بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المسلمون جميعا ..
رحمة الله و بركاته
عرفته شابا مسلما نشيطا لا يكل و لا يمل طيبا نقيا .. تملؤ قلبه سماحة الإسلام و فطرة الإيمان يتحلى بخصلة الأدب .. لا يتجاوز التاسعة عشرة من عمره ..
ذات يوم كنت أجلس أمام الكمبيوتر انتظر محادثة مع أحد أقاربي عبر شبكة الانترنت .. فإذا برسالة تظهر أمامي و تقول هناك شخص اسمه محمد من فلسطين يريد أن يتحدث معك ..
ضغطت على ذر موافق .. و كانت هذه المحادثة الكتابية التالية:
محمد من فلسطين:
رحمة الله و بركاته .. أنا أخوك محمد من فلسطين
: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .. أهلا بك يا أخي و الله إني لسعيد أن أتكلم مع مسلم من مسلمي فلسطين
محمد من فلسطين: أخي هل ترى ما نحن فيه .. نحن إخوانك في غزة .. في حصار و كرب شديد إخوانك بلا طعام و لا شراب و لا دواء و لا كساء
عمر صبري: نعم أخي محمد .. أرى والله ما أنتم فيه .. و الله إني لأبكي و أدعو الله لكم .. أخي محمد استحلفك بالله إذا رأيت يتيما لا يجد طعاما أو يتيمة لا تجد كساءا أو أرملة لا تجد ما تنفقه أو مريضا لا يجد دواءا أو مسكينا جائعا أو فقيرا عاريا .. أستحلفك بالله أن تستجديهم و تستسمحهم أن لا يمسكوا بتلابيبي يوم القيامة و أن لا تخاصمونا أمام الله يوم القيامة فلقد قال الله في حديثه القدسي "عبدي جعت فلم تطعمني .. فيقول العبد كيف تجوع و أنت رب السموات و الأرض .. فيقول جاع عبدي فلان فلم تطعمه أما تعلم أنك لو أطعمته لوجدتني عنده؟"..
خذلناكم يوم وجبت نصرتكم .. و والله يا أخي إني لأريد أن آتيكم و لو حبوا بنفسي و مالي لأنصركم فلئن قتلت ففي سبيل الله و لئن مت فإلى الله.
محمد من فلسطين:
ا .. و أنا لم أحادثك إلا لأنني رأيت بجواري أطفالا من الجوع يصرخون بلا عشاء يبيتون و أرامل من ضيق ذات اليد يئنون و مرضى يتأوهون و لا دواء وإخوة لنا كثيرون لا يجدون عملا و أنا لا أستطيع مساعدتهم .. فأنا شاب كان من المفروض أن أكون في السنة الأولى في كلية الهندسة .. و لكن لظروف لم أتمكن من الانتظام بالدراسة و لذلك ضاع على الترم الماضي حسبي الله .. فقررت أن أتكلم معكم فأنتم إخواننا و نحن إخوانكم .. أنا خالتي و زوج خالتي لا ينجبان و هم اللذان ربياني فوالدي و والدتي يعولان أسرة كبيرة من ثمانية أبناء غيري و نحن فقراء ايضا و لذلك فليس في مقدرتي مساعدة المحتاجين هنا.
عمر صبري: أخي محمد بإذن الله سأرسل لك من فضل الله مبلغا من المال لتوزعه بما يرضي الله تعالى على الفقراء و الأرامل و المرضى و المساكين و المحتاجين .. و يعلم الله أني كنت أود أن يكون لي مثل أحد ذهبا فلا يمر بي ثلاثة ليال إلا و قد أنفقته كله في سبيل الله و لكني أعاهد الله أن آتي بنفسي إليكم و أسأل الله أن يوفقني لذلك فأصاب برصاصة ها هنا أو ها هنا فألقى الله بإذنه شهيدا .. و حينها سأقول بإذن الله فزت و رب الكعبة.
محمد من فلسطين:
ا .. بارك الله لك في نفسك و مالك .. و لكن الدخول إلى غزة صعب جدا بل يمكنني أن أقول إنه قد يكون مستحيلا .. أخي نحن الآن في حاجة إلى دواء و ماء و طعام و مال .. فيمكنك بإذن الله أن تساعدنا بما أفاض الله عليك من المال .. و اسأل الله أن يرزقنا شهادة في سبيله و يزوجنا بالحور العين. و أنا لم أحادثك إلا لأنني رأيت بجواري أطفالا قتلت آباؤهم و هدمت منازلهم .. و أنا أنظرهم أمامي و خلفي و عن يميني و عن شمالي و لا أستطيع مساعدتهم فاعذرني .. فقررت أن أتكلم معكم فأنتم إخواننا و نحن إخوانكم.
عمر صبري: أخي محمد يمكنك أن تدخل منتدى (----) ففيه إخوة أظن أنهم يريدوا أن يقدموا لدين الله شيئا و هذا هو العنوان الاليكتروني للمنتدى .. اعرض عليهم قضية إخوانهم المسلمين في غزة .. و اعلمهم أن كل مسلم منهم مسئول عن كل يتيم و أرملة و مسكين و عار منكم.
محمد من فلسطين:
ا ورزقك الفردوس الأعلى من الجنة.
تمر عدة أيام و يحادثني محمد مرة أخرى
محمد من فلسطين:
رحمة الله و بركاته .. كيف الحال أخوي.
عمر صبري: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .. الحمد لله أنا بخير و كيف حالك أنت يا أخي؟ .. و هل دخلت المنتدى ؟.
محمد من فلسطين: نعم لقد سجلت باسم نبض الأقصى و وجدت هناك إخوة مسلمين من فلسطين بارك الله فيهم يعرضون قضيتنا و يستحثون المسلمين على الوقوف بجوار إخوانهم و أخواتهم و أبنائهم.
تمر سنة تقريبا و محمد نبض الأقصى في المنتدى كأنه نسمة هواء طيبة .. كان يراسلني برسائل خاصة و على المسنجر ليحكي لي كأخ صغير ما يعانيه هو و المسلمون في غزة ..
و إني أشهد أمام الله أنه كان مسلما يعمل لعرض قضية إخوانه المسلمين
حتى إنه و الله كان يبكيني فأنا أشعر بما يشعر به لأننا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى .. فهو يرى أمام عينيه كوارث المسلمين و لا يستطيع أن يفعل شيئا و كلنا نشعر بالقيود فلا يجد نفسه إلا و هو يبكي و يشكو إلى الله هذا الضعف و قلة الحيلة .. محمد أبدا لم يقل "نفسي .. نفسي" .. كنت إذا تأخرت في مراسلته بدأ هو مرة أخرى برسالة رقيقة تشعر معها بالخجل من نفسك فلا تجد إلا أن تسارع إليه معتذرا .. فيسرع هو برسالة أخرى تشعر فيها بأنه "رب أخ لك لم تلده أمك" .. نعم إنها اخوة الإسلام.
منذ أسبوعين تلقيت رسالة من أخ حبيب لي يقول لي فيها : أحسن الله عزاءك في أخينا محمد نبض الأقصى ..
فلم أدري بنفسي إلا و أنا أبكي .. نعم حقيقة لم أبكي على محمد فمحمد بإذن الله معه إجاباته عن السؤال يوم العرض على الله أما أنا فأبكي على نفسي لأنه ليس معي للسؤال جوابا فلا أدري و الله ماذا أقول لله غدا ..
ها هو أخ مسلم آخر تفقده الأمة المسلمة المعطاءة و يتخذه الله بإذنه شهيدا و لا نزكيه على الله ..
بينما أنا قد أبُعدت بذنوبي ..
ها أنا أتلقى أخبار الرجال يوما بعد يوم .. فلا يزيدني ذلك إلا بكاءا على نفسي .. فإني و الله أغبطهم فقد عرفوا أنهم غرباء فلم يستمتعوا من الدنيا بشيئ كما استمتعنا و لم يركنوا إليها كما ركنا .. لم يبنوا لها كما بنينا و لم يثاقلوا إليها كما اثاقلنا .. أفنطمع بعد ذلك أن نكون مثلهم عند الله .. لا أظن ذلك .. فإن الله عادل .. و إني و الله أخشى أن تكون قد عجلت لنا طيباتنا في الحياة الدنيا؟!
لما سمعت خبر رحيل أخينا محمد عن دنيانا هذه .. فتحت الانترنت و أنا ابكي .. و تناقلت أصابعي و عيناي بين مواقع الأخبار فوجدتها تقول .. بعد صلاة الفجر خرج محمد من المسجد .. مسجد التوحيد بغزة إلى بيته هو و بعض الرجال الشباب من أقاربه المسلمين في فلسطين .. فلما رأى محمد إخوة القردة و الخنازير يجتاحون غزة عند أول نسمات الصبح ليروعوا المسلمين لم يقل الرجل نفسي نفسي .. لم يقل أنا أدرس الهندسة و مستقبلي عظيم .. بل تمشق سلاحه وجهز ألغامه و معه إخوانه .. فما إن رأى مصفحات من غضب الله عليهم تدخل إلى غزة .. فجر عليهم عبوتين ناسفتين .. ثم خرج إليهم بصدره يطلب الموت و الشهادة و ليس معه إلا سلاحه الآلي .. بينما كان المغضوب عليهم كثيرين داخل آلياتهم المدرعة .. وراء الجدر يختبئون كالجرذان .. فالتقى الجمعان .. جمع الرحمن و جمع الشيطان .. و يشاء الله تعالى أن يصاب أخينا محمد برصاصات في رأسه مقبلا غير مدبر .. فيخر الرجل المسلم على الأرض .. لتشهد له الأرض بإذن الله عند ربها أنه رجل من أمة محمد المسلمة لم يعطي الدنية في دينه .. و لتظهر عليه عند دفنه علامة بإذن الله من علامات رضا الله عن عبده .. إنها السكينة و الابتسامة .. و ما أحسنها من خاتمة ..
بعد أن كان قد أرسل لي رسالة قبل فراقه لنا بساعات كلما قرأتها أبكتني و يقول فيها لإن هجرتمونا أيها الأحباب فلسوف بالخيل المسرعة نصلكم ..
نسأل الله أن يتقبل أخينا محمد نبض الأقصى في الشهداء .. و أن يلحقنا بهم بشهادة في سبيله للحكم بشريعته وحده لتكون كلمة الله هي العليا و كلمة الذين كفروا السفلى.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وأنت عملت إيه ؟؟
فاكرهم ولا خلاص نسيت القضية
بتدعلهم في كل صلاة؟؟
بتحافظ علي طاعة الله وتبادر إلي التوبة حتي لا تكون سبب في تاخير النصر؟؟
طيب أعددت شيء تقابل به المولي عوجل يوم القيامة كما أعدوا؟؟
بتفكر الناس بالقضية وحاسس إن الأقصي أسير؟؟
جاوب بينك وبين نفسك وشوف ماذا قدمت لهم ولدين الله...