ابراهيم عيسى إدارة عامة
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
| موضوع: الاسلام هو الحل الثلاثاء مايو 25, 2010 5:38 am | |
| إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيّئات أعمالنا ، من يهده الله لا مضلّ له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله . و بعد : إنّ أعظم نِعَم الله عزّ وجلّ على عباده نعمة الإسلام و نعمة إنزال القرآن ، و هما أجلّ النّعم على الإطلاق ، قال تعالى :﴿ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾( يونس : 58 ) ، قال القرطبيّ في " تفسيره " : " قال أبو سعيد الخُدرِيّ و ابن عبّاس رضي الله عنهما : فضل الله القرآن ، و رحمته الإسلام " (1) . ثمّ قال : " ﴿ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ ﴾ ، أي بهذا الّذي جاءهم من الله من الهدى و دينّ الحقّ فليَفرحوا ، فإنّه أولى ما يفرحون به ، ﴿ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ ، أي من حُطام الدّنيا و ما فيها من الزّهرة الفانية الذّاهبة لا محالة ، كما قال ابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية ، و ذكر بسنده عن بقيّة بن الوليد عن صفوانَ بن عمرو [ قال ] سمعتُ أيفعَ بن عبدٍ الكلاعي يقول : لما قدم خراج العراق إلى عمر رضي الله عنه ، خرج عمر و مولى له فجعل عمر يعدّ الإبل فإذا هي أكثر من ذلك ، فجعل عمر يقول : الحمد لله تعالى ، و يقول مولاه : هذا و الله من فضل الله و رحمته ، فقال عمر: كذبتَ ليس هذا ، هو الّذي يقول الله تعالى : ﴿ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ ﴾ الآية ، و هذا ممّا يجمعون " . و قال تعالى ممتنّا على عباده بنعمة الإسلام :﴿ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً ﴾ ( المائدة : 3 ) ، قال ابنُ كثير : " هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمّة حيث أكمل تعالى لهم دينهم ، فلا يحتاجون إلى دينٍ غيره ، و لا إلى نبيٍّ غير نبيّهم صلوات الله و سلامه عليه ، و لهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء و بعثه إلى الإنس و الجنّ ، فلا حلال إلاّ ما أحلّه ، و لا حرام إلاّ ما حرّمه ، و لا دين إلاّ ما شرعه ، و كلّ شيءٍ أخبر به فهو حقٌّ و صدقٌ لا كذب فيه و لا خُلف ، كما قال تعالى : ﴿ وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً ﴾ ( الأنعام : 115 ) ، أي صدقاً في الأخبار ، و عدلاً في الأوامر و النّواهي ، فلمّا أكمل لهم الدّين ، تمّت النّعمة عليهم " . و قال عزّ و جلّ : ﴿ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً منْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَ يُزَكّيهِمْ وَيُعَلمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَ ٱلْحِكْمَةَ وَ إِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾ ( آل عمران : 164 ) . و قد حمد الله عزّ وجلّ نفسه على إنزال الكتاب فقال : ﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَ لَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا . قَيماً ليُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً من لَّدُنْهُ وَ يُبَشّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً . مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ﴾ ( الكهف : 1-3 ) . و أمرَ الله عباده بتدبّر هذا الكتاب ، فقال تبارك و تعالى : ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ليَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا ٱلأَلْبَابِ ﴾ ( ص : 29 ) . و أنكرَ سبحانه على من لايتدبّر القرآن فقال : ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ ﴾ ( محمّد : 24 ) . و قال تعالى : ﴿ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ . إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ ( يوسف : 1-2 ) . فنسأل الله تبارك و تعالى بأسمائه الحسنى و صفاته العلى ، أن يجعلنا من المتدبّرين لكلامه ، و من العاقلين لمعاني آيات كتابه . و قد أحببتُ أن أبيّن في هذا المقال – بتوفيق الله عزّ وجلّ - ، اقترانَ أمرِ اللهِ لعبادِه بالتّقوى في كثيرٍ من آي القرآن بإعلامه إيّاهم بتكفّله بأرزاقهم ، و أنّ المطلوب منهم هو تحقيق التّقوى لا الاشتغال بطلب الأرزاق ، و الزّمن زمنٌ افتتن فيه كثيرٌ من المسلمين باللّهث وراء الدّنيا و طلب الرّزق بشتّى الطّرق و الوسائل ، لا يميّزون في ذلك بين الحلال و الحرام ، و لا يقنعهم تحصيل قوت اليوم ، و قد قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سِرْبِه مُعَافًى في جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيْزَتْ لَهُ الدُّنْيَا " (2) و كان من أدعية النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : " اللّهمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمدٍ قُوتاً " (3) . و قد قال تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ ﴾ ( الأحزاب : 21 ) . قال الشّيخ محمّد بن عبد الله الإمام في كتابه " تحذير البشر من أصول الشرّ " ( ص 89-90 ) : " فتنةُ الفقر واسعة النّطاق ، شديدة العصف بكثيرٍ من النّاس ، فمن النّاس من يدخل في اليهوديّة أو النّصرانيّة أو غير ذلك من ملل الكفر ، لا لإنّه يحبّ تلك الملل ، و إنّما ليتحصّل على لقمة العيش ، فأيّ خطرٍ أعظم من هذا على المسلم ؟ و بعضهم يستعمل السّحر و التّنجيم و ادّعاء علم الغيب – و هي طرقٌ كفريّة – لا لشيءٍ و لكن ليتحصّل على المال ، و بعضهم يقتل أخاه المسلم أو قريبَه ؛ من أجل الحصول على المال ، و المرأة تبيع كرامتها و شرفها فتتاجر بعرضها ، و تجلب على أهلها و مجتمعها العار و الشّنار ؛ من أجل لقمة العيش " . فأردت بهذا المقال أن أبيّن أنّ العلاج الأوّل لهذه الفتنة هو تقوى الله تبارك و تعالى ، و أعظم التّقوى توحيد الربّ تبارك و تعالى بإفراده بالعبادة ، و أعظم التّقوى بعد التّوحيد هو إقام الصّلاة و الصّبر عليها ، و أمرُ الأهل بها . قال الله تبارك و تعالى في سورة البقرة : ﴿ يَاأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ فِرَاشاً وَ ٱلسَّمَاءَ بِنَآءً وَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ( البقرة : 21-22 ) . قال الشّيخ العلاّمة المحدّث عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر في ( مجموع كتبه و رسائله 1/163 ): " اشتملت الآيتان على أوّل أمرٍ أمر الله به في المصحف ، و هو عبادة الله ، و هو أعظم مأمورٍ به ، و على أوّل نهيٍ نهى الله عنه فيه ، و هو الشّرك بالله و اتّخاذ الأنداد له ، و هو أعظم منهيٍّ عنه ، و في هاتين الآيتين الإلزام بتوحيد الألوهيّة ، و هو عبادة الله وحده و ترك عبادة من سواه ، و ذلك في قوله في أوّل الآية الأولى : ﴿ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ﴾ ، و قوله في آخر الآية الثّانية : ﴿ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ، و هذا هو معنى لا إله إلاّ الله ، فإنّ قوله : ﴿ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً ﴾ بمعنى ( لا إله ) ، و قوله : ﴿ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ﴾ بمعنى ( إلاّ الله ) ، و فيهما تقرير توحيد الرّبوبية ، و هو كون الله خالقهم و خالق من قبلهم ، و جاعل الأرض تحتهم و السّماء فوقهم ، الّذي ينزّل الغيث فيخرج به من الأرض أرزاقهم ، و المراد من هذا التّقرير لتوحيد الرّبوبية إلزام الكفّار الّذين بعث فيهم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بتوحيد الألوهيةّ ، و المعنى : كما أنّه لا خالق إلاّ الله و لا رازق إلاّ الله فإنّه لا معبود حقّ سواه ، و لهذا يأتي كثيرا في القرآن تقرير التّوحيد الّذي أقرّوا به لإلزامهم بالتّوحيد الّذي جحدوه "
| |
|