ابراهيم عيسى إدارة عامة
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: سيماهم في وجوههم من أثر السجود الجمعة مايو 14, 2010 6:35 am | |
| الحمد لله الذي وسع كل شيءٍ رحمةً وعلماً، ورفع بعض خلقه على بعض، منةً منه وفضلاً، وإكراماً وإعزازاً، وله الحجة البالغة، والحِكَم الباهرة فيما اختار، ومن اصطفى، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون. وأشهد أن لا إله إلا هو، الملك الكريم، الحكيم الخبير، السميع العليم، الرقيب الحفيظ. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي خُتمت به الأنبياء والمرسلون، وفَتح به ربه قلوباً غلفاً، وعيوناً عمياً، وآذاناً صماً، فصلى الله عليه وسلم وبارك، وعلى أزواجه وذريته وباقي آل بيته، وعلى أصحابه السادة الغُرر، الأئمة الكٌبَر، البررة الأنجاب، السابقين إلى تصديقه ونصرته، والناقلين لسننه وأحكامه، وأقواله وأفعاله وأحواله، والباذلين أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم لنشر دينه، وهداية الناس إليه، حتى كان جميعه راجعاً إلى نقلهم وتعليمهم، ومتلقى من جهتهم، فلهم مثل أجور كل من اهتدى بشيء منه على مر الأزمان، واختلاف البلدان، وتنوع الأجناس، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. أما بعد أيها الناس: فإن من أعظم خصال التقوى، وأجل صفات أهل الإيمان، وأحسن خلال المسلم، ودلائل جميل الديانة، وشواهد صلاح الباطن، وعلامات وفور العقل وصحته، هو حب جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلامة القلوب والألسن جهتهم، وذكرهم بين الناس بالجميل، وإعزازهم وإجلالهم وتوقيرهم. وعلى هذه العقيدة الطيبة الزكية سار أهل السنة والحديث على مر الأزمان، وتباين الأقطار، واختلاف الأجناس والألوان واللغات، وسيستمرون عليها إلى قيام الساعة. ومن قرأ القرآن المجيد فلن يجد إلا هذه العقيدة، ومن نظر أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه زادته إيماناً وتمسكاً بهذه العقيدة، ومن وقف على أقوال أجلة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة إليهم وجد أنهم لا يخرجون عن هذه العقيدة الطيبة المباركة، ومن قلب دواوين السنة المطولة والمختصرة زادته ثباتاً إلى ثبات. أيها الناس: قال الله جل وعلا في شأن الصحابة رضي الله عنهم: { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم }. وقد دلت هذه الآية الكريمة على جملة من الفوائد: ومن هذه الفوائد: ثناء الله تعالى على الصحابة من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم الذين سبقونا إلى الإيمان والهجرة والجهاد وإقامة الدين. ومن هذه الفوائد: إخبار الله تعالى جميع خلقه بأنه قد رضي عن هؤلاء الصحابة الكرام رضي الله عنهم. ومن هذه الفوائد: تبشير هؤلاء الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم بأنهم من أهل الجنة الخالدين فيها أبداً. ومن هذه الفوائد: بيان الله لمن جاء بعد هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم بأنه لن يرضى عنهم إلا إذا كانوا ممن اتبع هؤلاء الصحابة بإحسان. ومن هذه الفوائد: الحكم بصحة إيمان هؤلاء الصحابة الأخيار رضي الله عنهم، وسلامة ما كانوا عليه من القول والعمل. حيث جمع الله تعالى لهم بين رضاه عنهم، ووعدهم بدخول الجنة، وشَرَطَ الرضا عن من بعدهم باتباعهم. وقال الله عز وجل في شأن الصحابة رضي الله عنهم: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً }. وقد دلت هذه الآية الكريمة على جملة من الفوائد: ومن هذه الفوائد: ثناء الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وذكر شيء من صفاتهم الطيبة الجليلة. ومن هذه الفوائد: إخبار الله تعالى بأن هذا الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وهذه الصفات التي وصفهم بها في القرآن، مذكورة فيما أنزل على موسى عليه السلام في التوراة. ومن هذه الفوائد: إخبار الله تعالى بأنه قد أثنى على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وذكر شيئاً من صفاتهم فيما أنزل على عيسى عليه السلام في الإنجيل. ومن هذه الفوائد: شهادة الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بأنهم لا يريدون بعبادته إلا وجه، حيث قال سبحانه: { يبتغون فضلاً من ربهم ورضوناً } وهذه تزكية منه تعالى لبواطنهم. ومن هذه الفوائد: شهادة الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بحسن صلاتهم وكثرتها، حيث قال سبحانه: { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } وهذه تزكية منه تعالى لظواهرهم. ومن هذه الفوائد: شهادة الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بالشجاعة والبسالة مع أعدائه الكفار. ومن هذه الفوائد: بيان أن الله تعالى قد جعل نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه محل غيظ لأعدائه الكفار.
وقال الله تعالى بعد أن مدح الصحابة من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم في سورة الحشر: { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم }. وقد دلت هذه الآية العظيمة على جملة من الفوائد: ومن هذه الفوائد: شهادة الله تعالى للصحابة من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم بالإيمان والسابقة إليه. ومن هذه الفوائد: بيان عقيدة أهل الإيمان الحق في الصحابة رضي الله عنهم، وأنها: سلامة القلوب والألسن جهتهم. حيث أخبر سبحانه أن من جاء بعد هؤلاء الصحابة من المؤمنين: يدعون للصحابة بالمغفرة، ويشهدون لهم بالإيمان، وبسابقتهم إليه، وأنهم إخوان لهم فيه، ويسألونه أن يسلم قلوبهم من الغل عليهم أو أحد منهم. ومن هذه الفوائد: بيان قبح ما عليه الروافض والخوارج جهة الصحابة رضي الله عنهم، حيث دُعوا إلى سلامة الألسن مع الصحابة بالدعاء والاستغفار لهم، وإلى سلامة القلوب بعدم الغل والبغض والحقد عليهم، فأبغضوهم وسبوهم وشوهوا صورهم وتأريخهم بين الناس. أيها الناس: قال رسول صلى الله عليه وسلم في حق جميع أصحابه رضي الله عنهم: (( خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم )) رواه مسلم. وفي هذا الحديث الشريف: دلالة ظاهرة جلية على أن الصحابة رضي الله عنهم أفضل هذه الأمة بلا منازع. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً في حق أصحابه من الأنصار رضي الله عنهم: (( لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق )) رواه البخاري ومسلم. وفي هذا الحديث الشريف: دلالة واضحة على ذم كل من لا يحب الأنصار، وأن مبغضهم من المنافقين. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحب من صاحبني )) رواه ابن أبي شيبة. وهذه شهادة بأن أمته لا تزال بخير ما دام الصحابة أو من رآهم وصاحبهم فيهم وبينهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً لأمته جميعاً: (( لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه )) رواه البخاري ومسلم. وقد دل هذا الحديث الشريف على جملة من الفوائد: ومن هذه الفوائد: حرمة سب أو عيب أو ذم الصحابة أو أحد منهم. ومن هذه الفوائد: بيان قبح ما عليه الروافض والخوارج حيث يسبون ويذمون من نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التعرض لجانبهم أو أحدهم. ومن هذه الفوائد: أن العمل الكثير من غير الصحابة لا يساوي العمل القليل من الصحابة رضي الله عنهم. حيث دل الحديث على أن الصحابي رضي الله عنه لو تصدق في سبيل الله بملء كفيه، وتصدق غير الصحابي بمثل جبل أحد ذهباً فصدقة الصحابي رضي الله عنه أعظم وأفضل عند الله تعالى. وقد ثبت عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه قال: (( لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادتكم أربعين سنة )) رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة. ومن هذه الفوائد: بيان عظم منزلة الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكبير شرفها، وسعادة من نالها. **منقول** | |
|