ابراهيم عيسى إدارة عامة
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: الجنة-- والنار الجمعة يناير 14, 2011 1:33 am | |
| مقدمة الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فمن الأمور المرتبطة بالإيمان باليوم الآخر الإيمان بما أعدَّ الله جل وعلا من النعيم للمتقين وما أعدَّه من العذاب الأليم للمجرمين وفي هذه الورقات المختصرة التي سميتها مجتهداً «موجز الأخبار عن الجنة والنار»( ) وبيّنتُ فيها ما ذكره أهل العلم في هذا الموضوع مختصراً في العبارات لكي يتسنى للجميع القراءة والاستفادة ومعرفة مصير الخلائق وما أُعِدَّ لهم يوم الحساب والجزاء. نسأل الله العلي القدير أن يحيينا على الإسلام وأن يميتنا على الإيمان وأن يدخلنا أعلى الجنان وأن يمتّعنا برؤية الرحيم الرحمن وأن يعتقنا من النيران ووالدينا وجميع المسلمين يا رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين( ).
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير أبو خلاد ناصر بن سعيد بن سيف السيف غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين
الجنة والنار الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن لا تفنيان ولا تبيدان وأن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق وخلق لهما أهلاً فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه والكل يعمل لما قد فُرغ له وصائر إلى ما خُلق له والخير والشر مقدّران على العباد. تعريف وبيان عن النار النار هي الدار التي أعدّها الله للكافرين به المتمردين على شرعه المكذبين لرسله وهي عذابه الذي يعذّب فيه أعداءه وسجنه الذي يسجن فيه المجرمين وهي الخزي الأكبر والخسران العظيم الذي لا خزي فوقه ولا خسران أعظم منه فالنار فيها من العذاب والآلام والأحزان ما تعجز عن تسطيره أقلامنا وعن وصفه ألسنتنا وهي مع ذلك أهلها فيها خالدون إما خلود أبدي وإما خلود أمدي. خزنة النار يقوم على النار ملائكة خلقهم عظيم وبأسهم شديد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وعددهم تسعة عشر ملكاً الواحد منهم يملك قوة يواجه بها البشر جميعاً وقد سماهم الله جل وعلا في كتابه بخزنة جهنم وذكر عددهم في القرآن إنما كان فتنةً للبشر. مكان النار اختلف العلماء في موقع النار الآن على ثلاثة أقوال وهي: - القول الأول: أن النار في الأرض السفلى. - القول الثاني: أن النار في السماء. - القول الثالث: التوقف في هذه المسألة. ويرى الشيخ عمر الأشقر والشيخ ولي الله الدهلوي والشيخ صديق حسن خان والحافظ السيوطي: التوقف في هذه المسألة لعدم ورود نص صريح صحيح يحدد موقعها. سعة النار وبُعد قعرها النار شاسعة واسعة بعيد قعرها مترامية أطرافها ويدل على ذلك: 1- الذين يدخلون النار أعدادهم لا تحصى وأن خلق الواحد فيهم يضخّم حتى يكون ضرسه في النار مثل جبل أُحد وما بين منكبيه مسيرة ثلاثة أيام. 2- يدل على أن قعرها بعيد أن حجراً أُلقيت فوصلت إلى قعرها بعد سبعين خريفاً كما صح في ذلك الخبر المرفوع إلى النبي ?. 3- كثرة العدد الذي يأتي بالنار من الملائكة يوم القيامة فإن لها سبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها. 4- يدل على كبرهـا أن الشمس والقمر تكوّران ثم يرميان بها في نار جهنم يوم القيامة.
دركات النار النار متفاوتة في شدة حرها وما أعده الله من العذاب لأهلها فليست درجة واحدة فكلما كانت الدركات للأسفل كلما علا حرها واشتد لهيبها والمنافقون في الدرك الأسفل من النار ولا يصح تسمية دركات النار بجهنم ولظى والحطمة والسعير وسقر والجحيم والهاوية ولا يصح تقسيم الناس في هذه الدركات بأن الدركة الأولى لعصاة الموحدين والثانية لليهود والثالثة للنصـارى والرابعة للصابئة والخامسة للمجوس والسادسة لمشركي العرب والسابعة للمنافقين. أبواب النار ذكر جل وعلا في كتابه العظيم أن للنار سبعة أبواب ولكل باب جزء من أتباع إبليس يدخلونه فيدخل أهل النار من أبوابها والكل على قدر عمله ويستقر في الدركات على قدر كفره وذنبه. وأبواب جهنم رأسية بعضها فوق بعض فيمتلئ الأول ثم الثاني وهكذا حتى تمتلئ كلها ولا تفتّح هذه الأبواب حتى يقدم عليها أهلها ثم تكون عليهم الأبواب مؤصدة في عمدٍ ممدة. وأما أبواب النار قبل يوم القيامة فإنها مفتوحة وتُغلق في شهر رمضان كما أن أبواب الجنة تُغلق وتفتح في شهر رمضان كما صح في ذلك الحديث الصحيح. وقود النار وقود النار الأحجار والفجرة الكفّار كما أخبر بذلك الجبّار في كتابه العظيم وكل ما أُلقي في النار فهو حطبُها والأحجار التي توقد بها النار الله أعلم بنوعها ومما يوقد به النار الآلهة التي تُعبد من دون الله عز وجل قال تعالى: [إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ] {الأنبياء:98}. شدة حر النار وعظم دخانها وشرارها الأشياء التي يتبرد بها ثلاثة : «الماء والهواء والظل» ولكن أهل النار هواؤهم سموم وماؤهم حميم وظلهم يحموم. والدخان الذي يتصاعد من النار ينقسم إلى ثلاثة أقسام: 1- يُلقي ظلالاً ولكنها غير ظليلة. 2- لا تقي من اللهب المشتعل. 3- تُلقي شراراً متطايراً يشبه الحصون الضخمة والإبل السود. فهذه النار العظيمة تأكل كل شيء وتدمر كل شيء لا تبقي ولا تذر تحرق الجلود وتصل إلى العظام وتصهر ما في البطون وتطّلع على الأفئدة . فلا يجد أهلها طعم الراحة ولا يخفف عنهم العذاب وتسعّر النار كل يوم في هذه الدنيا وتستقبل أهلها يوم القيامة. النار تتكلم وتبصر الذي يقرأ النصوص من الكتاب والسُّنة التي تصف النار يجدها مخلوقاً يبصر ويتكلم ويشتكي، ففي كتاب الله العزيز أن النار ترى أهلها وهم قادمون إليها من بعيد فعند ذلك تُطلق الأصوات المرعبة الدالة على مدى حنقها وغيظها على المجرمين قال تعالى: [إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا] {الفرقان:12}. وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (يخرج يوم القيامة عنق من النار لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق وتقول: إني وُكِّلت بثلاثة : بكل جبَّار عنيد وبكل من دعا مع الله إلهاً آخر وبالمصورين). هل يرى أحد النار قبل يوم القيامة عياناً ؟ من المعلوم أن رسول الله ? قد رأى النار كما رأى الجنة في حياته وبعد أن يموت العباد تُعرض عليهم في البرزخ مقاعدهم في الجنة إن كانوا مؤمنين ومقاعدهم في النار إن كانوا كافرين. تأثير النار على الدنيا وأهلها روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?: «اشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضي بعضاً فَأْذَنْ لي بنفسين: نَفَسٌ في الشتاء ونَفَسٌ في الصيف فأشد ما تجدون من الحر وأشدُّ ما تجدون من الزمهرير». أعظم جرائم الخالدين في النار أهل النار خالدون لا يرحلون ولا يبيدون النار مأوى وسكن لهم وهؤلاء هم دعاة الشر الذين يدعون إلى العقائد والمبادىء المخالفة للإسلام فهم دعاة إلى النار وقد ذكر جل وعلا في كتابه العظيم بياناً للجرائم التي استحقوا بها الخلود في النيران ومنها: 1- الكفر والشرك. 2- عدم القيام بالتكاليف الشرعية مع التكذيب بيوم الدين وترك الالتزام بالضوابط الشرعية. 3- طاعة رؤساء الضلال وزعماء الكفر فيما قرروه من مبادئ الضلال وخطوات الكفر التي تصد عن الدين ومتابعة المرسلين. 4- النفاق فهم في الدرك الأسفل من النار. 5- الكبر وهي صفة يتصف بها عامة أهل النار. أشخاص بأعيانهم في النار المنافقون والكفّار والمشركون في النار ولا شك في ذلك وقد أخبر القرآن الكريم ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن أشخاصاً بأعيانهم في النار ومنهم: 1- فرعون. 2- امرأة نوح. 3- امرأة لوط. 4- أبو لهب. 5- امرأة أبي لهب. 6- عمرو بن لحي الخزاعي. 7- قاتل عمار بن ياسر. كفرة الجن في النار كفرة الجن يدخلون النار كما يدخلها كفرة الإنس فالجن مكلّفون كالإنس ويوم القيامة يُحشر الإنس والجن على حد سواء وتمتلئ النار من كفرة الجن والإنس. الذين لا يخلدون في النار الذين يدخلون النار ثم يخرجون منها هم أهل التوحيد الذين لم يشركوا بالله شيئاً ولكن لهم ذنوب فاقت حسناتهم فخفّت موازينهم فهؤلاء تحت المشيئة إن شاء الله تعالى غفر لهم وإن شاء عذّبهم ويدخلون النار بمدة يعلمها الله تعالى ثم يخرجون بشفاعة الشافعين ويخرج الله برحمته أقواماً لم يعملوا خيراً قط فقد قال السفاريني: «وتحقيق المقال أن بقاء الموحِّد في النار مُحال». الذنوب المتوعد عليها بالنار جاءت النصوص مخبرة أن بعض الذنوب أهلها يعذبون بسببها: 1- الفِرق المخالفة للسُّنة منهم مخلد في النار ومنهم تحت مشيئته جل وعلا. 2- الممتنعون من الهجرة إلى بلاد الإسلام من بلاد الكفر إذا تعرضوا للفتنة ومُنِعوا من إظهار شرائع الدين. 3- الجائرون في الحكم ومن لم يحكم بالقسط والعدل بين الناس. 4- الكذب على رسول الله ?. 5- الكبر وهو من الذنوب الكبيرة. 6- قاتل النفس بغير الحق. 7- أكل الربا. 8- أكل أموال الناس بالباطل. 9- المصورون الذين يضاهون خلق الله جل وعلا. 10-الركون إلى الظالمين أعداء الله وموالاتهم. 11-الكاسيات العاريات المتبرجات الفاسقات اللواتي يفتنّ عباد الله. 12-الذين يجلدون ظهور الناس عند الأمراء والأعيان( ). 13-الذين يعذِّبون الحيوان فكيف بالذين يعذِّبون المسلمين والمؤمنين بسبب إسلامهم وإيمانهم. 14- عدم الإخلاص في طلب العلم وابتغاء الدنيا وما فيها. 15- الذين يشربون في آنية الذهب والفضة. 16- الذين يقطعون السدر الذي يظلل على الناس. 17- جزاء الانتحار. كثرة أهل النار جاءت النصوص الكثيرة الدالة على كثرة من يدخل النار من بني آدم وقلة من يدخل الجنة منهم ويدل على ذلك أن بعض الأنبياء يأتي يوم القيامة وليس معه إلا القلة وهذا لا يعود على عدم بلوغ الحجة بل أن الله أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ولكن سبب ذلك قلة الذين استجابوا للرسل وكثرة الذين كفروا بهم وكثير من الذين آمنوا لم يكن إيمانهم خالصاً نقياً. أكثر من يدخل النار النساء أكثر من يدخل النار من عصاة الموحدين النساء كما صحت في ذلك النصوص من السنة النبوية، وهذا لا ينافي أن الواحد من أهل الجنة له أكثر من زوجة لأنهن الحور العين وكذلك كثرة نساء الموحدين في النار قبل خروجهن منها وبعد ذلك يدخلنَ الجنة فيكُنَّ أكثر أهلها وسوف يأتي يوم في النار وهي خاوية من عصاة الموحدين ولا يبقى فيها إلا الخالدون فيها أبداً. عِظم خلق أهل النار يدخل أهل الجحيم النار على صورة ضخمة هائلة لا يقدر قدرها إلا الله تعالى الذي خلقهم وقد جاءت النصوص الصحيحة من السُّنة في بيان بعض صفاتهم ومنها: 1- بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام. 2- ضرس الكافر أو نابه مثل جبل أُحد. 3- غلظ جلد الكافر مسيرة ثلاثة أيام. «عظم خلقة أهل النار ليزداد عذابه وآلامه وأنكى في تعذيبه». طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم طعام أهل النار الضريع والزقوم وشرابهم الحميم والغسلين والغسّاق وطعامهم لا يفيدهم ولا يجدون فيه لذة ولا ينفع أجسادهم فأكلهم له نوع من العذاب فإذا امتلأت بطونهم من الطعام وازدادوا عذاباً أرادوا ماء الشرب فيشربون ماء كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم يشربون كشرب الإبل العطشى ولا يرتوون منه بل إذا أرادوا الشرب سقطت فروة رؤوسهم وإذا شربوا تقطعت أمعاؤهم وانْسَلَّ ما في بطونهم من أدبارهم ويكون شراباً لأهل النار ويسمى الغسّاق والغسلين وهي عصارة أهل النار يكون لهم شراباً فبئس الشراب وأما لباسهم فإنه يفصّل لهم حُلل من النار ويصب على رؤوسهم الحميم فسبحان من خلق من النار ثياباً . شدة ما يجده أهل النار من العذاب النار عذابها شديد وفيها من الأهوال وألوان العذاب ما يجعل الإنسان يبذل في سبيل الخلاص منها ملء الأرض ذهباً لأن لحظة في النار تُنسي الكفَّار نعيماً كان لهم في الدنيا. إنضاج جلود أهل النار الجلد موضع الإحساس بالآلام والاحتراق ولذلك فإن الله يبدّل لهم جلوداً أُخرى غير تلك التي احترقت لتحترق من جديد وهكذا نكاية لأهل النار. صهر ما في بطون أهل النار من ألوان العذاب صب الحميم فوق رؤوسهم، والحميم: الماء الذي انتهى حره ومن شدته تذوب أمعاؤهم وما حوت بطونهم ويخرج من أدبارهم ويتكرر هذا العذاب نكاية لأهل النار. لفح وجوه أهل النار أكرم ما في الإنسان وجهه وإن من إهانة الله لأهل النار أنهم يُحْشَرُون على وجوههم عُمْياً وصُماً وبُكماً ويُلقون في النار على وجوههم وتلفح النار وجوههم وتقلّب في نار جهنم تعذيباً ونكاية لهم.
سحب أهل النار على وجوههم ومن العذاب الأليم لأهل النار أنهم يُسحبون في النار على وجوههم وهم مقيدون بالأغلال والسلاسل قال قتادة: «يسحبون مرة في النار وفي الحميم مرة». تسويد وجوه أهل النار يسوّد الله وجوه أهل النار بسواد شديد كظلمة الليل في وجوههم ويعرفون بعضهم بعضاً. إحاطة النار بأهلها أهل النار الذين أحاطت بهم ذنوبهم ومعاصيهم تحيط بهم النار من كل وجه ويوضع تحتهم مهاد من نار وتغشاهم النار من فوقهم ومن تحت أرجلهم ومن بين أيديهم ومن خلفهم. اطّلاع النار على الأفئدة خلقة أهل النار عظيمة ومع ذلك تدخل النار في أجسادهم حتى تصل إلى أعماقهم فتأكل العظم واللحم والمخ ولا تترك شيئاً إلا وتصيبه النار حتى تصل إلى قلبه. اندلاق أمعاء أهل النار جاء في السُّنة الصحيحة أن الذي اندلقت أمعاؤه في النار ويدور بها كما يدور الحمار برحاه فيجتمع عليه أهل النار هو الذي يأمر بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويأتيه. وممن يجرّون أمعاءهم في النار عمر بن لحي الخزاعي وهو أول من غيَّر دين العرب. قيود أهل النار وأغلالهم ومطارقهم أعدَّ الله لأهل النار في النار سلاسل وأغلالاً وقيوداً ومطارق كلما أرادوا الخروج من النار يُضربون بالمطارق والمقامع على رؤوسهم ثم تطيح بهم مرة أخرى في الجحيم. حسرة وندم ودعاء أهل النار عندما يرى الكفّار النار يندمون ولا ينفع الندم وعندما يطّلع على صحيفة أعماله يتحسَّر ولا ينفع التحسُّر ويكررون الدعاء بأن يخرجوا من النار ويدعون على أنفسهم بالويل والثبور والهلاك ويرتفع صوتهم وصراخهم وبكاؤهم ويتمنّون التخفيف من العذاب ولو شيئاً يسيراً ولا تنفعهم الشفاعة ويتجرعون العذاب في النار خالدين فيها أبداً. كيف يتقي الإنسان النار؟ الكفر سبب في الخلود الأبدي في النار والنجاة تكون بالإيمان والعمل الصالح وأن يستجير العبد من النار بالله عز وجل. اللهم إني أسألك الجنة اللهم إني أسألك الجنة اللهم إني أسألك الجنة اللهم أجرني من النار اللهم أجرني من النار اللهم أجرني من النار «اللهم أرزقنا الجنة ووالدينا وللمسلمين وأجرنا من النار يا رب العالمين». تعريف وبيان عن الجنة الجنة هي الجزاء العظيم والثواب الجزيل الذي أعدّه الله لأوليائه وأهل طاعته وهي نعيم كامل لا يشوبه نقص ولا يعكّر صفوه كدر وما حدثنا الله به عنها وما أخبر به رسول الله ? يحيّر العقل ويذهله لأن تصوره عظيم لعظمة ذاك النعيم الذي يعجز العقل عن إدراكه. دخول الجنة لا شك أن سعادة المؤمنين لا تعادلها سعادة عندما يساقون مُعززين مُكرمين زمراً زمراً إلى جنات النعيم حتى إذا وصلوا إليها فُتحت أبوابها وتستقبلهم الملائكة وتهنئهم على سلامة الوصول بعدما تجاوزوا الدنيا وكربات ومشاهد يوم القيامة. الشفاعة في دخول الجنة ثبت في الأحاديث الصحيحة أن المؤمنين عندما تطول عليهم المدة في الموقف العظيم يطلبون من الأنبياء أن يستفتحوا لهم باب الجنة فكلهم يمتنع ويأبى حتى يبلغ الأمر إلى نبينا محمد ? فيشفع في ذلك فيؤذن لهم بدخول الجنة. تهذيب المؤمنين وتنقيتهم قبل دخول الجنة بعد ما يتجاوز المؤمنون الصراط يقفون بين الجنة والنار ثم يهذّبون وينقّون ويقتص بعضهم من بعض إن كانت بينهم مظالم في الدنيا ويدخلون الجنة ونفوسهم طيبة زكيّة. الأوائل في دخول الجنة أول البشر دخولاً الجنة على الإطلاق هو رسولنا محمد ?، وأول الأمم دخولاً الجنة أمته وأول من يدخل الجنة من هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق رضي الله عنه. الذين يدخلون الجنة بغير حساب أول زمرة تدخل الجنة من هذه الأمة يدخلون صفاً واحداً لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم صورهم على صورة القمر ليلة البدر «نسأل الله من فضله» وقد وعد الله جل وعلا هذه الأمة أن يدخل منها سبعون ألفاً بلا حساب ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفاً وثلاث حَثَيَات من حَثَيَات رب العالمين. الفقراء يسبقون الأغنياء للجنة جاء في الحديث الصحيح قوله ?: «قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين». وجاءت الأحاديث الصحيحة أن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء بأربعين خريفاً وفي حديث آخر بخمسمائة عام وذلك أن الفقراء مختلفو ومتفاوتو الحال فيما بينهم في قوة الإيمان. إخراج عصاة المؤمنين من النار ودخولهم الجنة بالشفاعة هناك من المؤمنين العصاة في النار لا تحترق مواضع سجودهم يشفع لهم نبيهم ? وكذلك يخرج من النار من كان في قلبه حبة خردل من الإيمان فيُخرجون من النار إلى الجنة بعدما يصب عليهم من ماء الحياة فينبتون من جديد ويسميهم أهل الجنة الجهنَّميين. آخر من يدخل الجنة جاءت الأحاديث الصحيحة في بيان آخر من يدخل الجنة بعد خروجه من النار وما دار بينه وبين أكرم الأكرمين من حوار رحماني الذي كان في آخره أن أكرمه جل وعلا أن له مثل نعيم الدنيا وعشرة أمثالها فهذا أدنى أهل الجنة منزلة. الذين دخلوا الجنة قبل يوم القيامة أول من دخل الجنة من البشر أبو البشر آدم عليه السلام فعندما عصى فيها وتاب وقُبلت توبته أُخرج منها للأرض. ومن الذين يدخلون الجنة قبل يوم القيامة الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله عز وجل. ومن مات عُرض عليه مقعده من الجنة والنار بالغداة والعشي. الجنة خالدة وأهلها خالدون الجنة خالدة لا تفنى ولا تبيد وأهلها فيها خالـدون لا يرحلـون عنهـا ولا يبيدون ولا يموتون وينادي جل وعلا أهل الجنة ويقول: إن لكم أن تَصِحُّوا فلا تسقموا أبداً وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً وإن لكم أن تشبُّوا فلا تهرموا أبداً وإن لكم أن تنعّموا فلا تيأسوا أبداً. الجنة لا مثل لها نعيم الجنة يفوق الوصف ويقصر دونه الخيال ليس لنعيمها نظير فيما يعلمه أهل الدنيا فالجنة لا مثل لها فهي: «نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطّرد وفاكهة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة في مقام أبدي وفي حَبْرة ونَضْرة وفي دور عالية سليمة بهيّة». وما أخفاه الله عنّا من نعيم الجنة شيئاً عظيماً لا تدركه العقول فهي كما صح في ذلك الخبر مرفوعاً إلى النبي ? في الحديث القدسي الشريف: «أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» قال الله تعالى: [فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ] {السجدة:17}. أبواب الجنة للجنة أبواب يدخل منها المؤمنون كما يدخل منها الملائكة وأن هذه الأبواب تُفتّح إذا رأت أهلها وتستقبلهم الملائكة وتحيّيهم وتهنيهم بسلامة الوصول وتفتّح هذه الأبواب في الدنيا عندما يدخل شهر رمضان وتُغلق بنهاية الشهر وهي ثمانية أبواب أُفُقية يُدعى من كل باب من كان من أهله وقد يُدعى العبد منها كلها كما يكون لأبي بكر الصديق رضي الله عنه. والذين لا حساب عليهم يدخلون الجنة من باب خاص دون غيرهم وهو باب الجنة الأيمن وبقية الأبواب تشترك فيها الأمم وأن سعة الباب الواحد ما بين جنبيه كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى أو مسيرة أربعين سنة وسيأتي يوم وهو كضيض من الزحام من الناس. الجنة درجات وأهلها فيها متفاوتون في الرفعة الجنة درجات بعضها فوق بعض وأهلها متفاضلون فيها بحسب منازلهم فيها وعلى قدر إيمانهم وتقواهم وأعمالهم. وأن في الجنة مائة درجة بين كل درجة والأُخرى كما بين السماء والأرض أعلاها الفردوس الأعلى ومنها تفجّر أنهار الجنة. أعلى أهل الجنة وأدناهم منزلة أعلى أهل الجنة منزلة الذين غرس جل وعلا كرامتهم بيده وختم عليها. أدنى أهل الجنة منزلة مثل نعيم الدنيا وعشرة أمثالها. المنزلة العليا في الجنة هذه المنزلة العليا من الجنة لا ينالها إلا شخص واحد وتسمى الوسيلة وسينالها نبينا محمد ? وليس فوقها منزلة أُخرى. الذين ينزلون الدرجات العاليات من الجنة الذين ينزلون الدرجات العاليات من الجنة الشهداء وأفضلهم الذين يقاتلون في الصفوف الأولى لا يلتفتون حتى يُقتلوا يكون هذا الفضل أيضاً للساعي على الأرملة والمسكين فهو كالمجاهد في سبيل الله وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر وكذلك منزلة كافل اليتيم قريبة من منزلة الرسول ? وكذلك يرفع الله درجات الآباء ببركة دعوة الأبناء لهم. تربة الجنة جاءت السُّنة في بيان تربة أرض الجنة فهي من المسك والزعفران وحصباؤها الدر والياقوت.
أنهار الجنة أخبرنا جل وعلا في كتابه العظيم أن الجنة تجري من تحتها الأنهار وليست ماءً فقط بل أنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من عسل مصفى وأنهار من ماء غير آسن وأنهار من خمر لذة للشاربين وهذه الأنهار انفجرت من بحارها ولكل جنة أنهارها من تحتها. وأن في الجنة نهر الكوثر الذي أعطاه جل وعلا لنبينا محمد ?. وفي الجنة نهر يسمى بارق على باب الجنة للشهداء في سبيل الله تعالى. وفي الدنيا أربعة أنهار «سيحان وجيحان والفرات والنيل» وأصلها من أنهار الجنة لعذوبتها وبركتها الإلهية وورود الأنبياء عليها وشربهم منها فتؤمن بذلك إيماناً صادقاً لا ريب فيه. عيون الجنة في الجنة عيون كثيرة مختلفة الطعم والمشرب وفيها عينان يشرب منها من العيون صرفاً غير مخلوط ويشرب الأبرار مخلوطاً وممزوجاً. قصور الجنة وخيامها يبني الله جل وعلا في دار كرامته مساكن طيبة حسنة وقد سماها جل وعلا في كتابه العظيم بالغُرُفات وهي القصور العظيمة المبنية فوق بعض محكمات مزخرفات عاليات يُرى ظاهرهـا من باطنها وباطنها من ظاهرها. وفي الجنة خيام عجيبة فهي من لؤلؤ الواحدة منها كاللؤلؤة المجوّفة طولها في السماء ستون ميلاً وعرضها ستون ميلاً.
نور الجنة ليس في الجنة ليل ونهار وإنما هم في نور دائم أبداً وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحُجُب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحُجُب وفتح الأبواب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «الجنة ليس فيها شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار لكن تُعرف البكرة والعشية بنور يظهر من قِبل العرش». ريح الجنة للجنة رائحة عبقة زكية تملأ جنباتها وهذه الرائحة يجدها المؤمنون من مسافات شاسعة تقدّر بمسيرة سبعين عاماً. أشجار الجنة وثمارها أشجار الجنة كثيرة طيبة متنوعة وقد ذكر جل وعلا في كتابه العظيم أنواعاً من الأشجار والثمار ولكن هي أكثر من ذلك لقوله جل وعلا : [فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ] {الرَّحمن:52} ولذا فإن أهل الجنة يتخذون من الفواكه ما يشتهون وتلذ به الأعين وأشجار الجنة دائمة العطاء والظلال متشابهة المظهر ومختلفة في المخبر ذات فروع وأغصان باسقة، ومن شدة خضرتها يميل لونها إلى السواد ملتفة بعضها حول بعض ينحني غصنها على حسب ما يريده أهل الجنة.
سيد ريحان الجنة جاء في معجم الطبراني الكبير بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن عبدالله بن عمرو عن النبي ? قال: «سيد ريحان الجنة الحِنَّاء». سيقان أشجار الجنة جاء في سنن الترمذي بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ? قال: «ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب». سيدا شباب أهل الجنة روى الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة». سيدات نساء أهل الجنة روى الطبراني بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جابر قال: قال رسول الله ? : «سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران: فاطمة وخديجة وآسية امرأة فرعون». المبشرون بالجنة نص الرسول ? نصاً صريحاً على عشرة من أصحابه من أهل الجنة كما جاء في ذلك في مسند الإمام أحمد عن سعيد بن زيد وسنن الترمذي عن عبدالرحمن بن عوف عن النبي ? قال: «أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة، وعبدالرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة». وهناك من النصوص الأُخرى ما تبيّن أن غير هؤلاء الصحابة يكون في الجنة ومنهم : 1- جعفر بن أبي طالب. 2- حمزة بن عبد المطلب. 3- عبدالله بن سلام. 4- زيد بن حارثة. 5- زيد بن عمرو بن نفيل. 6- حارثة بن النعمان. 7- بلال بن رباح. 8- أبو الدحداح. العمل سبب لدخول الجنة الجنة شيء عظيم لا يمكن أن يناله المرء بأعماله التي عملها وإنما تُنال برحمة الله وفضله والأعمال سبب لدخول الجنة وليست ثمناً لها روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? : «لن يُدخِل أحدٌ منكم عملُهُ الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة». صفة أهل الجنة يدخل أهل الجنة الجنة على أكمل صورة وأجملها على صورة أبيهم آدم طوله في السماء ستون ذراعاً. فخِلْقة أهل الجنة في الظاهر متفقة وكذلك في الباطن. فأرواح أهل الجنة ونفوسهم صافية زكية. ومن جمال صورتهم أنهم يكونون جُردا مرداً كأنهم مكحلون وأعمارهم ثلاث وثلاثون لا يبصقون ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون ولا ينامون. طعام أهل الجنة أول طعامهم زيادة كبد الحوت ويُنحر لهم ثور كان يأكل من أطراف الجنة ولا يكون الطعام فضلات كحال الدنيا بل يخرج من أبدان أهل الجنة ريح المسك وجشاء المسك فإنهم يأكلون ويشربون ولا يتفلون ولا يتبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ويخرج منهم ريح طيبة وطعامهم ليس من جوع وشرابهم ليس من عطش ولباسهم ليس من عُري بهم بل هذا من نعيم الله لهم. آنية طعام وشراب أهل الجنة آنية طعام وشراب أهل الجنة الذهب والفضة ويشربون بالأكواب وهي ما لا أذن له ولا عروة ولا خرطوم ويشربون بالأباريق وهي ذوات الآذان والعُرى ويشربون بالكأس وهو القدح الذي فيه الشراب.
لباس أهل الجنة أهل الجنة يلبسون الفاخر من اللباس ويتزينون فيها بأنواع من الذهب والفضة واللؤلؤ ومن ألوان ملابسهم الخضر من سندس واستبرق وحليهم التيجان لا تبلى ولا تفنى. فُرُش أهل الجنة في الجنة سرر وفرش كثيرة وراقية عظيمة القدر بطائنها من استبرق فكيف بظاهرها واتكاءُ أهل الجنة نوع من نعيمهم وهذه السرور والفرش أنواع متعددة فمنها: نمارق مصفوفة «مخاد» وزرابي مبثوثة «البسط» والأرائك «سرر» عبقري حسان «البسط الجيدة» وغير ذلك من النعيم العظيم. خدم أهل الجنة يخدم أهل الجنة ولدان ينشؤهم الله لخدمتهم يكونون في غاية الجمال والكمال ينتشرون في الجنة للخدمة كأنهم اللؤلؤ المنثور وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قول من قال: إن هؤلاء الولدان هم من مات صغيراً من أبناء المسلمين أو المشركين لأن أبناء الدنيا إذا دخلوا الجنة كمل خلقهم كأهل الجنة على صورة أبيهم آدم. سوق أهل الجنة روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك أن رسول الله ? قال: «إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً فيقول لهم أهليهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم حسناً وجمالاً». والمراد بالسوق مجمع لهم يجتمعون كما يجتمع الناس في الدنيا في السوق ومعنى يأتون كل جمعة أي في مقدار كل جمعة وليس هناك حقيقة أسبوع لفقد الشمس والليل والنهار وخص ريح الجنة الشمال لأنها ريح المطر عند العرب». زوجة المؤمن في الدنيا إذا دخل المؤمن الجنة وكانت زوجته في الدنيا صالحة فإنها تكون زوجته في الجنة أيضاً ويتنعّمون في الجنة ويتكئون في ظلال الجنة مسرورين وقد قال تعالى: [ادْخُلُوا الجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ] {الزُّخرف:70}. المرأة لآخر أزواجها أخرج البيهقي في السنن عن حذيفة أنه قال لزوجته : (إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا). ولذلك حرم الله جل وعلا أزواج النبي ? أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الآخرة. الحور العين يزوج الله المؤمنين في الجنة بزوجات جميلات غير زوجاتهم اللواتي في الدنيا. والحور: جمع حوراء وهي التي يكون بياض عينها شديد البياض وسواده شديد السوادِ. والعِينْ: جمع عيناء والعيناء هي واسعة العين وقد وصفت بأنها كواعب أتراب وهي المرأة الجميلة التي برز ثديها والأتراب المتقاربات في السن. والحور العين من خلق الله في الجنة أنشأنهن الله إنشاءً فجعلهن أبكاراً لم ينكحن أحد وعُرباً متحببة لزوجها، ومن جمالها وصفت بأنها كاللؤلؤ المكنون المخفي المُصان الذي لم يتغيّر صفاء لونه بضوء الشمس ولا بعبث الأيدي وقد وصفت بأنهنّ قاصرات الطرف والرؤية لأزواجهن فلا تطمح لغيره وقد وصفت بأنها طاهرة مطهّرة من كل أذى فلا حيض ولا نفاس ولا بول ولا غائط ولا بصاق ولا مخاط فهذه الحورية الجميلة لو أطلّت على الدنيا لأضاءت ما بينهما ولملأتها ريحاً ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها فأقل الحور العين للمؤمن اثنتان وأعلاها اثنتا وسبعون حورية وإنها لتُغَنِّي لزوجها في الجنة بصوت حسن مع صوت الأشجار بقولهنّ: «نحن الحور الحِسان خُبّئنا لأزواج كرام» وأن المؤمن في الجنة يُعطى قوة مائة رجل في الجماع وقد ثبت في الحديث أن الحور تغار على زوجها وهو في الدنيا فقد جاء في الحديث الذي عند الترمذي بإسناد صحيح عن معاذ عن رسول الله ? أنه قال: «لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا». التسبيح والتكبير من نعيم أهل الجنة الجنة دار جزاء وإنعام لا دار تكليف واختبار ولذا فإن أهل الجنة يُلهَمون التسبيح والتكبير كما يُلهَمون النَّفس ولا كُلفة فيه بل هو لون من ألوان النعيم الذي يتمتعون به. وسبب ذلك أن قلوبهم تنّورت بمعرفة الرب سبحانه وتعالى وامتلأت بحبّه ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره. أفضل ما يُعطاه أهل الجنة أفضل ما يعطاه أهل الجنة رضوان الله عز وجل والنظر إلى وجهه الكريم في جنات النعيم رؤية حقيقية وهو المزيد الذي وُعد به المحسنون قال ابن الأثير في جامع الأصول: «رؤية الله هي الغاية القصوى في نعيم الآخرة والدرجة العليا من عطايا الله الفاخرة بلغنا الله منها ما نرجو». آخر دعوى أهل الجنة يمر المؤمنون في الموقف العظيم بأهوال عِظام ثم يمرون على الصراط فيشاهدون هولاً ورُعباً ثم يدخلهم الله إلى جنات النعيم بعد أن أذهب عنهم الحَزَنْ وصدَّقهم وعده وأورثهم جنته فكان آخر دعواهم في جنات النعيم كما قال الله تعالى : [دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ] {يونس:10}. كيف يكون الإنسان من أهل الجنة؟ الإيمان سبب في دخول الجنان والأعمال الصالحات سببٌ في بلوغ الدرجات وعلى العبد أن يسأل الله دائماً أن يجيره من النار ويدخله الجنة مع الأبرار. اللهم إني أسألك الجنة اللهم إني أسألك الجنة اللهم إني أسألك الجنة اللهم أجرني من النار اللهم أجرني من النار اللهم أجرني من النار «اللهم ارزقنا الجنة ووالدينا وللمسلمين وأجرنا من النار يا رب العالمين». ? ? ? الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي جدِّي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم انفعني بما علَّمتني وعلِّمني ما ينفعُني وارزقني علماً ينفعُني وزدني علماً والحمد لله على كل حال وأعوذ بالله من حال أهل النار سبحانك اللهم وبحمدك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين | |
|