موضوع: صلاح الدين الايوبى الإثنين يونيو 21, 2010 10:42 pm
نسبه ونشأته
هو أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي الملقب بالملك الناصر صلاح الدين.
اتفق أهل التاريخ على أن أباه وأهله من (دوين) وهي بلدة في آخر أذربيجان وأنهم أكراد روادية، والروادية بطن من الهذبانية، وهي قبيلة كبيرة من الأكراد.
يقول أحمد بن خلكان: قال لي رجل فقيه عارف بما يقول وهو من أهل دوين إن على باب دوين قرية يقال لها (أجدانقان) وجميع أهلها أكراد روادية وكان شاذي ـ جد صلاح الدين ـ قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد.
ولد صلاح الدين سنة 532هـ بقلعة تكريت لما كان أبوه وعمه بها والظاهر أنهم ما أقاموا بها بعد ولادة صلاح الدين إلا مدة يسيرة، ولكنهم خرجوا من تكريت في بقية سنة 532هـ التي ولد فيها صلاح الدين أو في سنة ثلاث وثلاثين لأنهما أقاما عند عماد الدين زنكي بالموصل ثم لما حاصر دمشق وبعدها بعلبك وأخذها رتب فيها نجم الدين أيوب وذلك في أوائل سنة أربع وثلاثين.
يقول بن خلكان: أخبرني بعض أهل بيتهم وقد سألته هل تعرف متى خرجوا من تكريت فقال سمعت جماعة من أهلنا يقولون إنهم أخرجوا منها في الليلة التي ولد فيها صلاح الدين فتشاءموا به وتطيروا منه فقال بعضهم لعل فيه الخيرة وما تعلمون فكان كما قال والله أعلم.
ولم يزل صلاح الدين تحت كنف أبيه حتى ترعرع ولما ملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي دمشق لازم نجم الدين أيوب خدمته وكذلك ولده صلاح الدين وكانت مخايل السعادة عليه لائحة والنجابة تقدمه من حالة إلى حالة ونور الدين يرى له ويؤثره ومنه تعلم صلاح الدين طرائق الخير وفعل المعروف والاجتهاد في أمور الجهاد.
هرب الوزير الفاطمي شاور من مصر من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة كعادتهم في ذلك وقتل ولده الأكبر طي بن شاور فتوجه شاور إلى الشام مستغيثا بالملك العادل نور الدين بن زنكي وذلك في شهر رمضان 558هـ ودخل دمشق في الثالث والعشرين من ذي القعدة من السنة نفسها فوجه نور الدين معه الأمير أسد الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين في جملتهم في خدمة عمه وهو كاره للسفر معهم وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان:
أحدهما: قضاء حق شاور لكونه قصده ودخل عليه مستصرخا.
والثاني: أنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.
وكان كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك وجعل أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق في جمادى الأولى سنة 559هـ فدخلوا مصر واستولوا على الأمر في رجب من السنة نفسها.
ولما وصل أسد الدين وشاور إلى الديار المصرية واستولوا عليها وقتلوا الضرغام وحصل لشاور مقصودة وعاد إلى منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره غدر بأسد الدين شيركوه واستنجد بالإفرنج عليه فحاصروه في بلبيس، وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها وأنها مملكة بغير رجال تمشي الأمور فيها بمجرد الإيهام والمحال فطمع فيها وعاد إلى الشام، وأقام أسد الدين بالشام مدة مفكرا في تدبير عودته إلى مصر محدثا نفسه بالملك لها مقررا قواعد ذلك مع نور الدين إلى سنة 562هـ
وبلغ نور الدين وأسد الدين مكاتبة الوزير الخائن شاور للفرنج وما تقرر بينهم فخافا على مصر أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد فتجهز أسد الدين وأنفذ معه نور الدين العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى البلاد مقارنا لوصول الإفرنج إليها واتفق شاور والمصريون بأسرهم والإفرنج على أسد الدين وجرت حروب كثيرة.
وتوجه صلاح الدين إلى الإسكندرية فاحتمى بها وحاصره الوزير شاور في جمادى الآخرة من سنة 562هـ ثم عاد أسد الدين من جهة الصعيد إلى بلبيس وتم الصلح بينه وبين المصريين وسيروا له صلاح الدين فساروا إلى الشام.
ثم إن أسد الدين عاد إلى مصر مرة ثالثة وكان سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون مصر ناكثين العهود مع المصريين وأسد الدين طمعا في البلاد فلما بلغ ذلك أسد الدين ونور الدين لم يسعهما الصبر فسارعا إلى مصر أما نور الدين فبالمال والرجال ولم يمكنه المسير بنفسه خوفا على البلاد من الإفرنج، وأما أسد الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله
يقول بن شداد: لقد قال لي السلطان صلاح الدين قدس الله روحه كنت أكره الناس للخروج في هذه الدفعة وما خرجت مع عمي باختياري وهذا معنى قوله تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم} (البقرة:216)
وكان شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر سير إلى أسد الدين يستصرخه ويستنجده فخرج مسرعا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564هـ ولما علم الإفرنج بوصول أسد الدين إلى مصر على اتفاق بينه وبين أهلها رحلوا راجعين على أعقابهم ناكصين وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئا وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج أخرى،وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه، فقتله وأصبح أسد الدين وزيرا وذلك في سابع عشر ربيع الأول سنة 564هـ ودام آمرا وناهيا و صلاح الدين يباشر الأمور مقرراً لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته إلى الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من السنة نفسها فمات أسد الدين.
وذكر المؤرخون أن أسد الدين لما مات استقرت الأمور بعده للسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فبذل الأموال وملك قلوب الرجال وهانت عنده الدنيا فملكها وشكر نعمة الله تعالى عليه، وأعرض عن أسباب اللهو وتقمص بقميص الجد والاجتهاد، استعدادا لمواجهات مستمرة مع الصليبيين من جهة ومع خزعبلات الدولة الفاطمية من جهة أخرى.
ولما علم الإفرنج استقرار الأمر بمصر لصلاح الدين علموا أنه يملك بلادهم ويخرب ديارهم ويقلع آثارهم لما حدث له من القوة والملك واجتمع الإفرنج والروم جميعا وقصدوا الديار المصرية فقصدوا دمياط ومعهم آلات الحصار وما يحتاجون إليه من العدد، ولما رأى نور الدين ظهور الإفرنج ونزولهم على دمياط قصد شغلهم عنها فنزل على الكرك محاصرا لها، فقصده فرنج الساحل فرحل عنها وقصد لقاءهم فلم يقفوا له.
ولما بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط استعد لهم بتجهيز الرجال وجمع الآلات إليها ووعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا عليهم وبالغ في العطايا والهبات وكان وزيرا متحكما لا يرد أمره في شيء ثم نزل الإفرنج عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها وهو يشن عليهم الغارات من خارج والعسكر يقاتلهم من داخل ونصر الله تعالى المسلمين به وبحسن تدبيره فرحلوا عنها خائبين فأحرقت مناجيقهم ونهبت آلاتهم وقتل من رجالهم عدد كبير.
واستقرت الأمور لصلاح الدين ونقل أسرته ووالده نجم الدين أيوب إليها ليتم له السرور وتكون قصته مشابهة لقصة يوسف الصديق عليه السلام، ولم يزل صلاح الدين وزيرا حتى مات العاضد آخر الخلفاء الفاطميين 565هـ وبذلك انتهت الدولة الفاطمية وبدأت دولة بني أيوب (الدولة الأيوبية).
ولقب صلاح الدين بالملك الناصر وعاد إلى دار أسد الدين فأقام بها، وثبت قدم صلاح الدين ورسخ ملكه.
وأرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال أخاف أن يخالف أحد منهم عليك فتفسد البلاد، ثم إن الإفرنج اجتمعوا ليسيروا إلى مصر فسير نور الدين العساكر وفيهم إخوة صلاح الدين منهم شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وهو أكبر من صلاح الدين.
و ذكر ابن الأثير ما حدث من الوحشة بين نور الدين وصلاح الدين باطنا فقال: وفي سنة 567هـ حدث ما أوجب نفرة نور الدين عن صلاح الدين وكان الحادث أن نور الدين أرسل إلى صلاح الدين يأمره بجمع العساكر المصرية والمسير بها إلى بلد الإفرنج والنزول على الكرك ومحاصرته ليجمع هو أيضا عساكره ويسير إليه ويجتمعا هناك على حرب الإفرنج والاستيلاء على بلادهم فبرز صلاح الدين من القاهرة في العشرين من المحرم وكتب إلى نور الدين يعرفه أن رحيله لا يتأخر وكان نور الدين قد جمع عساكره وتجهز وأقام ينتظر ورود الخبر من صلاح الدين برحيله ليرحل هو فلما أتاه الخبر بذلك رحل من دمشق عازما على قصد الكرك فوصل إليه وأقام ينتظر وصول صلاح الدين إليه فأرسل كتابه يعتذر فيه عن الوصول باختلال البلاد المصرية لأمور بلغته عن بعض شيعة العلويين وأنهم عازمون على الوثوب بها وأنه يخاف عليها مع البعد عنها فعاد إليها فلم يقبل نور الدين عذره، وكان سبب تقاعده أن أصحابه وخواصه خوفوه من الاجتماع بنور الدين فحيث لم يمتثل أمر نور الدين شق ذلك عليه وعظم عنده وعزم على الدخول إلى مصر وإخراج صلاح الدين عنها.
ووصل الخبر إلى صلاح الدين فجمع أهله وفيهم والده نجم الدين أيوب وخاله شهاب الدين الحارمي ومعهم سائر الأمراء وأعلمهم ما بلغه عن عزم نور الدين على قصده وأخذ مصر منه واستشارهم فلم يجبه أحد منهم بشيء فقام تقي الدين عمر ابن أخي صلاح الدين وقال إذا جاء قاتلناه وصددناه عن البلاد ووافقه غيره من أهله فشتمهم نجم الدين أيوب وأنكر ذلك واستعظمه وكان ذا رأي ومكر وعقل وقال لتقي الدين اقعد وسبه وقال لصلاح الدين أنا أبوك وهذا شهاب الدين خالك أتظن أن في هؤلاء كلهم من يحبك ويريد لك الخير مثلنا فقال لا فقال والله لو رأيت أنا وهذا خالك شهاب الدين نور الدين لم يمكنا إلا أن نترجل له ونقبل الأرض بين يديه ولو أمرنا أن نضرب عنقك بالسيف لفعلنا فإذا كنا نحن هكذا كيف يكون غيرنا وكل من تراه من الأمراء والعساكر لو رأى نور الدين وحده لم يتجاسر على الثبات على سرجه ولا وسعه إلا النزول وتقبيل الأرض بين يديه وهذه البلاد له وقد أقامك فيها وإن أراد عزلك فأي حاجة له إلى المجيء يأمرك بكتاب مع نجاب حتى تقصد خدمته ويولي بلاده من يريد وقال للجماعة كلهم قوموا عنا ونحن مماليك نور الدين وعبيده يفعل بنا ما يريد فتفرقوا على هذا وكتب أكثرهم إلى نور الدين بالخبر.
ولما خلا أيوب بابنه صلاح الدين قال له أنت جاهل قليل المعرفة تجمع هذا الجمع الكثير وتطلعهم على ما في نفسك فإذا سمع نور الدين أنك عازم على منعه عن البلاد جعلك أهم الأمور إليه وأولاها بالقصد ولو قصدك لم تر معك أحدا من هذا العسكر وكانوا أسلموك إليه وأما الآن بعد هذا المجلس فسيكتبون إليه ويعرفونه قولي وتكتب أنت إليه وترسل في المعنى وتقول أي حاجة إلى قصدي يجبي نجاب يأخذني بحبل يضعه في عنقي فهو إذا سمع هذا عدل عن قصدك واستعمل ما هو أهم عنده والأيام تندرج والله في كل وقت في شأن والله لو أراد نور الدين قصبة من قصب سكرنا لقاتلته أنا عليها حتى أمنعه أو أقتل ففعل صلاح الدين ما أشار به والده فلما رأى نور الدين الأمر هكذا عدل عن قصده وكان الأمر كما قال نجم الدين أيوب وتوفي نور الدين ولم يقصده وهذا كان من أحسن الآراء وأجودها.
قال ابن شداد: لم يزل صلاح الدين على قدم بسط العدل ونشر الإحسان وإفاضة الإنعام على الناس إلى سنة 568هـ فعند ذلك خرج بالعسكر يريد بلاد الكرك والشوبك وإنما بدأ بها لأنها كانت أقرب إليه وكانت في الطريق تمنع من يقصد الديار المصرية وكان لا يمكن أن تعبر قافلة حتى يخرج هو بنفسه يعبرها فأراد توسيع الطريق وتسهيلها فحاصرها في هذه السنة وجرى بينه وبين الإفرنج وقعات وعاد ولم يظفر منها بشيء ولما عاد بلغه خبر وفاة والده نجم الدين أيوب قبل وصوله إليه.
ولما كانت سنة 569هـ رأى قوة عسكره وكثرة عدده وكان بلغه أن باليمن إنسانا استولى عليها وملك حصونها يسمى عبد النبي بن مهدي فسير أخاه توران شاه فقتله وأخذ البلاد منه وبلغ صلاح الدين أن إنسانا يقال له الكنز جمع بأسوان خلقا عظيما من السودان وزعم أنه يعيد الدولة المصرية وكان أهل مصر يؤثرون عودهم فانضافوا إلى الكنز، فجهز صلاح الدين إليه جيشا كثيفا وجعل مقدمه أخاه الملك العادل وساروا فالتقوا وهزموهم وذلك في السابع من صفر سنة 570هـ.
وكان نور الدين رحمه الله قد خلف ولده الملك الصالح إسماعيل وكان بدمشق عند وفاة أبيه ثم إن صلاح الدين بعد وفاة نور الدين علم أن ولده الملك الصالح صبي لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك واختلفت الأحوال بالشام وكاتب شمس الدين ابن المقدم صلاح الدين فتجهز من مصر في جيش كثيف وترك بها من يحفظها وقصد دمشق مظهرا أنه يتولى مصالح الملك الصالح فدخلها في سنة 570هـ وتسلم قلعتها وكان أول دخوله دار أبيه، وهي الدار المعروفة بالشريف العقيقي، واجتمع الناس إليه وفرحوا به وأنفق في ذلك اليوم مالا جليلا وأظهر السرور بالدمشقيين وصعد القلعة وسار إلى حلب فنازل حمص وأخذ مدينتها في جمادى الأولى من السنة نفسها ولم يشتغل بقلعتها وتوجه إلى حلب ونازلها في يوم الجمعة آخر جمادى الأولى من السنة وهي المعركة الأولى.
ولما أحس سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي صاحب الموصل بما جرى علم أن صلاح الدين قد استفحل أمره وعظم شأنه وخاف إن غفل عنه استحوذ على البلاد واستقرت قدمه في الملك وتعدى الأمر إليه فأنفذ عسكرا وافرا وجيشا عظيما وقدم عليه أخاه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود وساروا يريدون لقاءه ليردوه عن البلاد فلما بلغ صلاح الدين ذلك رحل عن حلب في مستهل رجب من السنة عائدا إلى حماة ورجع إلى حمص فأخذ قلعتها ووصل عز الدين مسعود إلى حلب وأخذ معه عسكر ابن عمه الملك الصالح بن نور الدين صاحب حلب يومئذ وخرجوا في جمع عظيم فلما عرف صلاح الدين بمسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه فما صالحوه ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به غرضهم والقضاء يجر إلى أمور وهم بها لا يشعرون فتلاقوا فقضى الله تعالى أن هزموا بين يديه وأسر جماعة منهم فمن عليهم وذلك في تاسع شهر رمضان من سنة570 هـ عند قرون حماة ثم سار عقيب هزيمتهم ونزل على حلب وهي الدفعة الثانية فصالحوه على أخذ المعرة وكفر طاب وبارين ولما جرت هذه المعركة كان سيف الدين غازي يحاصر أخاه عماد الدين زنكي صاحب سنجار وعزم على أخذها منه لأنه كان قد انتمى إلى صلاح الدين وكان قد قارب أخذها فلما بلغه الخبر وأن عسكره انكسر خاف أن يبلغ أخاه عماد الدين الخبر فيشتد أمره ويقوى جأشه فراسله وصالحه ثم سار من وقته إلى نصيبين واهتم بجمع العساكر والإنفاق فيها وسار إلى البيرة وعبر الفرات وخيم على الجانب الشامي وراسل ابن عمه الصالح بن نور الدين صاحب حلب حتى تستقر له قاعدة يصل عليها ثم إنه وصل إلى حلب وخرج الملك الصالح إلى لقائه أقام على حلب مدة.
في سنة 572هـ اسقرت الأمور بمصر والشام للدولة الأيوبية، وكان أخو صلاح الدين شمس الدولة توران شاه قد وصل إليه من اليمن فاستخلفه بدمشق ثم تأهب للغزاة من الإفرنجة، فخرج يطلب الساحل حتى وافى الإفرنج على الرملة وذلك في أوائل جمادى الأولى سنة 573هـ وكانت الهزيمة على المسلمين في ذلك اليوم، فلما انهزموا لم يكن لهم حصن قريب يأوون إليه فطلبوا جهة الديار المصرية وضلوا في الطريق وتبددوا وأسر منهم جماعة منهم الفقيه عيسى الهكاري وكان ذلك وهنا عظيما جبره الله تعالى بمعركة حطين المشهورة.
أقام صلاح الدين بمصر حتى لم شعثه وشعث أصحابه من أثر هزيمة الرملة ثم بلغه تخبط الشام فعزم على العود إليه واهتم بالغزاة فوصله رسول "قليج أرسلان" صاحب الروم يلتمس الصلح ويتضرر من الأرمن فعزم على قصد بلاد ابن لاون ـ وهي بلاد سيس الفاصلة بين حلب والروم من جهة الساحل ـ لينصر قليج أرسلان عليه فتوجه إليه واستدعى عسكر حلب لأنه كان في الصلح أنه متى استدعاه حضر إليه ودخل بلد ابن لاون وأخذ في طريقه حصنا و أخربه ورغبوا إليه في الصلح فصالحهم ورجع عنهم ثم سأله قليج أرسلان في صلح الشرقيين بأسرهم فأجاب إلى ذلك وحلف صلاح الدين في عاشر جمادى الأولى سنة ست وسبعين وخمسمائة ودخل في الصلح قليج أرسلان والمواصلة وعاد بعد تمام الصلح إلى دمشق ثم منها إلى مصر.
كانت معركة حطين المباركة على المسلمين في يوم السبت 14 ربيع الآخر سنة 583هـ في وسط نهار الجمعة وكان صلاح الدين كثيرا ما يقصد لقاء العدو في يوم الجمعة عند الصلاة تبركا بدعاء المسلمين والخطباء على المنابر فسار في ذلك الوقت بمن اجتمع له من العساكر الإسلامية وكانت تجاوز العد والحصر على تعبئة حسنة وهيئة جميلة وكان قد بلغه عن العدو أنه اجتمع في عدة كثيرة بمرج صفورية بعكا عندما بلغهم اجتماع الجيوش الإسلامية فسار ونزل على بحيرة طبرية ثم رحل ونزل على طبرية على سطح الجبل ينتظر هجوم الصليبيين عليه إذا بلغهم نزوله بالموضع المذكور فلم يتحركوا ولا خرجوا من منزلهم وكان نزولهم يوم الأربعاء 21ربيع الآخر فلما رآهم لا يتحركون نزل على طبرية وهاجمها وأخذها في ساعة واحدة وبقيت القلعة محتمية بمن فيها ولما بلغ العدو ما جرى على طبرية قلقوا لذلك ورحلوا نحوها فبلغ السلطان ذلك فترك على طبرية من يحاصر قلعتها ولحق بالعسكر فالتقى بالعدو على سطح جبل طبرية الغربي منها وذلك في يوم الخميس 22 ربيع الآخر وحال الليل بين المعسكرين قياما على مصاف إلى بكرة يوم الجمعة فركب الجيشان وتصادما والتحم القتال واشتد الأمر وذلك بأرض قرية تعرف بلوبيا وضاق الخناق بالعدو وهم سائرون كأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون وقد أيقنوا بالويل والثبور وأحست نفوسهم أنهم في غد يومهم ذلك من زوار القبور ولم تزل الحرب تضطرم والفارس مع قرنه يصطدم ولم يبق إلا الظفر ووقع الوبال على من كفر فحال بينهم الليل بظلامه وبات كل واحد من الفريقين في سلاحه إلى صبيحة يوم السبت فطلب كل من الفريقين مقامه وتحقق المسلمون أن من ورائهم الأردن ومن بين أيديهم بلاد العدو وأنهم لا ينجيهم إلا الاجتهاد في الجهاد فحملت جيوش المسلمين من جميع الجوانب وحمل القلب وصاحوا صيحة رجل واحد فألقى الله الرعب في قلوب الكافرين وكان حقا عليه نصر المؤمنين ولما أحس القوم بالخذلان هرب منهم في أوائل الأمر وقصد جهة صور وتبعه جماعة من المسلمين فنجا منهم وكفى الله شره وأحاط المسلمون بالصليبيين من كل جانب وأطلقوا عليهم السهام وحكموا فيهم السيوف وسقوهم كأس الحمام وانهزمت طائفة منهم فتبعها أبطال المسلمين فلم ينج منها أحد واعتصمت طائفة منهم بتل يقال له تل حطين وهي قرية عندها قبر النبي شعيب عليه السلام فضايقهم المسلمون وأشعلوا حولهم النيران واشتد بهم العطش وضاق بهم الأمر حتى كانوا يستسلمون للأمر خوفا من القتل لما مر بهم فأسر مقدموهم وقتل الباقون.
وكان ممن سلم من مقدميهم الملك جفري وأخوه والبرنس أرناط صاحب الكرك والشوبك وابن الهنفري وابن صاحبة طبرية ومقدم الديوية وصاحب جبيل ومقدم الأسبتار.
قال ابن شداد: ولقد حكي لي من أثق به أنه رأى بحوران شخصا واحدا معه نيف وثلاثون أسيرا قد ربطهم بوتد خيمة لما وقع عليهم من الخذلان.
وأما أرناط فان صلاح الدين كان قد نذر أنه إن ظفر به قتله وذلك لأنه كان قد عبر به عند الشوبك قوم من مصر في حال الصلح فغدر بهم وقتلهم فناشدوه الصلح الذي بينه وبين المسلمين فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وبلغ السلطان فحملته حميته ودينه على أن يهدر دمه.
لما فتح الله تعالى عليه بنصره في حطين جلس صلاح الدين في دهليز الخيمة لأنها لم تكن نصبت بعد وعرضت عليه الأسارى وسار الناس يتقربون إليه بمن في أيديهم منهم وهو فرح بما فتح الله تعالى على يده للمسلمين ونصبت له الخيمة فجلس فيها شاكرا لله تعالى على ما أنعم به عليه واستحضر الملك جفري وأخاه و أرناط وناول السلطان جفري شربة من جلاب وثلج فشرب منها وكان على أشد حال من العطش ثم ناولها لأرناط وقال السلطان للترجمان قل للملك أنت الذي سقيته وإلا أنا فما سقيته وكان من جميل عادة العرب وكريم أخلاقهم أن الأسير إذا أكل أو شرب من مال من أسره أمن فقصد السلطان بقوله ذلك ثم أمر بمسيرهم إلى موضع عينه لهم فمضوا بهم إليه فأكلوا شيئا ثم عادوا بهم ولم يبق عنده سوى بعض الخدم فاستحضرهم وأقعد الملك في دهليز الخيمة.
وأحضر صلاح الدين أرناط وأوقفه بين يديه وقال له: ها أنا أنتصر لمحمد منك ثم عرض عليه الإسلام فلم يفعل فسل سيفه فضربه بها فحل كتفه وتمم قتله من حضر وأخرجت جثته ورميت على باب الخيمة،فلما رآه الملك على تلك الحال لم يشك في أنه يلحقه به فاستحضره وطيب قلبه وقال له لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك وأما هذا فإنه تجاوز الحد وتجرأ على الأنبياء صلوات الله عليهم وبات الناس في تلك الليلة على أتم سرور ترتفع أصواتهم بحمد الله وشكره وتهليله وتكبيره حتى طلع الفجر ثم نزل السلطان على طبرية يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر وتسلم قلعتها في ذلك النهار وأقام عليها إلى يوم الثلاثاء.
ورحل صلاح الدين طالبا عكا فكان نزوله عليها يوم الأربعاء وقاتل الصليبيين بها بكرة يوم الخميس مستهل جمادى الأولى سنة 583هـ فأخذها واستنقذ من كان بها من أسارى المسلمين وكانوا أكثر من أربعة آلاف نفس واستولى على ما فيها من الأموال والذخائر والبضائع لأنها كانت مظنة التجار وتفرقت العساكر في بلاد الساحل يأخذون الحصون والقلاع والأماكن المنيعة فأخذوا نابلس وحيفا وقيسارية وصفورية والناصرة وكان ذلك لخلوها من الرجال لأن القتل والأسر أفنى كثيرا منهم ولما استقرت قواعد عكا وقسم أموالها وأساراها سار يطلب تبنين فنزل عليها يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى وهي قلعة منيعة فنصب عليها المناجيق وضيق بالزحف خناق من فيها، فقاتلوا قتالا شديدا ونصره الله سبحانه عليهم فتسلمها منهم يوم الأحد ثامن عشرة عنوة وأسر من بقي فيها بعد القتل ثم رحل عنها إلى صيدا فنزل عليها وتسلمها في غد يوم نزوله عليها وهو يوم الأربعاء العشرون من جمادى الأولى وأقام عليها ريثما قرر قواعدها وسار حتى أتى بيروت فنازلها ليلة الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى وركب عليها المجانيق وداوم الزحف والقتال حتى أخذها في يوم الخميس التاسع والعشرين من الشهر المذكور وتسلم أصحابه جبيل وهو على بيروت، ولما فرغ من هذا الجانب رأى أن قصده عسقلان أولى لأنها أيسر من صور فأتى عسقلان ونزل عليها يوم الأحد السادس عشر من جمادى الآخرة من السنة وتسلم في طريقه إليها مواضع كثيرة كالرملة والداروم وأقام في عسقلان المناجيق وقاتلها قتالا شديدا وتسلمها في يوم السبت نهاية جمادى الآخرة من السنة وأقام عليها إلى أن تسلم أصحابه غزة وبيت جبريل والنطرون بغير قتال وكان بين فتح عسقلان وأخذ الإفرنج لها من المسلمين خمس وثلاثون سنة فإنهم كانوا أخذوها من المسلمين في السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 548هـ.
قال ابن شداد: لما تسلم صلاح الدين عسقلان والأماكن المحيطة بالقدس شمر عن ساق الجد والاجتهاد في قصد القدس المبارك واجتمعت إليه العساكر التي كانت متفرقة في الساحل فسار نحوه معتمدا على الله تعالى مفوضا أمره إليه منتهزا الفرصة في فتح باب الخير الذي حث على انتهازه بقوله من فتح له باب خير فلينتهزه فإنه لا يعلم متى يغلق دونه وكان نزوله عليه في يوم الأحد الخامس عشر من رجب سنة 583هـ وكان نزوله بالجانب الغربي وكان معه من كان مشحونا بالمقاتلة من الخيالة والرجالة وحزر أهل الخبرة ممن كان معه من كان فيه من المقاتلة فكانوا يزيدون على ستين ألفا خارجا عن النساء والصبيان ثم انتقل لمصلحة رآها إلى الجانب الشمالي في يوم الجمعة العشرين من رجب ونصب المناجيق وضايق البلد بالزحف والقتال حتى أخذ النقب في السور مما يلي وادي جهنم ولما رأى أعداء الله الصليبيون ما نزل بهم من الأمر الذي لا مدفع له عنهم وظهرت لهم إمارات فتح المدينة وظهور المسلمين عليهم وكان قد اشتد روعهم لما جرى على أبطالهم وحماتهم من القتل والأسر وعلى حصونهم من التخريب والهدم وتحققوا أنهم صائرون إلى ما صار أولئك إليه فاستكانوا وأخلدوا إلى طلب الأمان واستقرت الأمور بالمراسلة من الطائفتين وكان تسلمه في يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب وليلته كانت ليلة المعراج المنصوص عليها في القرآن الكريم فانظر إلى هذا الاتفاق العجيب كيف يسر الله تعالى عوده إلى المسلمين في مثل زمان الإسراء بنبيهم وهذه علامة قبول هذه الطاعة من الله تعالى وكان فتحه عظيما شهده من أهل العلم خلق ومن أرباب الخرق والزهد عالم وذلك أن الناس لما بلغهم ما يسره الله تعالى على يده من فتوح الساحل وقصده القدس قصده العلماء من مصر والشام بحيث لم يتخلف أحد منهم وارتفعت الأصوات بالضجيج بالدعاء والتهليل والتكبير وصليت فيه الجمعة يوم فتحه وخطب القاضي محيي الدين محمد بن علي المعروف بابن الزكي.
وقد كتب عماد الدين الأصبهاني رسالة في فتح القدس،وجمع كتابا سماه الفتح القسي في الفتح القدسي وهو في مجلدين ذكر فيه جميع ما جرى في هذه الواقعة.
وكان قد حضر الرشيد أبو محمد عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسي الشاعر المشهور هذا الفتح فأنشد السلطان صلاح الدين قصيدته التي أولها:
هذا الذي كانت الآمال تنتظر*****فليوف لله أقوام بما نذروا
وهي طويلة تزيد على مائة بيت يمدحه ويهنيه بالفتح.
يقول بهاء الدين بن شداد في السيرة الصلاحية: نكس الصليب الذي كان على قبة الصخرة وكان شكلا عظيما ونصر الله الإسلام على يده نصرا عزيزا ، وكان الإفرنج قد استولوا على القدس سنة 492هـ ولم يزل بأيديهم حتى استنقذه منهم صلاح الدين، وكانت قاعدة الصلح أنهم قطعوا على أنفسهم عن كل رجل عشرين دينارا وعن كل امرأة خمسة دنانير صورية وعن كل صغير ذكر أو أنثى دينارا واحدا فمن أحضر قطيعته نجا بنفسه وإلا أخذ أسيرا وأفرج عمن كان بالقدس من أسرى المسلمين وكانوا خلقا عظيما وأقام به يجمع الأموال ويفرقها على الأمراء والرجال ويحبو بها الفقهاء والعلماء والزهاد والوافدين عليه وتقدم بإيصال من قام بقطيعته إلى مأمنه وهي مدينة صور ولم يرحل عنه ومعه من المال الذي جبي له شيء وكان يقارب مائتي ألف دينار وعشرين ألفا وكان رحيله عنه يوم الجمعة الخامس والعشرين من شعبان من سنة 583هـ
يقول بن شداد: لما فتح صلاح الدين القدس حسن عنده قصد صور وعلم أنه إن أخر أمرها ربما عسر عليه فسار نحوها حتى أتى عكا فنزل عليها ونظر في أمورها ثم رحل عنها متوجها إلى صور في يوم الجمعة خامس شهر رمضان من السنة(583) فنزل قريبا منها وسير لإحضار آلات القتال ولما تكاملت عنده نزل عليها في ثاني عشر الشهر المذكور وقاتلها وضايقها قتالا عظيما واستدعى أسطول مصر فكان يقاتلها في البر والبحر ثم سير من حاصر هونين فسلمت في الثالث والعشرين من شوال من السنة، ثم خرج أسطول صور في الليل فهاجم أسطول المسلمين وأخذوا المقدم والريس وخمس قطع للمسلمين وقتلوا خلقا كثيرا من رجال المسلمين وذلك في السابع والعشرين من الشهر المذكور وعظم ذلك على السلطان وضاق صدره وكان الشتاء قد هجم وتراكمت الأمطار وامتنع الناس من القتال لكثرة الأمطار فجمع الأمراء واستشارهم فيما يفعل فأشاروا عليه بالرحيل لتستريح الرجال ويجتمعوا للقتال فرحل عنها وحملوا من آلات الحصار ما أمكن وأحرقوا الباقي الذي عجزوا عن حمله لكثرة الوحل والمطر وكان رحيله يوم الأحد ثاني ذي القعدة من السنة وتفرقت العساكر وأعطى كل طائفة منها دستورا وسار كل قوم إلى بلادهم وأقام هو مع جماعة من خواصه بمدينة عكا إلى أن دخلت سنة 584هـ
ثم نزل على كوكب في أوائل المحرم من السنة ولم يبق معه من العسكر إلا القليل وكان حصنا حصينا وفيه الرجال والأقوات فعلم أنه لا يؤخذ إلا بقتال شديد فرجع إلى دمشق، وأقام بدمشق خمسة أيام. ثم بلغه أن الإفرنج قصدوا جبيل واغتالوها فخرج مسرعا وكان قد سير يستدعي العساكر من جميع المواضع وسار يطلب جبيل فلما عرف الإفرنج بخروجه كفوا عن ذلك.
قال ابن شداد في السيرة: لما كان يوم الجمعة رابع جمادى الأولى من سنة 584هـ دخل السلطان بلاد العدو على تعبية حسنة ورتب الأطلاب وسارت الميمنة أولا ومقدمها عماد الدين زنكي والقلب في الوسط والميسرة في الأخير ومقدمها مظفر الدين ابن زين الدين فوصل إلى انطرسوس ضاحي نهار الأحد سادس جمادى الأولى فوقف قبالتها ينظر إليها لأن قصده كان جبلة فاستهان بأمرها وعزم على قتالها فسير من رد الميمنة وأمرها بالنزول على جانب البحر والميسرة على الجانب الآخر ونزل هو موضعه والعساكر محدقة بها من البحر إلى البحر وهي مدينة راكبة على البحر ولها برجان كالقلعتين فركبوا وقاربوا البلد وزحفوا واشتد القتال وباغتوها فما استتم نصب الخيام حتى صعد المسلمون سورها وأخذوها بالسيف وغنم المسلمون جميع من بها وما بها وأحرق البلد و أقام عليها إلى رابع عشر جمادى الأولى وسلم أحد البرجين إلى مظفر الدين فما زال يحاربه حتى أخربه واجتمع به ولده الملك الظاهر لأنه كان قد طلبه فجاءه في عسكر عظيم، ثم سار يريد جبلة وكان وصوله إليها في ثاني عشر جمادى الأولى وما استتم نزول العسكر عليها حتى أخذ البلد وكان فيه مسلمون مقيمون وقاض يحكم بينهم وقوتلت القلعة قتالا شديدا ثم سلمت بالأمان في يوم السبت تاسع عشر جمادى الأولى من السنة وأقام عليها إلى الثالث والعشرين منه، ثم سار عنها إلى اللاذقية وكان نزوله عليها يوم الخميس الرابع والعشرين من جمادى الأولى وهو بلد مليح خفيف على القلب غير مسور وله ميناء مشهور وله قلعتان متصلتان على تل يشرف على البلد واشتد القتال إلى آخر النهار فأخذ البلد دون القلعتين وغنم الناس منه غنيمة عظيمة لأنه كان بلد التجار وجدوا في أمر القلعتين بالقتال والنقوب حتى بلغ طول النقب ستين ذراعا وعرضه أربعة أذرع فلما رأى أهل القلعتين الغلبة لاذوا بطلب الأمان وذلك في عشية يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر والتمسوا الصلح على سلامة نفوسهم وزراريهم ونسائهم وأموالهم ما خلا الذخائر والسلاح وآلات الحرب فأجابهم إلى ذلك ورفع العلم الإسلامي عليها يوم السبت وأقام عليها إلى يوم الأحد السابع والعشرين من جمادى الأولى فرحل عنها إلى صهيون فنزل عليها يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من الشهر واجتهد في القتال فأخذ البلد يوم الجمعة ثاني جمادى الآخرة ثم تقدموا إلى القلعة وصدقوا القتال فلما عاينوا الهلاك طلبوا الأمان فأجابهم إليه بحيث يؤخذ من الرجل عشرة دنانير ومن المرأة خمسة دنانير ومن كل صغير ديناران الذكر والأنثى سواء و أقام السلطان بهذه الجهة حتى أخذ عدة قلاع منها بلاطنس وغيرها من الحصون المنيعة المتعلقة بصهيون، ثم رحل عنها وأتى بكاس وهي قلعة حصينة على العاصي ولها نهر يخرج من تحتها وكان النزول عليها يوم الثلاثاء سادس جمادى الآخرة وقاتلوها قتالا شديدا إلى يوم الجمعة تاسع الشهر ثم يسر الله فتحها عنوة فقتل أكثر من بها وأسر الباقون وغنم المسلمون جميع ما كان فيها ولها قليعة تسمى الشغر وهي في غاية المنعة يعبر إليها منها بجسر وليس عليها طريق فسلطت المناجيق عليها من جميع الجوانب ورأوا أنهم لا ناصر لهم فطلبوا الأمان وذلك يوم الثلاثاء ثالث عشر الشهر ثم سألوا المهلة ثلاثة أيام فأمهلوا وكان تمام فتحها وصعود العلم السلطاني على قلعتها يوم الجمعة سادس عشر الشهر.
ثم سار إلى برزية وهي من الحصون المنيعة في غاية القوة يضرب بها المثل في بلاد الإفرنج تحيط بها أودية من جميع جوانبها وعلوها خمسمائة ونيف وسبعون ذراعا وكان نزوله عليها يوم السبت الرابع والعشرين من الشهر ثم أخذها عنوة يوم الثلاثاء السابع والعشرين منه.
ثم سار إلى دربساك فنزل عليها يوم الجمعة ثامن رجب وهي قلعة منيعة وقاتلها قتالا شديدا ورقي العلم الإسلامي عليها يوم الجمعة الثاني والعشرين من رجب وأعطاها الأمير علم الدين سليمان بن جندر وسار عنها بكرة يوم السبت الثالث والعشرين من الشهر.
ونزل على بغراس وهي قلعة حصينة بالقرب من إنطاكية وقاتلها مقاتلة شديدة وصعد العلم الإسلامي عليها في ثاني شعبان وراسله أهل إنطاكية في طلب الصلح فصالحهم لشدة ضجر العسكر من البيكار وكان الصلح معهم لا غير على أن يطلقوا كل أسير عندهم والصلح إلى سبعة أشهر فإن جاءهم من ينصرهم و سلموا البلد.
ثم رحل السلطان فسأله ولده الملك الظاهر صاحب حلب أن يجتاز به فأجابه إلى ذلك فوصل حلب في حادي عشر شعبان أقام بالقلعة ثلاثة أيام وولده يقوم بالضيافة حق القيام، وسار من حلب فاعترضه تقي الدين عمر ابن أخيه وأصعده إلى قلعة حماة وصنع له طعاما وأحضر له سماعا من جنس ما تعمل الصوفية وبات فيها ليلة واحدة وأعطاه جبلة واللاذقية، وسار على طريق بعلبك ودخل دمشق قبل شهر رمضان بأيام يسيرة، ثم سار في أوائل شهر رمضان يريد صفد فنزل عليها ولم يزل القتال حتى تسلمها بالأمان في رابع عشر شوال.
ثم سار إلى كوكب وضايقوها وقاتلوها مقاتلة شديدة والأمطار متواترة والوحول متضاعفة والرياح عاصفة والعدو متسلط بعلو مكانه فلما تيقنوا أنهم مأخوذون طلبوا الأمان فأجابهم إليه وتسلمها منهم في منتصف ذي القعدة من السنة.
بلغ صلاح الدين أن الإفرنج قصدوا عكا ونزلوا عليها يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنة 585هـ فأتى عكا ودخلها بغتة لتقوى قلوب من بها و استدعى العساكر من كل ناحية فجاءته وكان العدو بمقدار ألفي فارس وثلاثين ألف راجل ثم تكاثر الإفرنج واستفحل أمرهم وأحاطوا بعكا ومنعوا من يدخل إليها ويخرج وذلك يوم الخميس فضاق صدر السلطان لذلك ثم اجتهد في فتح الطريق إليها لتستمر السابلة بالميرة والنجدة وشاور الأمراء فاتفقوا على مضايقة العدو لينفتح الطريق ففعلوا ذلك وانفتح الطريق وسلكه المسلمون ودخل السلطان عكا فأشرف على أمورها ثم جرى بين الفريقين مناوشات في عدة أيام وتأخر الناس إلى تل العياضية وهو مشرف على عكا وفي هذه المنزلة توفي الأمير حسام الدين طمان وذلك ليلة نصف شعبان من سنة خمس وثمانين وخمسمائة وكان من الشجعان.
قال ابن شداد سمعت السلطان ينشد وقد قيل له إن الوخم قد عظم بمرج عكا وإن الموت قد فشا في الطائفتين :
اقتلاني ومالكا*****واقتلا مالكا معي
يريد بذلك أنه قد رضي أن يتلف إذا أتلف الله أعداءه، وهذا البيت له سبب يحتاج إلى شرح وذلك أن مالك بن الحارث المعروف بالأشتر النخعي كان من الشجعان والأبطال المشهورين وهو من خواص أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه تماسك في يوم معركة الجمل المشهورة هو وعبد الله بن الزبير بن العوام وكان أيضا من الأبطال وابن الزبير يومئذ مع خالته عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين وكانوا يحاربون عليا رضي الله عنه فلما تماسكا صار كل واحد منهما إذا قوي على صاحبه جعله تحته وركب صدره وفعلا ذلك مرارا وابن الزبير ينشد :
اقتلاني ومالكا*****واقتلا مالكا معي
يريد الأشتر النخعي.
قال ابن شداد ثم إن الإفرنج جاءهم الإمداد من داخل البحر واستظهروا على الجيوش الإسلامية بعكا وكان فيهم الأمير سيف الدين علي بن أحمد المعروف بالمشطوب الهكاري والأمير بهاء الدين قراقوش الخادم الصلاحي وضايقوهم أشد مضايقة إلى أن غلبوا عن حفظ البلد فلما كان يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة من سنة 587هـ خرج من عكا رجل عوام ومعه كتب من المسلمين يذكرون حالهم وما هم فيه وأنهم قد تيقنوا الهلاك ومتى أخذوا البلد عنوة ضربت رقابهم وأنهم صالحوا على أن يسلموا البلد وجميع ما فيه من الآلات والعدة والأسلحة والمراكب ومائتي ألف دينار وخمسمائة أسير مجاهيل ومائة أسير معينين من جهتهم وصليب الصلبوت على أن يخرجوا بأنفسهم سالمين وما معهم من الأموال والأقمشة المختصة بهم وزراريهم ونسائهم وضمنوا للمركيس لأنه كان الواسطة في هذا الأمر أربعة آلاف دينار ولما وقف السلطان على الكتب المشار إليها أنكر ذلك إنكارا عظيما وعظم عليه هذا الأمر وجمع أهل الرأي من أكابر دولته وشاورهم فيما يصنع واضطربت آراؤه وتقسم فكره وتشوش حاله وعزم على أن يكتب في تلك الليلة مع العوام وينكر عليهم المصالحة على هذا الوجه وهو يتردد في هذا فلم يشعر إلا وقد ارتفعت أعلام العدو وصلبانه وناره وشعاره على سور البلد وذلك في ظهيرة يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة من السنة وصاح الإفرنج صيحة عظيمة واحدة وعظمت المصيبة على المسلمين واشتد حزنهم ووقع فيهم الصياح والعويل والبكاء والنحيب.
ثم ذكر ابن شداد بعد هذا أن الإفرنج خرجوا من عكا قاصدين عسقلان ليأخذوها وساروا على الساحل والسلطان وعساكره في قبالتهم إلى أن وصلوا إلى أرسوف فكان بينهما قتال عظيم ونال المسلمين منه وهن شديد ثم ساروا على تلك الهيئة تتمة عشر منازل من مسيرهم من عكا فأتى السلطان الرملة وأتاه من أخبره بأن القوم على عزم عمارة يافا وتقويتها بالرجال والعدد والآلات فأحضر السلطان أرباب مشورته وشاورهم في أمر عسقلان وهل الصواب خرابها أم بقاؤها فاتفقت آراؤهم أن يبقى الملك العادل في قبالة العدو ويتوجه هو بنفسه ويخربها خوفا من أن يصل العدو إليها ويستولي عليها وهي عامرة ويأخذ بها القدس وتنقطع بها طريق مصر وامتنع العسكر من الدخول وخافوا مما جرى على المسلمين بعكا ورأوا أن حفظ القدس أولى فتعين خرابها من عدة جهات وكان هذا الاجتماع يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنة سبع وثمانين وخمسمائة فسار إليها فجر الأربعاء ثامن عشر الشهر قال ابن شداد وتحدث معي في معنى خرابها بعد أن تحدث مع ولده الملك الأفضل في أمرها أيضا ثم قال لأن أفقد ولدي جميعهم أحب إلي من أن أهدم منها حجرا ولكن إذا قضى الله تعالى ذلك وكان فيه مصلحة للمسلمين فما الحيلة في ذلك قال ولما اتفق الرأي على خرابها أوقع الله تعالى في نفسه ذلك وأن المصلحة فيه لعجز المسلمين عن حفظها وشرع في خرابها فجر يوم الخميس التاسع عشر من شعبان من السنة وقسم السور على الناس وجعل لكل أمير وطائفة من العسكر بدنة معلومة وبرجا معينا يخربونه ودخل الناس البلد ووقع فيهم الضجيج والبكاء وكان بلدا خفيفا على القلب محكم الأسوار عظيم البناء مرغوبا في سكنه فلحق الناس على خرابه حزن عظيم وعظم عويل أهل البلد عليه لفراق أوطانهم وشرعوا في بيع ما لا يقدرون على حمله فباعوا ما يساوي عشرة دراهم بدرهم واحد وباعوا اثني عشر طير دجاج بدرهم واحد واختبط البلد وخرج الناس بأهلهم وأولادهم إلى المخيم وتشتتوا فذهب قوم منهم إلى مصر وقوم إلى الشام وجرت عليهم أمور عظيمة واجتهد السلطان وأولاده في خراب البلد كي لا يسمع العدو فيسرع إليه ولا يمكن من خرابه وبات الناس على أصعب حال وأشد تعب مما قاسوه في خرابها وفي تلك الليلة وصل من جانب الملك العادل من أخبر أن الإفرنج تحدثوا معه في الصلح وطلبوا جميع البلاد الساحلية فرأى السلطان أن ذلك مصلحة لما علم من نفس الناس من الضجر من القتال وكثرة ما عليهم من الديون وكتب إليه يأذن له في ذلك وفوض الأمر إلى رأيه وأصبح يوم الجمعة العشرين من شعبان وهو مصر على الخراب واستعمل الناس عليه وحثهم على العجلة فيه وأباحهم ما في الهري الذي كان مدخرا للميرة خوفا من هجوم الإفرنج والعجز عن نقله وأمر بإحراق البلد فأضرمت النيران في بيوته وكان سورها عظيما ولم يزل الخراب يعمل في البلد إلى نهاية شعبان من السنة وأصبح يوم الإثنين مستهل شهر رمضان أمر ولده الملك الأفضل أن يباشر ذلك بنفسه وخواصه ولقد رأيته يحمل الخشب بنفسه لأجل الإحراق، وفي يوم الأربعاء ثالث شهر رمضان أتى الرملة ثم خرج إلى "اللد" وأشرف عليها وأمر بخرابها وخراب قلعة الرملة ففعل ذلك وفي يوم السبت ثالث عشر شهر رمضان تأخر السلطان بالعسكر إلى جهة الجبل ليتمكن الناس من تسيير دوابهم لإحضار ما يحتاجون إليه ودار السلطان حول النطرون وهي قلعة منيعة فأمر بتخريبها وشرع الناس في ذلك.
ثم ذكر ابن شداد بعد هذا أن الانكتار وهو من أكابر ملوك الإفرنج سير رسوله إلى الملك العادل يطلب الاجتماع به فأجابه إلى ذلك واجتمعا يوم الجمعة ثامن عشر شوال من السنة وتحادثا معظم ذلك النهار وانفصلا عن مودة أكيدة والتمس الانكتار من العادل أن يسأل السلطان أن يجتمع به فذكر العادل ذلك للسلطان فاستشار أكابر دولته في ذلك ووقع الاتفاق على أنه إذا جرى الصلح بيننا يكون الاجتماع بعد ذلك ثم وصل رسول الانكتار وقال إن الملك يقول إني أحب صداقتك ومودتك وأنت تذكر أنك أعطيت هذه البلاد الساحلية لأخيك فأريد أن تكون حكما بيني وبينه وتقسم البلاد بيني وبينه ولا بد أن يكون لنا علقة بالقدس وأطال الحديث في ذلك فأجابه السلطان بوعد جميل وأذن له في العود في الحال وتأثر لذلك تأثرا عظيما قال ابن شداد وبعد انفصال الرسول قال لي السلطان متى صالحناهم لم تؤمن غائلتهم ولو حدث بي حادث الموت ما كانت تجتمع هذه العساكر وتقوى الإفرنج والمصلحة أن لا نزول عن الجهاد حتى نخرجهم من الساحل أو يأتينا الموت هذا كان رأيه وإنما غلب على الصلح.
قال ابن شداد ثم ترددت الرسل بينهم في الصلح و تم الصلح بينهم يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان سنة 588هـ ونادى المنادي بانتظام الصلح وأن البلاد الإسلامية والنصرانية واحدة في الأمن والمسالمة فمن شاء من كل طائفة يتردد إلى بلاد الطائفة الأخرى من غير خوف ولا محذور وكان يوما مشهودا نال الطائفتين فيه من المسرة ما لا يعلمه إلا الله تعالى وقد علم الله تعالى أن الصلح لم يكن عن مرضاته وإيثاره ولكنه رأى المصلحة في الصلح لسآمة العسكر ومظاهرتهم بالمخالفة وكان مصلحة في علم الله تعالى فإنه اتفقت وفاته بعد الصلح فلو اتفق ذلك في أثناء وقعاته كان الإسلام على خطر.
ثم أعطى للعساكر الواردة عليه من البلاد البعيدة برسم النجدة دستورا فساروا عنه وعزم على الحج لما فرغ باله من هذه الجهة وتردد المسلمون إلى بلادهم وجاءوا هم إلى بلاد المسلمين وحملت البضائع والمتاجر إلى البلاد وحضر منهم خلق كثير لزيارة القدس.
بعد الصلح سنة 588هـ توجه السلطان إلى القدس ليتفقد أحوالها وتوجه أخوه الملك العادل إلى الكرك وابنه الملك الظاهر إلى حلب وابنه الأفضل إلى دمشق وأقام السلطان بالقدس يقطع الناس ويعطيهم دستورا ويتأهب للمسير إلى الديار المصرية وانقطع شوقه عن الحج ولم يزل كذلك إلى أن صح عنده مسير مركب الانكتار متوجها إلى بلاده في مستهل شوال فعند ذلك قوي عزمه أن يدخل الساحل جريدة يتفقد القلاع البحرية إلى بانياس ويدخل دمشق ويقيم بها أياما قلائل ويعود إلى القدس ومنه إلى الديار المصرية.
قال ابن شداد: وأمرني صلاح الدين بالمقام في القدس إلى حين عوده لعمارة مارستان أنشأه به وتكميل المدرسة التي أنشأها فيه وسار منه ضاحي نهار الخميس السادس من شوال سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ولما فرغ من افتقاد أحوال القلاع وإزاحة خللها دخل دمشق بكرة الأربعاء سادس عشر شوال وفيها أولاده الملك الأفضل والملك الظاهر والملك الظافر مظفر الدين الخضر المعروف بالمشعر وأولاده الصغار وكان يحب البلد ويؤثر الإقامة فيه على سائر البلاد وجلس للناس في بكرة يوم الخميس السابع والعشرين منه وحضروا عندهم وبلوا شوقهم منه وأنشده الشعراء ولم يتخلف أحد عنه من الخواص والعوام وأقام ينشر جناح عدله ويهطل سحاب إنعامه وفضله ويكشف مظالم الرعايا فلما كان يوم الاثنين مستهل ذي القعدة عمل الملك الأفضل دعوة للملك الظاهر لأنه لما وصل إلى دمشق وبلغه حركة السلطان أقام بها ليتملى بالنظر إليه ثانيا وكأن نفسه كانت قد أحست بدنو أجله فودعه في تلك الدفعة مرارا متعددة ولما عمل الملك الأفضل الدعوة أظهر فيها من الهمم العالية ما يليق بهمته وكأنه أراد بذلك مجازاته ما خدمه به حين وصل إلى بلده وحضر الدعوة المذكورة أرباب ا
ابراهيم عيسى إدارة عامة
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
موضوع: رد: صلاح الدين الايوبى الإثنين يونيو 21, 2010 11:29 pm