موضوع: حكم أصحاب البروج و معرفة الحظوظ و حكم من يقرؤها الأربعاء مايو 12, 2010 4:27 am
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , نحمده , ونستعينه , ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}. { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}. فإن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي ليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أما بعد : فإن اللَّه سبحانه و تعالى لمّا كان هو الخالق المدبر المتصرِّف في هـذا الكون ، وهـو القائم عليه ، كان لابدَّ أن يختصَّ دون سائر مخلوقاته بصفات و أفعال لا تنبغي إلا له . وممـا اختصَّ به عزَّ و جلَّ أنه يعلم الغيب ، فـلا يجوز لأحد من الخلق أن يدّعي ذلك لنفسه ولا أن ينسبه لغيره ، لا لـمَلَك ولا لنبيّ ، ولا لرسول ولا وليّ ، ولا لإنسي ولا جني .
قـال الله تعالى :{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} . وقال تعالى :{ إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَـا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} . وفـي "صحيح البخاري" عَـنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَـالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « مِفْتَاحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِى غَدٍ ، وَلاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِى الأَرْحَامِ ، وَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ، وَمَـا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، وَمَا يَدْرِى أَحَدٌ مَتَى يَجِىءُ الْمَطَرُ » . فالله هو المتفرد بهذا دون سائر الخلق ومن أخبر بشيء منه من رسول أو نبي فبإعلام الله لهم ، قال الله :{وَمَا كَـانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} . وقال :{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا.إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} . وقال :{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} . وهؤلاء أقرب الخلق إلى الله وأحبهم إليه يقرون ويعترفون ويبرؤون إليه سبحانه من ذلك . فهذا أول الرسل نوح عليه السلام يحكي الله عنه فيقول :{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} . وكذلك يحكي الله عن خاتم الرسل والأنبياء فيقول : {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} . ويحكي عنه أيضًا فيقول : {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . وقال أيضًا :{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} . وفي "صحيح مسلم" عـن عائشة أم المؤمنين قَالَتْ : " وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِى غَدٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ وَاللَّهُ يَقُولُ :{قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ } " . ولمّا سمـع - صلى الله عليه وسلم - تلك الجارية تقول :وَفِينَا نَبِىٌّ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ . قال - صلى الله عليه وسلم - : « لاَ تَقُولِى هَكَذَا » . رواه البخاري . وعند ابن ماجه ، فَقَالَ : « أَمَّا هَذَا فَلاَ تَقُولُوهُ ، مَا يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ إِلاَّ اللَّهُ ». وهذا نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام مع ما أعطاه الله وسخّر له لم يكن يعلم خبر أهل مأرب حتى أخبره الهدهد بذلك ، قال الله تعالى في شأنه : {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ . لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ . فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} . وهؤلاء ملائكة الرحمن قال الله لهم : {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. فأجابوه بقولهم :{قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} . بل وهؤلاء الجن ّقد اعترفوا بأنهم لا علم لهم بذلك ، كما قال تعالى : {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} .
فيا أيها المسلم ، يا من صدق بكتاب ربّه ، و امتثل لسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم ، قد سمعت هذه الآيات وهذه الأحاديث ، فوجب علينا أن نمتثل لها ، ونعمل بها ، وإلا فبأيّ شيء نعمل ولأيِّ شيء نمتثل ، قال الله تعالى : {تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ . وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ . مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ }. وقال : {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ . فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} . فلابدّ إذًا أن نُقِرَّ أن الله عزّ و جلّ هو المتفرد بعلم الغيب ، وأنه لاحظَّ ولا نصيب لأحد من الخلق في معرفة شيء من أمور الغيب فلا يعلم أحد منا ما سيقع من حوادث في شئون الخلق ، وأمّـا ما يزعمه هـؤلاء السحرة والعّرافون والمنجمون والكهنة من معرفتهم للغيب فكذب وتضليل ، وتلبيس وتخييل . وإن ممّا شاع في زمننا هذا وذاع ، وصدّق به كثير من الناس والرَّعاع ، بل للأسف أن نقول : قد صدّق به كثير من طبقة أهـل الثقافة من أصحاب المِهَن الرفيعة و الشهادات العليا !! وما ذاك إلا لجهلهم بدينهم وانغماسهم فيما لايعود لهم بنفع . هــذا الأمـر الخطير عـلى معتقد العبد المسلم هـو مـا تنشره بعض الصـحف والمجلات والقنوات الفضائية ، وبما يُسمَّى بـ" فلكي بيت الفقيه" ، بمـا يسمونه بعـلم الـبروج ، ومعرفة الحـظ ومطالعة النجوم ، فـهذا كـذلك من الكـذب والبهتان ، ومـا يزعمونه أن للكواكب والنجوم ثأثيرًا فـي الحوادث الأرضية ضلال وكـفر . جاء في "الصحيح" عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : « هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ » ؟ . قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : « أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى مُؤْمِنٌ بِى وَكَافِرٌ ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ . فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِى كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا . فَذَلِكَ كَافِرٌ بِى مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ » . بل جعله رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- من أنـواع السحر ، وذلـك فيما رواه الإمـام أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ ». والذي يدل على كذبهم هـو نفس كلامهم ، فيقولون : مـن كان برجه كذا وكذا فسوف يلقَى أمرًا يزعجه أو يخيفه...إلى غير ذلك !!! ومن كان برجه كذا وكذا فسوف يلقَى أمرًا يفرحه ويسعده !!! والسؤال : قل لي – بالله عليك – هل تعلم مَلِكًا أو مملوكًا ، أورئيسّا أو مرءوسّا ، أو غنيًّا أو فقيرًا ، أو ... ، لا يمرّ عليه ضيق و ضَيْر ، أو فرح وخير . فمن ذا الذي لا يلـقى في حياته - أو لربما في يومه - أمرًا يزعجه أو يخيفه ، أو أمرًا يفرحه ويسعده ، فالغني صـاحب الأموال والنعيم لاشك أنه يلاقي شـيئًًا من مكروه أوضيق ، والفقير المعدم البائس لاشك أنه يلاقي شيئًا يفرحه ويسعده . فصار كلامهم فيه من التلبيس والتمويه والمغالطة على عوام الناس . ثمّ قل لي : مَن هم أعلى منزلة ، وأرفع مرتبة ، وأكثر علمًا ، هؤلاء الدجاجلة الكذبة ، أم أنبياء الله و رسله ؟ لاشك أن المسلم سوف يقول : أنبياء الله و رسله . فأقول لك : فكيف يعطي الله هؤلاء الدجاجلة الكذبة - الذين لربما ما سجدوا لله سجدة واحدة - شيئًا حظره عن أنبيائه و رسله ؟!!
حُكْم من يقرأ هذه المواضيع
أيها المسلم الطالب لرضا ربّهِ ، الخائف من سخطه و غضبهِ ، إذا علمت حكم هؤلاء الكذبة الدجلة ، فاعلم أن من قرأ هذه المواضيع مصدقًا لأصحابها ، معتقدًا أنهم يعلمون شيئًا من الغيب هذا حكمه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : « مَنْ أَتَى كَاهِناً أَوْ عَرَّافاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ». فقارئ هذه المواضيع يدخل في حكم من يأتيهم. وأما من يقرأ هذه المواضيع غير مصدق ولامعتقد فحكمه ما قاله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَىْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ».رواه مسلم .
وأما من يقرأ هذه المواضيع ليردّ عليهم ، ويبين للناس كذبهم وتلبيسهم ، وكان من أهـل المعرفة ، فهذا أمرجائز -ولربما كان واجبًا- لمن كان له معرفة وعلمٌ . ودليله ما ثبت في "الصحيحين" عن عَبْدَ اللَّهِ بنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَـيَّادٍ حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُـمِ بَنِى مَغَالَةَ - وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ - فَـلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لاِبْنِ صَيَّادٍ : « أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ ». فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ ، فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ : « آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ ». ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَاذَا تَرَى ». قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ : يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ». ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنِّى قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا ». فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ : هُوَ الدُّخُّ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ » . فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : ذَرْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِى قَتْلِهِ ». فالنبيّ صلى الله عليه وسلم ذهب إلى ابن صياد ليبيّن للناس كذبه و تلبيسه .
نصيحة لأصحاب الصحف والمجلات
ننصح لهم بأمور :
1- أن يُلغوا هذه المواضيع من صحفهم لأنها أمور محرَّمة بدلالة الكتاب و السنة . والله تعالى يقول : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} .
2- أن يتوبوا إلى الله مما قد وقع منهم من نشر هذه المواضيع وترويجها بين الناس ، قال تعالى : {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} .
3- أن يكتبوا في صحفهم ما يبينوا فيه موقف الإسلام من هذه الضلالات ، فكم من جاهل قد انخدع بها فوقع في المهالك ، ولا شك في وقوع الكل في الذنب ، لأنهم هم السبب بنشر تلك الأشياء
4- أن يحذروا بطش الجبار و عقوبته لاسيما في نشر الأخبار الكاذبة التي تنتشر بين الناس ، فقد رأى صلى الله عليه وسلم بعض أصناف أهل النار ، كما فـي "صحيح
فهل تعلم أيها الصحفي من هذا ، قال صلى الله عليه وسلم : « وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ » .
نسأله تعالى العافية .
تذكرة للمسؤلين
ويجب على من ولاهم الله أمـر الرعية – وفَّقهم الله -أن يُوقفوا هـذه الصحف والمجـلات ، وأن يُنْزلوا بأصحابها أشدَّ العقوبات ، يقول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} .
وفي "الصحيحين" أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ-[وكان أمير البصرة في زمن معاوية]- عَـادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِى مَـرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَـهُ مَعْقِلٌ : إِنِّى مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِـنْ رَسُولِ اللَّهِ – صـلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صـلى الله عليه وسلم –يَقـُولُ : « مَـا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً ، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ ، إِلاَّ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ » وحديث أبي بكر الصديق سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ ». رواه أحمد .
أرأيتم أيها المسئولون الكرام لو أن صحيفة من الصحف نشرت مقالًا فيه ما يمسُّ أَمْن البلاد والحكومة ، ما أنتم عاملون ؟!!
فكيف إذا نشروا مقالًا يُغضب الجبَّار ، ومالك السموات والأرض والجبال ، نسأل الله العون والتوفيق لنا ولكم .
اللهم فقهنا في الدين ، وأصلح أحوالنا وأحوال ولاة المسلمين ، ووفقنا وإياهم للقيام بخدمة هذا الدين.
كلام أهل العلم والدين
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ في "التمهيد" صـ 346- 347 : ومما يدخل في التنجيم في هذا العصر بوضوح -مع غفلة الناس عنه- ما يكثر في المجلات مما يسمونه البروج ، فيخصصون صفحة أو أقل منها في الجرائد ، ويجعلون عليها رسم بروج السنة برج الأسد ، والعقرب ، والثور ، إلى آخره ، ويجعلون أمام كـل برج ما سيحصل فيه ، فإذا كان الرجل أو المرأة مولودًا في ذلك البرج يقول : سيحصل لك في هذا الشهر كذا وكذا وكذا ، وهذا هو التنجيم الذي هو التأثير ، والاستدلال بالنجوم والبروج على التأثير في الأرض وعلى ما سيحصل في الأرض ، وهو نـوع من الكهانة ، ووجوده في المجلات والجـرائد على ذلك النحو وجود للكهانة فيها ، فهذا يجب إنكاره إنكارًا للشركيات ، ولادِّعـاء معرفة الغيب وللسحر وللتنجيم ؛ لأن التنجيم من السحر كما ذكرنا ، ويجب إنكاره على كل صعيد ، ويجب أيضًا على كـل مسلم أن لايدخله بيته ، وأن لا يقرأه ، ولا يطلع عليه ؛ لأن الاطـلاع على تلك البروج ومـا فيها- ولو لمجرد المعرفة- يدخل في النهي من جـهة أنه أتى الكاهن غير منكر عليه . وإذا قرأ هـذه الصفحة وهو يعلم برجه الذي ولد فيه ، أو يعلم البرج الذي يناسبه ، وقرأ ما فيه ، فكأنه سـأل كاهنًا ، فلا تقبل له صلاة أربعين يومًا ، فإن صـدق بما في تلك البروج فقد كـفر بما أنزل على محمد ، وهذا يدلُّك على غربة التوحيد بين أهله ، وغربة فهم حقيقة هـذا الكتاب- كتاب التوحيد- حـتى عند أهل الفطرة وأهل هذه الدعوة ، فإنه يجب إنكار ذلك على كل صعيد وأن لا يؤثم المرء نفسه ، ولا من في بيته بإدخال شيء من الجرائد الـتي فيها ذلك في البيوت ؛ لأن هذا معناه إدخال للكهنة إلى البيوت ، وهذا- والعياذ بالله- من الكبائر ، فـواجب إنكار ذلك وتمزيقه والسعي فيه بكل سبيل حتى يدحر أولئك ؛ لأن أهـل التنجيم وأهـل البروج هـم من الكهنة ، والتنجيم له معاهد معمورة في لبنان وفي غيرها ، يتعلم فيها الناس حركة النجوم ، وما سيحصل بحسابات معروفة ، وجـداول معينة ، ويخبرون بأنه من كان من أهل البرج الفـلاني فإنه سيحصل له كـذا وكـذا ، عن طريق تعلُّم وهمي يغرُّهم به رؤوسهم وكهانهم ، فالواجب على طلبة العلم أن يسعوا في تبصير الناس بحقيقة ذلك في كلماتهم ، وبعد الصلوات ، وفي خطب الجمعة ؛ لأن هذا مما كثر البلاء به ، والإنكار فيـه قليل ، والتنبيه عليه ضعيف ، والله المستعان .اهـ وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد اللَّـه آل فـوزان في "الإرشاد" : ومن الخـرافات الباطلة ما يروجه الدجالون في بعض الصحف والمجـلات من ذكـر البخت والنحوس والسعود ، ويعلقون ذلك بحسابات البروج والنجوم، ويصدق به بعض السذج .اهـ والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .