موضوع: نماذج مشرقة في تحقيق الولاء والبراء الخميس مايو 27, 2010 9:43 pm
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا " " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا " . اللهم صلِّ على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد . أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي ليه وسلم ، وإن شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ثم أما بعد إن عقيدة الولاء والبراء جزء من عقيدة المؤمن ، أهمله كثير من المسلمين ـ أو من ينتسبون للإسلام ـ اليوم ، ولن يكتمل إيمان المسلم حتى يحققه ونظرًا لخطورة الموضوع فإننا نتكلم عنه من خلال عناصر ثلاثة هي : أولاً : مفهوم الولاء والبراء والأدلة عليه من القرآن والسنة . ثانيًا : صور من موالاة الكفار اليوم . ثالثًا : نماذج مشرقة في تحقيق الولاء والبراء أولاً : مفهوم الولاء والبراء والأدلة عليه من القرآن والسنة : الولاء من الولاية وهي النصرة والمحبة والإكرام والاحترام ، فموالاة الكفار تعني التقرب إليهم وإظهار الود لهم . والبراء : هو البعد والعداوة والبغض . وقد وردت كثير من الآيات القرآنية تحذرنا من موالاة الكفار قال تعالى : " بشر المنافقين بأن لهم عذابًا أليمًا الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " [ النساء 138 ـ 139 ] وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " [ المائدة 51 ] وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فإنه من الظالمين " [ التوبة 23 ] وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ..." [ الممتحنة 1 ] وروى ابن أبي شيبة بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله " وروى البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله بايعه على أن : تنصح لكل مسلم وتبرأ من الكافر " . وفي السلسلة الصحيحة عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان " ثانيًا : صور من موالاة الكفار : [1] الرضا بكفرهم وعدم تكفيرهم . [2] اتخاذهم أولياء وأنصارًا ، والله ـ عز وجل ـ يقول : " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " [ آل عمران 28 ] [3] الإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر ، أو التحاكم إليهم من دون الله . [4] مودتهم ومحبتهم ، والله سبحانه يقول : " لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أوعشيرتهم ..." [ المجادلة 22 ] [5] مداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين [6] اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين والله جل وعلا يقول : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ... " [ آل عمران 118 ] [7] توليتهم أمرًا علي المسلمين . [8]استئمانهم وقد خونهم الله عز وجل . [9] التشبه بهم في أمور حياتهم . [10] معاونتهم ونصرتهم على المسلمين . [11] وصفهم بالتقدم والحضارة ووصف الإسلام بالتخلف والرجعية . [12] تنفيذ مخططاتهم والدخول في أحلافهم والتجسس لهم . ثالثًا : نماذج مشرقة في تحقيق الولاء والبراء : ** موقف الخليل إبراهيم ـ عليه السلام : حيث وجد قومه يعبدون الأصنام من دون الله فدعاهم إلى توحيد الله فأبوا فتبرأ منهم ومن آلهتهم فاستحق ثناء الله عليه . قال تعالى : " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء " [ الممتحنة 4 ] ثم تبرأ من أبيه بعد ذلك قال تعالى : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه لما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم " [التوبة 114 ] ** موقف عبد الله بن حذافة السهمي ـ رضي الله عنه ـ : فقد وقع أسيرًا في أيدي الروم فلما أدخلوه على ملك الروم حاول إغراءه ليصده عن دينه قال له : أعطيك نصف ملكي ونص زوجاتي على أن تقول كلمة واحدة ، أن تسب محمدًا أو أن تتنصر قال له عبد الله : والله لو أعطيتني ملكك كله وجميع ما يملك العرب ما تركت ديني ، فقال له الملك إذن أقتلك قال له : أنت وذاك ، ثم أمر بإدخال أسيرين من المسلمين فقتلهما أمامه ليرهبه لكنه لم يتزعزع إيمانه ، ثم قال لجنوده اقتلوه فبكى عبد الله ، ظن الملك أنه يبكي خوفًا من القتل وطمع في أن يقبل ما عرضه عليه قال له : ما يبكيك ؟ فقال له عبد الله : والله ما أبكي جزعًا من الموت ولكني علمت أني سأقتل فتمنيت أن يكون لي بكل شعرة في جسمي نفس تقتل في سبيل الله ، فلما يئس منه قال لجنوده أدخلوه في السجن ، ثم أمرهم أن لا يدخلوا عليه الطعام والشراب ثلاثة أيام ، ثم أمرهم أن يدخلوا عليه خمرًا ولحم خنزير وانتظروا حتى يأكل فلم يمد يده قالوا له لم لم تأكل ؟ فقال : والله إني أعلم أن الله أحل لي الأكل منه للضرورة ولكني لا أشمت أعدائي بديني ، فطلب منه الملك أن يقبل رأسه ويطلق سراحه فوافق بشرط أن يفك أسر جميع المسلمين عنده فوافق الملك فقام عبد الله فقبل رأس الملك ففك أسره وأسر المسلمين ثم رجع بهم عبد الله إلى المدينة فلقيه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فلما أخبره بما حدث ، قال عمر : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة فقبل رأسه وقام المسلمون وقبلوا رأسه .... ** موقف سعد بن أبي وقاص من أمه : كانت أمه آنذاك مشركة ، وكان سعد بارًا بها فقالت له : يا سعد إما أن تكفر بمحمد وإما أن لا أذوق طعامًا ولا شرابًا ولا أستظل بظل حتى أموت فتعير بي ويقال : يا قاتل أمه ، فامتنعت عن الأكل والشرب في اليوم الأول ولم تستظل حتى كادت الشمس أن تقتلها وفعلت ذلك في اليوم الثاني فقال لها سعد والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني فكلي أو لا تأكلي إن شئت فأكلت فأنزل الله ـ عز وجل ـ قوله : " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا .... " الآية [لقمان 15 ] ** موقف عبد الله بن عبد الله بن أُبي بن سلول من أبيه : لما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة من الغزوات ، قال عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ـ يقصد بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله ـ بلغت رسول الله مقالته فقال لابنه عبد الله : أما سمعت ما يقول أبوك ؟ ! قال : وما يقول ؟ قال : يقول : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال عبد الله : صدق والله يارسول الله فأنت الأعز وهو الأذل ثم قال : ما علمت العرب أحدًا أبر بأبيه مني ، أما إذ قال ما قال ليرين ما أصنع ثم سل سيفه ووقف على باب المدينة فلما جاء أبوه يريد أن يدخل المدينة رفع السيف في وجهه وقال : أنت الذي تقول : لئن رجعنا إلى المدينة لخرجن الأعز منها الأذل ، والله لا يؤيك ظلها ولا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله ، فصرخ أبوه وقال : ابني يمنعني من بيتي ، فذهبوا إلى رسول الله وأخبروه ، فقال لهم : قولوا له : يقول لك رسول الله : خله ومسكنه ، فقال عبد الله : أما إذ أذن لك رسول الله فنعم ولكن لتعلم من الأعز ومن الأذل ..... " ** موقف المغيرة بن شعبة من عمه عروة بن مسعود الثقفي : في الوقت الذي منعت فيه قريش النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمين من أداء العمرة ، وكان صلح الحديبية ، أرسلت عروة بن مسعود الثقفي ليفاوض النبي صلى الله عليه وسلم ،فلما قدم عروة إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووقف يكلمه وكان من عادة العرب إذا كلم أحدهم الآخر أمسك بلحيته فأراد عروة أن يمسك بلحية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإذا بالمغيرة يضربه بمؤخرة سيفه ويقول له : اكف يدك عن لحية رسول أولا ترجع إليك ، فكرر ذلك مع رسول الله فإذا بالمغيرة يضربه بمؤخرة سيفه ويقول له : اكفف يدك عن لحية رسل الله أو لا ترجع إليك فصاح عروة وقال : من هذا الغلام ـ وكان المغيرة ملثمًا ـ فرفع اللثام عن وجهه فقال عمه عروة : المغيرة بن أخي أي غدر ..... ** موقف سعد بن معاذ من يهود بني قريظة : في غزوة الأحزاب لما اجتمعت القبائل لقتال المسلمين وللقضاء عليهم ـ في هذا الوقت العصيب ـ نقض يهود بني قريظة العهد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فلما انتهت الغزوة ، حاصر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمون حصن بني قريظة خمسًا وعشرين ليلة ، فقيل لهم : انزلوا على حكم رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم ، فقالوا ننزل على حكم سعد بن معاذ ـ وكان سعد سيد الأوس وكان بينهم وبين بني قريظة حلف ـ فظنوا أن سعدًا سيشفع فيهم ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد ، فلما جاء سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال له : احكم فيهم ، قال سعد : فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتقسم أموالهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله ..." وكتبه راجي عفو ربه