تعد دور العرض المصرية نفسها لاستقبال الموسم السينمائى الأهم فى العام، والذى دائما ما كان يراهن عليه المنتجون والموزعون ويدفعون فيه بكبار نجوم السينما.
الآن وبعد ما تعرضت له صناعة السينما الصيف الماضى من خسائر فادحة نتيجة لأزمة الاقتصاد العالمية، وشبح إنفلوانزا الخنازير، هل تستطيع رد اعتبارها وتعويضها ما سلبته الظروف هذا العام علما بأن هناك أشباحا جديدة تهدد الموسم متمثلة فى شهر يونيو، الذى تذاع فيه مباريات كأس العالم، وشهر رمضان الذى ينهى الموسم فى نصف أغسطس.
فى هذا التحقيق توجهنا إلى طرفى القضية الشركة العربية متمثلة فى الفنانة إسعاد يونس، والاتحاد الثلاثى للسينما متمثلا فى المنتج هشام عبدالخالق، بصفتهما المسئولين وبشكل قاطع عن تخطى هذه الأزمة والوصول بالسينما إلى بر الأمان.
وسألناهما عن استعداداتهما لمواجهة الأشباح الجديدة المعلنة والظاهرة منذ فترة طويلة..
فى البداية قال المنتج والموزع هشام عبدالخالق وبشكل واضح: نعلم منذ 5 سنوات أن هذا الصيف ستكون به معوقات كثيرة، ولذلك قررنا التغلب على ذلك، بتقليص عدد الأفلام، فبعد أن كنا نطرح فى الموسم الصيفى 14 فيلما مناصفة مع الشركة العربية، كما حدث المواسم الصيفية السابقة، سنطرح 10 أفلاما فقط مناصفة أيضا حتى نحافظ على الأفلام التى من المقرر طرحها، وأيضا على الأفلام التى سيتم تأجيلها، لأن الموسم صغير ويتخلله مباريات كأس العالم التى تتمتع بمشاهدة كبيرة.
كما قررنا أن نبدأ الموسم مبكرا فى أوائل شهر مايو وهو الموعد الذى أصبح مطمعا للجميع بعد أن كان يخشاه كل المنتجين والنجوم، فبعد أن حقق السبكى بفيلمه «عمر وسلمى 2» إيرادات مرتفعة العام الماضى، أصبح مطالبا من جميع المنتجين والنجوم أن ينزلوا بأفلامهم فى هذا التوقيت وألا يتم تأخيرها.
كما سنخدم على العنصرين السابقين بترك الأفلام التى سيتم طرحها أول الموسم حتى نهايته لتحقق أكبر نسبة من الإيرادات، فلا توجد حاجة لرفع أى فيلم من دور العرض لأن عدد الأفلام صغير أصلا.
وأضاف عبدالخالق: لن نغلق دور العرض فى شهر رمضان الذى سوف يأتى فى نصف الموسم بقدومه هذا العام مبكرا فى شهر أغسطس، وهذا التقليد بدأنا فى تنفيذه العام الماضى، واكتشفنا أن الافلام الجيدة، لا تتأثر كثيرا برمضان، فيكون عليها إقبال، ولكنه ضعيف بعض الشىء مقارنة بباقى الموسم، حيث اعتاد الجمهور فى الصيف الذهاب إلى السينما فقط فى حفلتى التاسعة، ومنتصف الليل، وهما لا يتعارضا مع جدول الصائمين لأنه يأتى بعد الإفطار بوقت كافٍ.
وعبر عبد الخالق عن قلقه من ملىء فراغ الأفلام المصريه بأخرى أمريكية لقلة عدد الأفلام، والذى بدأ العام الماضى لضعف مستوى الأفلام المطروحة، قائلا: تكمن خطورة طرح الأفلام الأمريكية مع المصرية فى أهم مواسم العام أن الجمهور سيقارن بين كل من الفيلم الأمريكى، الذى ينفق عليه ملايين الملايين من الدولارات وتتوافر له كل الإمكانات، التى تساعده على التفوق، وبين الفيلم المصرى الذى لا يتكلف شيئا، فستكون أزمة كبيرة لأن أسعار التذاكر موحدة، والطبيعى أن كثيرا من الجمهور سيترك الفيلم المصرى الضعيف، ويذهب لمشاهدة الأفلام الأمريكية. وعلى سبيل المثال لا الحصر تزامن مع عرض أفلام «البيه الرومانسى»، و«حد سامع حاجة» عرض الفيلم الأمريكى «أفاتار»، فهل من الطبيعى أن تكون التذكرة موحدة ويترك الجمهور الواعى «أفاتار»، ويدخل أى من الفيلمين الآخرين، هذا لا يصدق أبدا، فالجميع فضل الفيلم الأمريكى.
وتابع عبدالخالق: الخوف الأكبر أن تطلب دور عرض وسط البلد الأفلام الأمريكية هى الأخرى، لأننا نعمل طول الوقت على ألا تزيد نسخ الأفلام الأمريكية فى السوق المصرية، وإذا حدث ستكون كارثة بكل المقاييس، لأنه مهما كان جمهور وسط البلد مختلفا، مؤكدا أنه سيأتى الوقت الذى تطلب هذه السينمات أفلاما أمريكية لعدم توفر أفلام مصرية تعرضها..
وأنهى عبدالخالق حديثه بأن الأمل الآن أصبح فى موسم عيد الفطر، فهناك أكثر من فيلم كبير يتم إعداده لهذا الموسم، وبذلك سيتم تنشيطه ليعود لسابق عهده منذ 15 عاما، عندما كان يتنافس على عرشه عملاقان كعادل إمام ونادية الجندى، ورغم أن البعض يخشى من تشبع الجمهور بالمسلسلات، التى تصيب الناس بتخمة من كثرتها فإننا متفائلون جدا لأننا سنطرح أفلاما كبيرة لنجوم كبار، ورفض عبدالخالق ذكر أسماء النجوم، وقال: هذه ستكون مفاجأة للنجوم أنفسهم لأنهم إذا علموا من الآن أن أفلامهم ستطرح فى عيد الفطر، الذى أخذ سمعة طوال السنوات الأخيرة أنه سوق لأفلام المقاولات. فبرغم أن موعد طرح الأفلام لا يخص النجوم وليس لهم التدخل فيه، إلا أنهم يكونوا فى أغلب الأحيان ورقة ضغط فى اختيار الموعد.
عدم وضوح
أما الطرف الثانى المنتجة والموزعة إسعاد يونس فأيدت منطق تقليص عدد الأفلام، مؤكدة أنه الحل الوحيد للمرور من هذا المأزق.
وأضافت: السوق السينمائية تعرض لخسائر ضخمة الصيف الماضى، والأزمة أن هذا العام لا يستطيع أحد توقع شىء، ومن يقل غير ذلك فلا مصداقية له، لأن هذا الموسم سيكون بلا شك مليئا بالمفاجآت التى يصعب التخطيط المسبق لمواجهتها، لذلك قررت ألا أعلن عن قائمة الأفلام التى سأطرحها هذا الموسم لأنى بالفعل لم أستقر حتى الآن عليها، رغم أن لدىّ أفلاما كثيرة جاهزة للعرض العام، ولكن الأمر أكبر بكثير من وجود أفلام جاهزة للعرض.
لذلك قررت أن أجلس أولا مع منتجى الأفلام الموجودة لدى لأنبههم وأحذرهم من خطورة ما يمكن أن يتعرضوا له فى هذا الموسم، حتى يكون كل منتج متحملا نتيجة قراره واختياره، أما بالنسبه لأفلامى فأنا حرة سواء طرحتها أم لا، وهذه أيضا أتركها للحظة الأخيرة ولم أحسم أمرها.
وأشارت يونس إلى أن الخريطة السينمائية الآن أصبحت تفرض على الصناعة بأكملها بمن فيها من منتجين وموزعين وفنانين، لأن التحولات المناخية، والأوبئة والأمراض ليست بأيدينا، كما أن اقتسام مباريات كأس العالم لأهم مواسم العام ليس لنا قرار فيه، هذا بالاضافه إلى مجىء شهر رمضان فى نصف أغسطس ليقضى على الموسم وإغلاقه مبكرا، كل هذه الأمور تفرض علينا، ورغم ذلك نحن مطالبون بالتكيف معها حتى تستمر صناعة السينما فى مصر، ولكن يجب أن نتعامل مع هذه المعوقات بحذر شديد جدا حتى ننجح فى تخطيها، لأن الأفلام التى تطرح هى فى حقيقتها بيوت مفتوحة، وإذا خسر فيلم وأفلس منتجه ستغلق كل هذه البيوت.
وأضافت يونس أنها لن تعوض قلة عدد الأفلام بزيادة النسخ، موضحة فى الوقت نفسه أن قلة النسخ هو أمر طبيعى ناتج عن انقسام دور العرض فى مصر.
وتابعت: ليس هذا الموسم فقط الذى تغيب ملامحه، لأن التوزيع والإنتاج فى مصر يعمل منذ أعوام تحت شعار «بختك يابو بخيت».
وعما إذا كانت تخشى تفحل الأفلام الأمريكية فى مصر مقابل تراجع سوق الأفلام المصرية أكدت: لا يوجد أقوى من الفيلم المصرى فى السوق المصرى، وبالنظر إلى مجمل إيرادات السينما الأمريكيه من السوق المصرية ستجدها لا تزيد على 20%، وهذه النسبة ليست ثابتة لأنها انخفضت الفترة الأخيرة، فلا خوف أبدا من الأفلام الأجنبية على المصرية.
لذلك فأنا على عكس الكثير أرجح أن تزيد الأفلام الأمريكية فى الصيف وتقل الأفلام المصرية لأن الأمريكى لا يخسر لأنه لا يعتمد على السوق المصرى لأنها تمثل أقل من 5% فقط من حجم إيراداتهم فى دول الشرق الأوسط، بينما اعتماد الفيلم المصرى الأول والأخير على السوق الداخلى فقط، بعد أن انقطع الدعم من القنوات التليفزيونية، وعدم التوزيع فى دول الخليج الذى كانت تعتمد عليهما السينما فى الإنتاج.
فلهذه الظروف مجتمعة يجب أن يفكر المنتجون جيدا قبل أن يغامروا بطرح أفلامهم، لأن تأجيل الفيلم أفضل من خسارة منتج، فطرح الفيلم فى وقت خاطىء يهدد بعدم عودة التكلفة مرة أخرى.