ابراهيم عيسى إدارة عامة
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: معنى الخبائث وأنواعها الثلاثاء يوليو 06, 2010 4:26 pm | |
| في معنى الخبائث وأنواعها خلق الله سبحانه و تعالى الإنسان بيده و استخلفه في الأرض ، و هو عالم بما يصلح له ، و ما يضره و ما ينفعه . فأرسل الرسل بشرائع السماء و كلها نزلت لحفظ مصالح الناس في دنياهم و لسعادتهم في أخراهم ، بما في ذلك حفظ الدين و العرض و النفس و المال و العقل . و التي سماها علماء العقيدة بالضرورات الخمس و ختمت هذه الشرائع بنبي الرحمة محمد صلى الله عليه و سلم الذي جاء بالشريعة السمحاء " الإسلام " الذي طالب بحفظ هذه الضرورات ، و حرص كل الحرص على صحة هذا الإنسان و حمايته من كل ما يتلف جسده و يفسد روحه .
و إذا كانت النصوص القرآنية ، و السنة المطهرة ، قد بينت بشكل صريح تحريم بعض الأطعمة و الأشربة لخبثها كالخمر و الميتة و الدم و لحم الخنزير ، فإن أشربة أخرى كالتبغ و الحشيشة والقات و غيرها لم تكن معروفة في العالم وقت التنزيل ، فلم تنزل بها نصوص صريحة خاصة بها ، لكن المشرع سبحانه و تعالى لم يترك الناس في حيرة من أمرهم ، فشريعة الإسلام صالحة لكل زمان و مكان ، فقد وضع ميزاناً دقيقاً ، يمكن لعلماء المسلمين أن يزنوا به كل مستحدث ، فقال وبكل وضوح ، كلمة وضعها كقانون علمي ثابت ، فيه كل الحكمة و كل الحق و كل الخير حين قال :
{ و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث } [ سورة الأعراف : الآية 157 ]
لقد أوجب الإسلام حفظ النفس و نهى عن قتلها أو أن يلقي بها صاحبها إلى الهلاك . قال تعالى :
{ و لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً } [ سورة النساء : الآية 29 ]
و قال : { و لا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة } [ سورة البقرة : الآية 195 ]
و لهذا نجد أن الإسلام عني بالجسد و النفس و أوجب تناول الحد الأدنى _ أو الضروري _ من الطعام و الشراب حفاظاً على الحياة و دفعاً للهلاك عن النفس ، و ما عدا قدر الضرورة ، يباح تناوله ما لم يكن مستقذراً و لا متعدياً على حقوق الغير و ما لم يصل إلى حد الإسراف .
فالإسراف في الطعام و الشراب يؤدي إلى التخمة و التخمة قد تؤدي إلى الهلاك أو الإصابة بعدد كبير من الأمراض كالداء السكري و النقرس و تلبك الهضم و التسممات و سواها ، فالإسراف خطر طباً و حرام شرعاً ، قال تعالى :
{ و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا } [ سورة الأعراف : الآية 31 ]
فلم يحرم الإسلام شيئاً من المعلومات و المشروبات إلا لضرر ينجم عنها ، أو خبث محقق فيها ، و هكذا يؤكد القرآن الكريم هذا المعنى حين قال جل جلاله :
{ يسألونك ماذا أحل لهم ، قل أحل لكم الطيبات } [ سورة المائدة : الآية 4 ]
فما حرم الشارع الحكيم إلا خبائث لا يليق بالعاقل أن يتناولها ، و كما أجمعت الأبحاث الطبية الحديثة ، على الضرر البالغ من تعاطيها . و إنه لمن عظيم الإعجاز الإلهي أن تتوافق موازين الشرع ، و موازين الطب في تحريم هذه الخبائث .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً و إن الله أمر المؤمنين بما أمر المرسلين فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم " [ رواه الإمام مسلم و الترمذي ] .
و الطيب لغة ما تستلذه النفس ، و الخبيث ما تكرهه رداءة و خساسة . فقد جاء في لسان العرب : أن الطيب من كل شيء أفضله ، لذا يطلق الطيب على الجيد ، و يطلق الخبيث على الرديء . أما في المصطلح الشرعي فيطلق الطيّب على الحلال ، والخبيث على الحرام .
قال الأصفهاني : الطعام الطيب في الشرع : ما كان متناولاً من حيث يجوز ، و بقدر ما يجوز ، و من المكان الذي يجوز ، فإنه متى كان كذلك كان طيباً عاجلاً و آجلاً لا يستوخم .
و هذا المصطلح هو المراد من قوله تعالى :
{ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحاً } [ سورة المؤمنون : الآية 52 ]
و قوله : { قل لا يستوي الخبيث و الطيب ول وأعجبك كثرة الخبيث } [ سورة المائدة : الآية 100 ] .
و قد تأتي كلمة الطيب في القرآن يراد بها المؤمن التقي الصالح كما أن كلمة الخبيث قد يراد منها الكافر كما في قوله تعالى :
{ الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } [ سورة النمل : الآية 32 ] . و قوله :
{ ليميز الله الخبيث من الطيب و يجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم } [ سورة الأنفال : الآية 38 ] .
و في الأطعمة و الأشربة أباح الإسلام أن يؤكل مما تنبته الأرض حلالاً طيباً . قال تعالى :
{ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق } [ سورة الأعراف : الآية 32 ] . و قال :
{ يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً } [ سورة البقرة : الآية 168 ] .
فالنبات المأكول كله حلال ما لم يعرض له عارض من نجاسة أو سرقة و ما لم يثبت ضرره لسمية فيه أو كونه مسكراً أو مفتراً للنصوص التي وردت في ذلك . فالنجاسات كلها عموماً محرمة ، فالدم و البول و الغائط و القيح و الصديد و الميتة ، كلها نجاسات يحرم أكلها أو أكل ما تلوث بها من طعام أو شراب .
قال الإمام الرازي في قوله تعالى : { و يحرم عليهم الخبائث } [ سورة الأعراف : الآية 157 ] و هذا يقتضي تحريم كل النجاسات ، و النجاسات خبائث فوجب تحريمها ثم إن الأمة مجمعة على حرمة تناول النجاسات . و لقول النبي صلى الله عليه و سلم في الفأرة تقع في السمن و تموت فيه : " إن كان جامداً فألقوها و ما حولها ، و إن كان مائعاً فأريقوه " [ رواه البخاري عن ميمونه رضي اله عنها ] .
و أن تحريم النجاسة كما يقتضيه الدليل الشرعي فإن الطب و فن الصحة يؤيدان ذلك لأن ما يحكم الشرع عليه بالنجاسة هو غالباً مصدر للعدوى بالأمراض الانتانية و الطفيلية لما يحتويه من كم هائل من الجراثيم و الطفيليات و بيوض الديدان ، كالميتة و الغائط ، أو لأنه وسط صالح لنمو الجراثيم فيه ، يغذيها و يسهل تكاثرها و نموها كالدم و البول .
و الخمر أم الخبائث . نص القرآن على تحريمها و جاءت السنة النبوية لتعلن على لسان النبي صلى الله عليه و سلم كل من ساهم في صنعها و بيعها و نقلها . و قد كتب أطباء الغرب آلاف آلاف الصفحات يحذرون من مخاطر شربها . ففي كتاب " أطباء الغرب يحذرون من شرب الخمور ينقل المؤلف عن مجلة لانست ما نصه : إذا كنت مشتاقاً إلى الخمر فإنك حقاً ستموت بسببه ، إن أكثر من 200 ألف شخص يموتون سنوياً في بريطانيا وحدها بسبب الخمر ، و قد أجمعت تقارير الكلية الملكية البريطانية أن الخمر لا يترك عضواً من أعضاء الجسم إلا أصابه بأذى .
و حرمت كل أنواع المخدرات كالحشيشة و الهيروئين و الأفيون و المورفين و سواها لاشتراكها مع الخمور في تغييب العقل حرصاً من المشرع على حفظه و سلامته . و حرم التدخين لما أكده الطب من أنه انتحار بطيء لتجرع متعاطيه لعدد من السموم لابد من أن تفعل فعلها في العضوية إن عاجلاً أو آجلاً .
و حرمت الميتة و الدم المسفوح و لحم الخنزير في نص قرآني واحد حيث قال تعالى :
{ حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به } [ سورة المائدة : الآية 3 ] .
فالحيوان الذي يموت حتف أنفه لمرض أو هرم أو لحادث عرض له كدهس و طعن هو ميتة محرمة ، و إن الطب و الذوق السليم يؤيدان بقوة تحريمهما فإن احتباس دم الميتة و سرعة تفسخ لحمها ملحظان في التحريم يغلب وجودهما في سائر أنواع الميتة .
إذ يؤكد العالم " وايلز " : أن عدم استنزاف دم الحيوان عند ذبحه يجعله غير صالح للأكل ، لأن وجود السائل الدموي في الأوعية ييسر للجراثيم أن تنتشر وسط اللحم بسرعة .
كما يؤيد الطب الحديث تحريم الدم و خبثه لأن الدم يحمل سموم و فضلات الاستقلاب من أنسجة البدن كالبولة Urea و حمض البول Uric Acid و غاز الكربون و غيرها ، و إن الإنسان إذا ما تناول كمية كبيرة من الدم ارتفعت نسبة البولة في دمه و هذا يؤدي إلى اعتلال دماغي خطير ، كما أن الدم وسط صالح لنمو و تكاثر الجراثيم . فحري بالعاقل أن يبتعد عن مصدر الأذى و يجتنبه ، وإنما جاء الإسلام ليذكره في كل مرة يحاول أن يؤذي نفسه بجهله و استكباره . و استثنى العلماء من التحريم نقل الدم للضرورة لإسعاف مصاب بنزوف شديدة و سواها .
و أما لحم الخنزير فقد أكد النص القرآني على أنه رجس . قال تعالى :
{ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس } [ سورة الأنعام : الآية 145 ]
و الرجس هو القذر و النجس . و قد توصلت الأبحاث الطبية الحديثة إلى نتائج مدهشة حول أضراره إذ أكدت أن الخنزير يصاب بأكثر من 450 مرضاً أكثرها وبائي ، و أنه يقوم بدور الوسيط لنقل أكثر من 57 مرضاً بعضها مهلك للإنسان ، هذا عدا عن نوعية لحمه و شحمه التي تسبب تليف الكبد و تصلب الشرايين و ضعف الذاكرة و العقم .
و يؤكد البروفيسور Ruffo أن الوجبة الدسمة الحاوية على لحمه تعتبر حجر الأساس في التحول السرطاني للخلايا لاحتوائها على هرمون النمو .
و على هذا فما يحرمه الشرع من الأطعمة و الأشربة يدعى خبيثاً ، و ما منها إلا و قد أثبت الطب فيه الضرر و الأذى . إلا أن الشرع قد حرم بعضها لخبث معنوي يعود تقديره للحق سبحانه و تعالى وحده فيما أمر و نهى ، و ذلك إما حفاظاً على سلامة عقيدة المسلم كتحريم الذبائح التي ذبحت لغير الله سبحانه ، كالتي تذبح لصنم أو وثن ، و ذبيحة المجوسي و عابد الوثن ، و ما لم يذكر اسم الله عليها ، أو حفاظاً على سلامة العبادة في الحج و العمرة كتحريم الصيد على المحرم ، أو لتعلق حق الغير بها كالطعام المسروق و المغتصب و الطعام المكتسب بقمار و بغاء ، و هذه إذا كان خبثها المعنوي هو الواضح في علة التحريم ، فخبثها المادي يتجلى أيضاً بما يحدثه طريق الوصول إليها من خلل في نظام المجتمع قد يصل إلى قتل النفس و تدميرها ، أو اعتداء على الأعراض و الأموال و سواها .
و يحرم عند الجمهور أكل لحوم الحيوانات المفترسة كالوحوش من أسد و نمر و ذئب و فهد ، فقد جاء في الموسوعة الفقهية عن الحنفية قولهم : إن كل دابة لها ناب مفترس لا تحل سواء كانت أهلية كالسنور الأهلي و الهر و الكلب أم وحشية كالذئب و الضبع و الثعلب و سواها .
و استثنى الحنابلة الضبع من التحريم ، كما استثنى الشافعية من التحريم الضبع و الثعلب و السنجاب محتجين بأن أنيابها ضعيفة ، و قال الماكلية بكراهة أكل لحوم الحيوانات المفترسة .
و الطيور الجارحة يحرم أكلها عند الجمهور ، أي ذوات المخلب من الطير كالصقر و الباز و النسر و أباحها المالكية .
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن كل ذي ناب من السباع ، و عن كل ذي مخلب من الطير . [ رواه الإمام مسلم و أبو داود و اللفظ لمسلم ] .
و عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع . [ رواه البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و أبو داود و مالك في الموطأ . متفق عليه ] .
كما حرمت لحوم الكلاب لما يرويه رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " الكلب خبيث ، خبيث ثمنه " [ رواه مسلم و الترمذي ] .
و يرى الدكتور محمود ناظم النسيمي أنه لم يجد حقائق طبية قاطعة حتى اليوم لعلة تحريم لحوم السباع ، إلا ما ثبت من مقاصد صحية في نقل الكلاب و الذئاب و بنات آوى لعدد من الأمراض الخطيرة و خاصة داء الكيسات الكلبية .
و يضيف الدكتور محمود ناظم النسيمي أن الحكمة من تحريمها قد تكون لدفع خطرها عن الإنسان لوحشيتها . إلا أن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن الإنسان عندما يتناول دهون الحيوانات آكلة العشب فإنها تستحلب في أمعائه و تتحول في جسمه إلى دهون إنسانية . أما عندما يتناول دهون الحيوانات آكلة اللحوم فإن استحلابها عسير في أمعائه و إن جزئياتها تمتص كما هي و تترسب في أنسجة الإنسان كدهون حيوانية مؤذية .
و ينقل الصيدلاني محمد فتحي الحريري أن منظمة الصحة جندت حملات للقضاء على الثعالب عام 1977 بعد أن ثبت أنها حلقة وصل في الإصابة بداء الكلب ، و الذي تنقله في الأصل الكلاب المسعورة .
كما يؤكد أن العلم قد أثبت اليوم ، و بعد تطور النظرية الوراثية و تطور الجينات إلى تأثر الآكل بطباع المأكول ، إذ من المعلوم في أوربا أن كثيراً من محترفي الملاكمة و المصارعة يقومون بتناول لحوم الضواري _ الحيوانات و الطيور المفترسة _ لتزداد شراستهم و قسوتهم و عنفهم .
و هذا ما نلحظه في الحديث عن أبي هريرة عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ..... و الفخر في الخيل و الإبل و الفدادين أهل الوبر و السكينة في أهل الغنم " [ رواه البخاري و مسلم ] .
يقول العلامة ابن خلدون في تاريخه : أكلت الترك لحوم الخيل ففشت فيهم الفروسية ، و أكلت العرب لحوم الغنم و الإبل ففشى فيهم الحلم و الصبر ، و أكلت الفرنجة لحوم الخنزير ففشت فيهم الدياثة .
و يحرم عند الجمهور أكل لحم الحمر الأهلية لما رواه الشيخان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية و أذن في الخيل .
و في رواية النسائي : أكلنا زمن خيبر الخيل و حمر الوحش ، و نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الحمار الأهلي .
و في رواية أبي داود : ذبحنا يوم خيبر الخيل و البغال والحمير ، و كنا قد أصابتنا مخمصة ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن البغال و الحمير و لم ينهانا عن لحوم الخيل .
و لما رواه الشيخان عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : أصابتنا مجاعة ليالي خيبر ، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها ، فلما غلت بها القدور ، نادى منادي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أن اكفؤوا القدور و لا تأكلوا من لحم الحمر شيئاً " .
أما البغال فهي محرمة عند الشافعية و الحنابلة لأنها متولدة من أحد أصلين ، الحمار ، و هو محرم .
و يرى النسيمي أن الحمير الأهلية إنما حرمت لحفظ مصالح الناس لأنها آلة حمولتهم منذ القديم ، أما الحريري فينقلنا مرة أخرى إلى نظرية تأثر الآكل بطباع المأكول ، فقال : إن ما قيل عن دياثة الخنزير و خسة طبعه ، يقال أيضاً عن الحمير الأهلية _ لكن من جانب آخر _ فالحمار يتصف بصفتين تجعلانه في قائمة المحرمات الشرعية ، أكلاً لا انتفاعاً .
1. الحمار من أكثر الحيوانات غباءً و بلادة و حمقاً ، و قد ندد الله سبحانه و تعالى بصوته و بغبائه فقال تعالى :
{ إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } [ سورة لقمان : الآية 19 ] .
و قال : { مثل الذين حُّملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً } [ سورة الجمعة : الآية 5 ] .
2. الحمار حيوان وقح شهواني شبق لدرجة أن لا يرعوي عن مواقعة أنثاه في قارعة الطريق على عكس الجمل و الخروف مثلاً .
أما الخيل فهي مباحة عند الشافعية و الحنابلة ، و كرهها الحنفية ، و حرمها المالكية لأنها آلة الجهاد .
و لا يحل أكل الضفدع عند الجمهور _ عدا المالكية _ لنهي النبي صلى الله عليه و سلم عن قتلها [ عن عبد الرحمن بن عيان رضي الله عنه : أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها . رواه أبو داود و النسائي ] و قاسوا عليها كل الحيوانات البرمائية .
عن عبد الرحمن بن عيان رضي الله عنه : أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها . [ رواه أبو داود و النسائي ] .
كما يحرم أكل حشرات الأرض كالعقرب و الثعبان و الفأرة و الجرذ و سواها لاستخباث الطباع السليمة لها ، و للأذى أو السمية التي يلحقها بعضها بالإنسان و لما تنقله من عوامل الأمراض الفتاكة لبني البشر كالطاعون و التيفوس و غيرها .
و الدابة التي أغلب طعامها النجاسة تدعى " الجلالة " و قد قال الحنابلة بحرمة أكل لحمها ، أما الشافعية و الحنفية فقالوا بكراهتها .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن أكل الجلالة و ألبانها . [ رواه أحمد و الترمذي و قال حديث حسن غريب ] .
و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية و عن ركوب الجلالة و أكل لحمها . [ رواه أحمد و النسائي و أبو داود ] .
أما ما لا نص فيه من الحيوان من كتاب أو سنة أو إجماع ، و لا ورد فيه أمر بقتله أو عدم قتله ، فقد قال الشافعية و الحنابلة بإباحته إن استطابه أهل يسار و طباع سليمة من أكثر العرب ، لقوله تعالى :
{ و يحل لهم الطيبات } [ سورة الأعراف : الآية 157 ] .
و لأن العرب هم الذين نزل عليهم الكتاب و خوطبوا به و بالسنة فيرجع في مطلق ألفاظها إلى عرفهم و ذوقهم .
و الأشياء الضارة التي ثبت ضررها و لا نص في تحريمها ، و السموم في غير التداوي ، كلها حرام لعموم النص ، قال تعالى :
{ و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ سورة البقرة : الآية 195 ] .
و لقوله صلى الله عليه و سلم : " لا ضرر و لا ضرار " .
فما ثبت ضرره ثبتت حرمته . يقول العلامة مصطفى الزرقا : الظاهر أن ما يغلب على الظن ضرره يحرم ، و ما يشك فيه أن يكون ضرره خفيفاً ، يكره ، فليتأمل .
صدق الله ، فما حرم علينا إلا كل خبيث ضار ، و ما أباح لنا إلا الطيب النافع ، إلا أنه من الواجب على المؤمن أن يتحاشى تناول ما حرم الله من المطعومات و المشروبات طاعة لله سبحانه العليم الخبير ، أدرك الحكمة أو العلة من التحريم أم لم يدرك ، مسلّماً بأن تلك المحرمات ، إنما حرمها الخالق ، المصور لهذا الإنسان ، العليم بما يضره و ما ينفعه ، تصديقاً و امتثالاً لقوله تعالى :
{ و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث } [ سورة الأعراف : الآية 157 ] .
و إذا كان الطب الحديث قد تمكن مع تطور وسائله اليوم ، و بعد مئات من السنين على تنزيل القرآن و البعثة المحمدية أن يحكم على مطعوم أو مشروب بأنه ضار بالصحة ، مهلك للجسد يجب تجنبه ، فإن المؤمنين الذين صدقوا ما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم قد تجنبوا ذلك الضرر ، بمجرد طاعتهم لله و تنفيذ أوامره ، لكن هذه الاكتشافات قد زادتهم يقيناً بدينهم و قامت بها حجة الله على الجاحدين .
و نحب أن نؤكد هنا أننا إذا تمكنّا من معرفة حكم ما ، ظنناها علة التحريم لمحرم ما ، فهذا لا يعني أنه لا توجد حكمة أخرى قد يكتشفها العلم في المستقبل ، فقد تكون هي و قد يكون غيرها ، و حتى إذا أمكن بحسب الظاهر التحرز عن ذلك الضرر بوسيلة ما ، لا يقوم جاحد ليدّعي أن ذلك المحرم أصبح حلالاً بعد أن كان حراماً .
لذا يجب علينا أن نعلم بأن في كل أمر أو نهي لله عز و جل _ مع الحكم التي يلحظها العلم _ حكمة تعبدية خالصة : و هي طاعة الله و تقواه بتنفيذ أوامره و نواهيه ، مستسلماً لشرعه ، ليزداد نورانية في طاعة مولاه ، و يعلو مقامه في درجات القبول عند الله | |
|