البكاء إما من حزن وإما من وجع وإما من فرع وإما فرح وإما من شكر وإما من خشية الله تعالى وهو أعلاها درجة وأغلاها ثمناً في الدار الآخرة وأما البكاء للرياء والكذب فلا يزداد صاحبه إلا طرداً ومقتاً ، فكانوا الصحابة رضوان الله عليهم يبكون بكثرة من خشية الله أو من بعض الحالات التي تعترض الإنسان المسلم في حياته بعيداً عن الرياء والكذب فكانت لحظات صدق حق لنا أن نتدبرها ونأخذ منها العبر والدروس فلنتعلم لماذا بكى هؤلاء ؟
بكاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه :
عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم : دخل أبوبكر رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مغطى ببردة حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبّله ، ثم بكى فقال : بأبي أنت وأمي يا نبي الله ، لا يجمع الله عليك موتتين : أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها . خرج أبا بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه يكلم الناس ، فقال أجلس ، فأبى ، فقال : أجلس ، فأبى . فتشهد أبوبكر رضي الله عنه ، فمال إليه الناس وتركوا عمر رضي الله عنه ، فقال: أما بعد فمن كان منكم يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً صلى الله عليه وسلم قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا قول الله عز وجل ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ) ، قال عمر رضي الله عنه : والله ما هو إلا أن سمعت أبابكر تلاها عُقِرتُ حتى ما تُقلني رجلاي ، وأهويت إلى الأرض ، وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله قد مات .
وأيضاً بكى أبوبكر الصديق رضي الله عنه عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر) فبكى أبوبكر وقال : ما أنا ومالي إلا لك.
قال أبوبكر رضي الله عنه ، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعُمر رضي الله عنه : انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله يزورها ، فلما انتهينا إليها بكت. فقالا لها : ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسوله . فقالت ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله . ولكن أبكي أن الوحي قد أنقطع من السماء . فهيجتهما على البكاء . فجعلا يبكيان معها.
عند نزول سورة الزلزلة
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : نزلت : (إذا زلزلت الأرض زلزالها ) وأبوبكر الصديق رضي الله عنه قاعد فبكى أبوبكر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما يبكيك يا أبابكر؟ فقال: أبكتني هذه السورة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لو أنكم لا تخطأون ولا تذنبون لخلق الله تعالى أمة من بعدكم يخطأون ويذنبون فيغفر لهم )
المواقف التي بكى فيها بعض الصحابة رضوان الله عليهم للذكرى والقدوة ، أسأل الله عز وجل أن نكون من العيون التي لا تمسها النار يوم الفزع الأكبر.
__________________
اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم
فأجعلني خيراً مما يحسبون ولا تؤاخذني بما يقولون