الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بد أن نعلم أن طمأنينة القلب وانشراح الصدر وزوال الوحشة لا يمكن أن يتأتى إلا إذا رضي عنا ربنا الذي خلقنا سبحانه- وهذا لا يتم أبداً ولا يوجد في النفوس إلا إذا ابتعد الإنسان عن المعاصي والذنوب واقترب من الله تعالى، فللذنوب أضرار في القلوب كأضرار السموم في الأبدان، وكل ضرر واقع في الدنيا والآخرة فسببه الذنوب والمعاصي.
ومن آثارها التي تفسد على الإنسان دنياه وآخرته:
حرمان العلم
حرمان الطاعة
حرمان الرزق
وحشة يجدها العاصي
ظلمة في القلب
ابتعاد الملائكة عنه وتسلط الشياطين عليه
رد الدعاء
وغير ذلك من الآثار الكثيرة .
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.
وسأذكر لك بإذن الله عدة ينابيع تنفي عنك الوحشة وضيق الصدر
يتبع >>>
ينبوع الإيمان بالله
-إن أول ينبوع ننهل منه فترتوي قلوبنا هو: ينبوع الإيمان بالله، إذ لا سعادة إطلاقاً بدون الإيمان الراسخ بالله -عز وجل- وبالقدر خيره وشره, قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:125].
ينبوع التوكل على الله
-أما الينبوع الثاني فهو: ينبوع التوكل على الله، فالمتوكل على الله قوي القلب لا تؤثر فيه الأوهام ولا تزعجه الحوادث، لعلمه أن الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة، فيطمئن لوعده، كما أنه يسعد حين يسعى في بذل الخير للناس ويحسن إليهم ولا ينتظر منهم جزاءً ولا شكوراً، بل يرجو ذلك من ربه سبحانه، قال تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36].
ينبوع القناعة
وثالث هذه الينابيع هو: ينبوع القناعة، حيث إن الذي لا يعرف القناعة لن يعرف السعادة أبداً ولو ملك كنوز الأرض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب. رواه البخاري وغيره. وقال صلى الله عليه وسلم: قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه. رواه مسلم
تلاوة القرآن
-أما الينبوع الرابع فهو: تلاوة القرآن والاشتغال بذكر الله عن هموم الدنيا، واللجوء إلى الله بالدعاء مع اليقين بأنه -سبحانه- سيجيب دعوتك في الحال، أو يدفع عنك من السوء مثلها، أو يدخرها لك في الآخرة.
واعلم أن ما تخشاه على نفسك من النفاق يدل على أن قلبك حي ومتصل بالله، كما قال الحسن البصري رحمه الله: والله ما خافه إلا مؤمن و لا أمنه إلا منافق.