السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم يامعلم آدم وإبراهيم علمنا ويامفهم سليمان فهمنا ويامؤدب محمد صلى الله عليه وآله وصحبه أدبنا ومن شرور خلقك سلمنا وعلى غيرك أبداً لا تكلنا وعلى الكتاب والسنة الصحيحة أحينا ثم توفنا وأنت راضٍ عنا .
إخوانى وأخواتى الكرام قال الله عز وجل فى سورة الحشر بسم الله الرحمن الرحيم " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تعملون * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ "
الغد ياإخوتى هوالمستقبل والحياة الآخرة ، دار القرار ودار المقر
لا أريد من حديثى أن يكون الغرض منه الكلام التقليدى الذى ألفه الناس لدرجة أصبحت أن البعض لديه قسوة فى القلب من شدة ما يسمع ولا يحترق قلبه للعمل من أجل ما ينتظره ، أو مصمصة الشفاه تماماً كما يحدث عقب كل موعظة نسمعها .
لا بل ما أريده هو أن أحث نفسى أولاً ثم أنفسكم على العمل لما ينتظرنا فى آخرتنا .
فهذه الحياة انشغل بها أكثرنا ، وفى لهوها ضاعت أعمار أغلبنا ، وفى زخرفتها وشهواتها ظن كثير من الناس أنها دار القرار ، فأصبح كثير منا يعمل لأجل دنيته ، غير آبه لما ينتظره من ثواب وعقاب وحياة برزخية يعبها حياةً سرمدية أبدية إما فى نعيم أو جحيم .
إخوانى وأخواتى .... هل تذكرنا هذا المشهد الرهيب لحظات الموت وسكراته وآلامه ، هل عملنا لهذه اللحظات التى ننتقل بعدها من هذه الفانية إلى بداية الدار الآخرة .
كم شاهدنا أناسٌ يموتون ، وكم من أحباب فارقوا الدور والقصور ، وكم من أصدقاءٍ كانوا معنا يرتعون ويلعبون واليوم فى التراب يحاسبون ، ونحن إلى ما آلوا إليه قادمون ..
لكن هل تذكرنا هذه اللحظات التى سنصير فيها إلى ما صاروا إليه
نجد أعمالنا وما قدمنا لحياتنا
كم من حسرات فى أجواف الأرض ، وكم من نادمون فى مواقف لا ينفع فيها الحسرة ولا الندم
كم من أناس خرجوا من هذه الحياة وأصبحوا عبرة لغيرهم ، ولكن للأسف ليس هناك متعظ وليس هناك مدكر
تمر بنا الأيام والسنون ، ونعد الأعمار سنة تلو سنة ، ونحن فى لهونا وفى إنشغالنا ، تمر بنا السنين ولا نفكر بالتوبة والإنابة .
تجاهلنا الدار الآخرة والعمل من أجلها ، وانشغلنا بهذه الدنيا الفانية التى هى مزرعة للحياة الآخرة
كم من صلوات مرت بنا وأضعناها من أجل العمل والمشاغل
كم من الأوراد من الأذكار والقرآن فرطنا فيها لعدم وجود وقت لدينا
كم من صلة رحم قطعناها من أجل تنازع على أمور دنيوية بسيطة
كم من طاعات وقربات فرطنا فيها
كم من قيام ليل قمناه فى المعاصى والذنوب والسيئات
كم من ذنوب وسيئات بحثنا عنها بأنفسنا وذهبنا إليها بإرادتنا
كم من تجرؤ على محارم الله فى الخلوات
وكم من تفريط وإستهتار وإستهتانة بذنوب بسيطة أصبحت جارية السيئات
لكن هل سنستمر على هذا الحال ونحن فى غفلة دائمة
الحياة دوامتها ومشاغلها ولهوها وشهواتها لن تنتهى ، وما دمنا سلمنا أنفسنا لدوامة الحياة فلن نحصد منها غير الهم والحزن وأخشى أن نأتى يوم القيامة يكون عذرنا لربنا " شغلتنا اموالنا وأهلونا "
حينئذٍ سنخسر أنفسنا وأى خسران ان يخسر الإنسان نفسه وأهله يوم القيامة
" قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين "
فمن ينسى الله فإن الله ينسيه نفسه
إخوانى وأخواتى أخشى على نفسى وعليكم أن نظل فى لهو الحياة تاركين أنفسنا لشهواتها وملذاتها ثم سرعان نفاجأ باللحظات القاسية التى لا يصلح فيها الندم
كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ
لحظات يتمنى المرء فيها أن يعود للحياة من أجل أن يسبح تسبيحة أو يؤدى فريضة أو يتصدق بصدقة أو يصلى ركعة أو يفعل أى خير ولكن هيهات هيهات
كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون
ومن بعدها ..
بعث ونشور
وعرض وحساب
وميزان وصراط وتطاير صحف
ثم الخاتمة إما نار وإما جنة
إخوانى وأخواتى ، فلنعش فى دنيانا من أجل آخرتنا ولنجعل أعمالنا من أجل دار البقاء لا من أجل دار الغرور
فالحياة ممر والآخرة مقر
فخذ من ممرك لمقرك
بسم الله الرحمن الرحيم " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تعملون * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ "
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك