ابراهيم عيسى إدارة عامة
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: واجباتنا في الحرب العالمية المعلنة على الإسلام الأربعاء مايو 19, 2010 8:38 pm | |
| ختصر المقالة: وما كنت أتصور أن الإعلام يصل إلى درجة من الوقاحة يخرج فيه مذيع أمريكي فيتحدّث بملء فمه في قناة (الجزيرة) (في برنامجها : من واشنطن) فيقول: "ليست مشكلتنا مع التطرّف, بل مشكلتنا مع الإسلام, لأن الإسلام دِينٌ أَمَر الله فيه رسوله أن يُعلّم أتباعه قتلَ الكفّار أينما وجدوهم".
وقمت أيضا بنقل المقالة كاملة: واجباتنا في الحرب العالمية المعلنة على الإسلام خطبة الجمعة للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني في جامع العادلية بحلب بتاريخ 4/12/2009م - اشتدي أزمة تنفرجي.. - {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] - إذا أردت أن تعرف موعد الفجر, فارقب شدة الظلام. هذه سنة الله أيها الإخوة الأحبة. وكلّما ازداد أمل المسلمين, وترقبت القلوبُ صحوة العالَم, رأينا الحرب المُعلَنة على الإسلام تزداد حِدة وشدة، وتأتي من البعيد والقريب... فلا يتوقّف الأمر عند إعلان حرب على مآذن المساجد أو لباس المرأة الذي تلبسه المسلمة, ولا يتوقّف عند السخرية والاستهزاء على أكرم خلق الله, لكنه يصل إلى كل رقعة وبقعة في بلاد المسلمين.... ومع هوان المسلمين وضعفهم نرى كيف تُغيّر المناهج والكتب الدرسية في بلاد المسلمين بلدًا بلدًا, ويقال فيها: تلك الكتب القديمة تخللتها بعض الألفاظ العدائية، لا سيما إذا ما ذُكر في عقائد المسلمين كُفر اليهود أوالنصارى, أو ذُكر أن من أحكام الإسلام حُكمًا يسمى الجهاد.. فيُطلب من هذه الأمة أن تـتحوّل إلى حماماتٍ بيضاء. وفي نفس الوقت تُشنّ حرب ضروس على الإسلام في كل مكان. وما كنت أتصور أن الإعلام يصل إلى درجة من الوقاحة يخرج فيه مذيع أمريكي فيتحدّث بملء فمه في قناة (الجزيرة) (في برنامجها : من واشنطن) فيقول: "ليست مشكلتنا مع التطرّف, بل مشكلتنا مع الإسلام, لأن الإسلام دِينٌ أَمَر الله فيه رسوله أن يُعلّم أتباعه قتلَ الكفّار أينما وجدوهم". هكذا يتحدّث عن الإسلام.. وهكذا يُعلّم الغربيُّ المسلمين دينهم, ويُفصّل للمسلمين أحكام شريعتهم. إنه لا يقرأ العربية ولا يفهمها.... فهل كان جاهلاً.. أم أنه عدو مُغرِضٌ ساقته الوسائل ليقول ما يقول..؟؟ إنه يشير كما يعرف أهل الاختصاص إلى آيات في سورة التوبة, يقول فيها الله سبحانه وتعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ , إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ, فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ, وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ, كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ, كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاً وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ, اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: 3-9] وهذه الآيات أيها الأحبة, آيات نـزلت من أجل تطهيرِ المشاعر الحجازية من شِرك الأوثان, فالله سبحانه وتعالى أمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام وابنه أن يُطهِّرا بيته {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: 125] حتى يكون البيت العتيق مصدر التوحيد, فهو حُكم بيّنه القرآن الكريم يتعلّق بالمشاعر المقدسة الحجازية, ولا يتحدّث عن الكفار عموما... إنه يتحدث عن الأوثان في المشاعر, فلا يستساغ للمسلم الذي يريد الحج الطواف بالبيت العتيق أو الوقوف على أرض عرفات, و في طريقه صنم يُعبد, فمقصود الحج التوحيد. الإسلام لا يقتل الكفار أيها الجاهلون. أتحداكم أيها المغفلون أن تأتوا بآية واحدة أو حديث فيه يدعو إلى قتل الكفار عموما. لو أن عَبدة الأصنام أصرّوا على معاندة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضع الأصنام في المشاعر المقدسة, فإن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقتل المدافعين عنها من أجل تنفيذ هذا الحكم الإبراهيمي, أما قتل الكفار عموما..! فإننا ما قرأناه ولا عرفناه في دين الإسلام. ومع أن مُداخِلاً في القناة المذكورة نوّه إلى بطلانِ ما قاله ذلك المذيعُ الأمريكي, لكن الأمر لم يُعطَ حقه, ولم يُسمع جواب من مُختَصٍّ على ذلك الكلام الباطل.. مثل هذا الكلام نموذجٌ مُفسِّر للجهالات التي نسمعها يومًا بعد يوم في الغرب. وحين يكون هذا الكلام رائجا في أجهزة الإعلام الغربية عن الإسلام, لا نستغرب أن يُجرى في برلمان هولندا تصويت: هل نسمح بالاستفتاء الشعبي على المآذن أم لا..؟ ولولا هذا الاتجاه المُغرِض, ما كنّا رأينا منعَ المآذن في بلدٍ كان يُعرف بالقِيَم, مثل سويسرا.. هناك حرب مُنظَّمة قد أُعدّت لها كل الوسائل لتشويه الإسلام. الإسلام الذي يقول الله سبحانه وتعالى في قرآنه: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ..} أي من الكفار المخالفين {..وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ, إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [الممتحنة: 8-9] فالإسلام يدعو إلى أن تكون الأمة المحمّدية أمة بِرّ وإحسان بالكفار. وربما لا يعرف كثيرٌ منكم أن دخول الكتابي إلى المشاعر المقدسة أمرٌ خلافي فقهي, فقد ذهب الإمام أبو حنيفة الذي كل الناس في الفقه عيال عليه, إلى جواز دخول الكتابيّ إلى مكة. فأين في إسلامنا نجد الدعوة إلى قتل الكفار..؟ وعندما تحدّث القرآن عن الكتابيين قال مادحًا من دخل منهم في الإسلام: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157] هذه هي هوية ليه وسلم في كتبهم. فليتعلّم الذين ينتسبون إلى المسيحية أو اليهودية ما هو موجود عندهم في التوراة والإنجيل من الشرح والتوصيف لهوية ليه وسلم. رجل يأمر بالمعروف يُعادى؟ رجل ينهى عن المنكر, الذي ينكره الطبع البشري, وتنكره الفضيلة الإنسانية, ويُحِلّ الطيبات ويُحرّم الخبائث, يُعادى.. في منطق العقلاء..؟ رجل يضع بأمر الله عن الكتابيين إصرهم, أي ما كان من الأحكام شديدًا عليهم {وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} لأنه جاء بالرحمة والعفو.. هل يعاديه العقلاء؟ هذه هي الصورة المحمدية التي جاءت بها التوراة والإنجيل, فمن أين يأتي بالأوهام أولئك المُضللون والمُغفّلون والحمقى والمغرضون..؟ ومن أين يأتون بالصورة المشوهة عن رسول الإسلام وعن دينه؟ إما أننا لا نُحسن التعبير ونحن نشرح الإسلام, وإما أنها حرب مُنظّمة بمعنى: أنه قد عُلِم ما نقوله ونحكيه عند مفكريهم, لكنهم أرادوا التدليس على العالَم لصرف الناس عن الحق إلى الباطل, وفي الحالتين نحن المقصرون. نحن المقصرون في الشرح، ونحن المقصرون في الضعف الحضاري. ضعُفنا فتطاول الأعداء على الإسلام، وصمتنا فأصبح أعداء الإسلام يشرحون للناس الإسلام شرحًا مقلوبًا مغايرًا للحقيقة. رسول الإسلام ليه وسلم ودينه مختصر يا ناس في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ } [المائدة:15] والنور: ليه وسلم الذي جاء منوِّرًا، ولا يُعادي محمدًا صلى الله عليه وسلم إلا أنصار الظلام. { وَكِتَابٌ مُبِينٌ}: أي واضح، لا يستطيع أعداؤه أن يقلبوا مفهوماته. { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} [المائدة:15- 16] أي يدل الإنسانية على طريق السلامة، ويهدي البشرية إلى طريق السلام، فهل دينٌ هذا وصفه يوصف بما يقوله المغرضون والمغفلون والحمقى من أنه دين يدعوا إلى قتل الكفار؟ {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:16] دين هذا وصفه من يعاديه إلا الخفافيش. قرآن يتبنى ملّة إبراهيم وينقل عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي جعله الله للناس إمامًا بشائر السلام: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} فطلب إبراهيم من الله سبحانه وتعالى الأمن والرزق والغذاء لمن آمن، لكن الله سبحانه وتعالى أعطاه ذلك لمن آمن ولمن كفر. قرآن هذا بيانه، يأتي بعد ذلك المغفلون والحمقى والمغرضون ليقولوا إن مشكلتنا هي مع الإسلام لأنه يدعو أبناءه وأتباعه إلى قتل الكفار ! {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً} أي في دار الدنيا {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة:126]. لم نُسأل عن حساب الكفار في الدنيا لأن الله سبحانه وتعالى يحاسبهم يوم القيامة. نحن نُسأل عن أمرين: - من قاتلنا في الدين قاتلناه - ومن أخرجنا من ديارنا قاتلناه. فقتالنا موجه إلى صنفين: - صنف يقاتلنا في الدين، يحرِّف قرآننا، يشوه صورة رسولنا، يقلب حقائق الإسلام... يمنعنا من الصلاة، يمنعنا من الحج، يمنعنا من الزكاة، يمنعنا من الفرائض التي فرضها الله، يمنعنا من الحجاب الشرعي الذي أمر الله المرأة المسلمة بارتدائه... - وصنف يخرجنا من ديارنا. فإذا تجاوزنا هذين الصنفين كنّا دعوةً عالميةً رحيمةً صِرفا، ليس فيها أي مظهر من مظاهر العنف. لكن الله سبحانه وتعالى يقول لنا: {وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران:176]. أي كن ثابت القدم مطمئنًا، لأن الله سبحانه وتعالى قد علم أنه سيأتي عبر الأجيال المتعاقبة من يسارع في الكفر. { إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ} إنهم يضرون أنفسهم لأن النور سينتشر مهما حصل التشويه، والنور سيصل إلى القلوب... الذين يخافون من دخول الإسلام إلى كل البيوت في العالم، عليهم أن ينتظروا. لكنهم لو عرفوا الإسلام لأدركوا أنه خير من دخول الكهرباء إلى البيوت، وخير من دخول الوسائل الحديثة إلى البيوت. إنه دخول الحضارة.... إنه دخول الفضيلة... إنه دخول الأخلاق... إنه دخول الرحمة... إنه دخول النور... الذي يعادي الإسلام ويكون من أدوات الحرب على الإسلام عدو نفسه، وقد قال أحد أهل المعرفة: "الذين يعادون الشمس هم أعداء أنفسهم". فالشمس في الأعالي لا يضرها عداء من عاداها... ولكن ونحن في هذه المعمعة، وهذا الاضطراب العالمي والحرب المعلنة على الإسلام التي تزداد يومًا بعد يوم ما هو واجبنا؟. على وجه الإجمال: لا يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا إلا إذا فُهمت اللغة العربية، فواجب نشر اللغة العربية واجب مقدس، وعلى اللذين يريدون أن يفهموا القرآن أن يتعلموا اللغة العربية. وفي الدرجة الثانية التي تـتلوها في الأهمية نستطيع أن نقرِّب إليهم بعض المعاني باللغات المختلفة. ولا نـزعم أننا نقدر على أن نفهمهم كتاب الله العربي كما يقرؤه الذي يفهم لغة العرب، لكننا نقرِّب الطريق إليهم حينما نشرح لهم بعض المعاني باللغات المختلفة. هذا على وجه الإجمال. أما واجباتنا التفصيلية: أيها الإخوة الأحبة 1- التدريب على الوحدة الشعورية الإنسانية. هذه الوحدة الشعورية الإنسانية التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتباعه وأصحابه حينما وقف يوم النحر في حجّ الوداع فقال: (أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد). هذا ما علّمنا إياه ليه وسلم يا أعداء ليه وسلم، ويا من لا يعرفون أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان رحمة لهم. وقد نص القرآن على الوحدة الشعورية الإنسانية بقوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:70]. فهو سبحانه وتعالى يـبين كرامة النوع الإنساني على الله تبارك وتعالى. ومن خلال هذه الوحدة الشعورية الإنسانية يشعر المسلم بأمّة الدعوة وأمّة الإجابة. فأمة الدعوة كل بشر على وجه الأرض، وأمة الإجابة كل مسلم في العالم شرقيًا كان أو غربيًا. علينا أن ندرب أطفالنا وشبابنا على الوحدة الشعورية الإنسانية، حتى نَفهم ونُفهم فضل الإسلام على العالم في زمن يدعو فيه كثير من الناس إلى تكريم الأعراق والقوميات. 2- التدريب على الخطاب العالمي وهو ما نستمده من القرآن الكريم، فالقرآن خطاب عالمي، لم يقل أيها العرب ولم يقل أيها المسلمون، لكنه قال: { أَيُّهَا النَّاسُ} قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]. 3- علينا أن نـذكي جذوة الأمل في القلوب ونحارب اليأس، لأن الله سبحانه وتعالى وعد، ووعده حق، وعلى كل من تعلق بالحق أن لا يقع في اليأس مهما رأى الليل شديد الظلام، فالله سبحانه وتعالى وهو أصدق الصادقين قال: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}[الفتح:28] أي كفاك بربك شهادة، فقد شهد أنه سيظهر دينه، ولا بد أن يظهر الإسلام على الأرض بالرحمة، سوف ينتشر الإسلام وسوف يدخل إلى القلوب لكن لا بالبنادق، ولا بالمدافع، ولا بالقنابل، لأنه دين لا يحتاج إلى تدعيم، إنه دين يحمل في عناصر مبدئه القوة: فالحق أقوى من الباطل، والفضيلة أقوى من الرذيلة، والصدق أقوى من الكذب، والاستقامة أقوى من الغش والاحتيال...والرحمة أقوى من الغضب، والعدل أقوى من الظلم... وهكذا سيدخل الإسلام إلى كل القلوب التي جهلته حينما تعرفه وتفهمه، وتدرك أنه يقدّم إليها الخير أكثر مما تقدمة الأموال الكثيرة. 4- علينا أن نربط مفهوم الصلاح والاستقامة بأمرين بالاتقاء المعنوي والاتقاء المادي معًا: فلا يمكن للمسلم أن يكون في وصف الاستقامة والصلاح حتى يكون ارتقاؤه في الأمرين معًا، في الارتقاء المعنوي بالصلة بالله تبارك وتعالى وفي الارتقاء المادي حينما يسلك أسباب النهضة والحضارة، فلا يسمى مستقيمًا وصالحًا متخلفٌ في السنن الكونية. 5- علينا أن نعتمد منهج الفعل لا منهج ردّة الفعل: لأن الذين يثيرون ويحركون كل يوم كثير، فلابد أن نبني، وكلما ازداد التشويه والتشويش علينا أن نـزداد ثباتًا على خطة واضحة لبناء الإنسان، ولبناء الفضيلة، ولبناء العدالة، ولبناء المساواة الإنسانية، ولبناء الحضارة في داخلنا ومن خارجنا. 6- لابد أن نبين أيها الإخوة أن الإسلام لا يكره أحدًا على الالتزام به: فالأزمة ليست أزمة إكراه، إنما هي أزمة ظلم. الأزمة العالمية أزمة قوي ظالم يريد أن يأكل ضعيفًا مظلومًا، هذه هي أزمتنا المعاصرة، فإذا أدرك عقلاء الغرب ذلك وهم يدعون إلى العدالة سوف يشاركوننا في حربنا على الظلم، لكن حينما يتوهمون أننا نحمل راية الإكراه ستكون ردّة الفعل عندهم العداء للإسلام. 7- علينا أن نتعرف إلى مقصودي الدعوة اللذين هما عنوان كل دعوة: وقد عبّر ربنا سبحانه وتعالى عن مقصودي الدعوة بقوله سبحانه في سورة النازعات {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى، وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}[النازعات:18-19] فعندما أرسل رسوله موسى عليه الصلاة والسلام إلى فرعون أمره أن يقول له: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى، وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} فدلنا ربنا سبحانه وتعال أن التغيير يكون بتغيير النفوس، فإذا تطهرت النفوس حسنت الأفعال. {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} وعندما تـتوجه الدعوة إلى تزكية النفوس، تظهر أثارها في المجتمع. { وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ} فإذا وجدت الهداية إلى الله في قلب الإنسان حصلت الخشية لديه من خلال مراقبته لربه، ولا يمكن أن ينحرف بعد تزكيته وهدايته إلى ربّه. فإذا توجّهت الدعوة إلى سبب الصلاح الأكبر الذي هو تزكية النفس والاهتداء بهداية الله, لم نرَ بعد ذلك اعوجاجاً. 8- المطلوب الأول من الدعاة الاستقامة والصبر والتآلف فيما بينهم: قال تبارك وتعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120] فلابد أن يتحلى صاحب الدعوة بالصبر الطويل, ولو أنه تأفف فلن يجد النتيجة. رسول الله صلى الله عليه وسلم عانى من الأعداء وعانى مِنْ مَن كان معه.. عانى من القريب والبعيد, وصبر صلى الله عليه وسلم. الصبر، والاستقامة. {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} ولابد من التآلف الداخلي, حتى لا نمضي أوقاتنا في الصراعات الداخلية بين أهل الإيمان {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: 63] 9- علينا أن نُعطي اهتماماً في اهتماماتنا الدعوية بالإعلام: فالإعلام يسلط الضوء على جهالات بعض المتطرفين المنتسبين إلى الإسلام, من أجل أن يقول أعداء الإسلام: هذا هو الإسلام.. لعبة إعلامية قذرة. وتُشوّه صورة الإسلام باقتطاع النصوص من سياقاتها, كما أوردت المثال في آيات الحج {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} فعمموا تطهير البيت العتيق من المشركين وجعلوه أمر الله للإسلام والمسلمين عبر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل الكفار. ويحصل إشغال الشباب بالتُرّهات ومُحللات الأخلاق, ويُصرفون عن واجب عملهم الحضاري... وفي المقابل لابد من دور إيجابي هادف, يدفع عجلة النهضة والحضارة في مجتمعاتنا, حتى لا يكون الإعلام مجرد إعلام رياضة وطرب ماجن. لابد من دور إعلامي يُمارسه متخصصون, يفهمون كيف يكون الخطاب, وكيف يُستعمل التشويق لتقديم الفكرة الفاضلة. 10- أن نتعلّم الاستيعاب, وأن نبتعد عن الصدام: لأن المطلوب بناء الإنسان في بيئة مُستقرّة, ولا يكون البناء في بيئة مضطربة أبداً, وهكذا ننتج النوع المتميّز في البيئة المستقرة. هذه أيها الإخوة ملاحظات في عُجالة, الكلام كثير, لكنني أحببت أن أقتبس وأقتطف قطوفاً من ثمار الحكمة التي نحتاج إليها في زمن الفوضى والاضطراب. | |
|