله، ومنههنا انقطعوا عن الله، وحجبت قلوبهم عن معرفته ومحبته والشوق إلى لقائه والتلذذبذكره، وهذا غاية جهل الإنسان بربه وبنفسه.
فمحاسبة النفس: هو نظر العبد في حق الله عليه أولاً، ثمنظره هل قام به كما ينبغي ثانيًا.
ومنفوائد نظر العبد في حق الله: أن لا يتركه ذلكيدل بعمل أصلاً، قال ابن القيم: وما أقرب هذا المدل من مقت الله، وقال: لأن تبيتنائمًا وتصبح نادمًا، خير من أن تبيت قائمًا وتصبح معجبًا، فإن المعجب لا يصعد لهعمل. كما ذكر الإمام أحمد عن بعض أهل العلم بالله أنه قال له رجل: إني لأقوم فيصلاتي فأبكي حتى يكاد ينبت البقل من دموعي، فقال له: إنك أن تضحك وأنت تعترف للهبخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك.
فقال له: أوصني، قال: عليك بالزهد في الدنيا وأن تنازعهاأهلها، وأن تكون كالنحلة، إن أكلت أكلت طيبًا، وإن وضعت وضعت طيبًا، وإن وقعت علىعود لم تضره ولم تكسره.
3-دوام الخشية من الله: إن العبد إن استمر على محاسبة نفسه صار من العالمينبالله علم اليقين، الذين قال الله فيهم:
}إِنَّمَايَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ{ [فاطر: 28]، لأن العلم إذا لم يزدصاحبه خشية الله فليس بعلم نافع.
فالعلم علمان: علم على اللسان، وهو حجه الله على خلقه،وعلم في القلب وهو الخشية.
4-تولد خلق الحياء من الله: لأن المسلم إذا حاسب نفسه على التقصير في جنب الله ورأىنعم الله إليه نازلة ومعصيته إلى ربه صاعدة، علم قد نفسه وهوانها، وتولد عنده خلقالحياء من الله تعالى، وقد قال النبي r: «
الحياء شعبة من الإيمان» [رواه مسلم].
5-الاستعداد للرحيل: إن محاسبة النفس تجعلك تستكثر من الزاد، وليعم لكل مسلمأنه ليس للمرء في الدنيا مقام ولا عليها قرار، فالآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمونفتيلاً. يومها لا يعرف أحد أحدًا ولو كان قريبًا أو عزيزًا، قال تعالى:
}يَوْمَيَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ{ [عبس: 34 – 37].
ألا يكفي ذلك زاجرًا للعاصي ومنبهًا للغافل وموقظًاللنائم ومذكرًا للناسي، فيتوبون إلى ربهم قبل فوات الأوان.
واعلمي أختي المسلمة أنك في الدنيا مسافرة فلا بد منالزاد لهذا السفر الطويل.
6-الازدياد من العمل الصالح: بمحاسبة النفس يعلم العبد قدر الدنيا وهوانها وعظمالآخرة وثوابها، فيرحل بقلبه من الفانية إلى الباقية، قال تعالى:
}فَفِرُّواإِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ{ [الذاريات: 50].
7-تثمر محبة الله ورضوانه. 8-تحقيق السعادة في الدارين. 9-دليل على صلاح الإنسان، وعلى خوفه من الله، ومن خاف من الله بلغ المنزلة.
10-البعد عن مزالق الشيطان. * * * *