( وقولهم :** الروافض** أما لو قام قائمنا ردت الحميراء ( أي أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها ) حتى يجلدها الحد ,وحتى ينتقم لابنة
ليه وآله فاطمة عليها السلام منها ,قيل : ولم يجلدها ؟ قال : لفريتها على أمِّ إبراهيم ,قيل : فكيف أخره الله للقائم ( ع ) ؟ قال : إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة ,وبعث القائم عليه السلام نقمة "
- أقول :
عائشة -رضي الله عنها- المؤمنة الصادقة أم المؤمنين الشريفة الطيبة النـزيهة التي اختارها الله لرسوله فكانت أحب أزواجه إليه ومات في بيتها وبين حاقنتها وذاقنتها لحبه إياها وإكرامه لها ,برأها الله من فوق سبع سماوات في عشر آيات يتلوها المؤمنون من عهد نزولها في مشارق الأرض ومغاربها.
قال الله تبارك وتعالى إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ * لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) الآيات (11-20) من سورة النور.
فالمؤمنون من عهد الصحابة إلى يومنا هذا يُحسنون الظن بأم المؤمنين قبل أنفسهم ويقولون فيما رميت به هذا إفك مبين ويقولون عند تلاوة هذه الآيات ردّاً على الأفَّاكين :
( سبحانك هذا بهتان عظيم ).
أمَّا أعداء الله تعالى فيحبُّون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا ويُؤكدونها بافتراءاتهم على عرض رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
والمؤمنون من عهد نزول هذه الآيات إلى يومنا هذا يؤمنون ببراءة عائشة زوج رسول الله الطاهرة -رضي الله عنها- ويحبونها ويعتبرونها أم المؤمنين وأفضل زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمهن وأتقاهن ,ويختلف العلماء أيهما أفضل عائشة أو خديجة -رضي الله عنهما-.
والله يقول في سورة النور : ( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة وأجر كريم ) سورة النور (26)
فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الطيبين وزوجه عائشة من أفضل السيدات الطيبات بشهادة الله لها وإبرائه إياها ,والذي يطعن فيها إنما يقصد الطعن في رسول الله ويقصد تكذيب الله وما أنزل الله في شأنها من قرآن.
ولا يطعن في عرض رسول الله إلا المنافقون أخبث الخبثاء والخبيثات.
فانظر هذا الحط على رسول الله صلى الله عليه وسلم،والطعنُ فيه ,فعائشة -رضي الله عنها- طعن فيها المنافقون وبرأها الله ووراثهم يطعنون فيها.
- قال القمي في تفسيره (2/99) : " وأما قوله : (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) فإنَّ العامة -( ويقصد بهم الصحابة وأهل السنة )- رَوَوْا أنَّها نزلت في عائشة وما رُمِيَت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة.
قال : وأما الخاصة -( ويقصد بهم الروافض )- فإنَّهم رَوَوْا أنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة (والمنافقات) " اهـ.
والظاهر أنه يقصد بالمنافقات زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق قصة مكذوبة على عائشة -رضي الله عنها- مدارها على زرارة الرافضي الأفاك عن أبي جعفر يعني محمد بن علي بن الحسين وحاشاه من هذه الفرية.
وأهداف الروافض من هذه القصة :
1- أن عائشة ما زالت متهمة بالزنا عند الروافض لأن هذه الآيات العشر لم تنـزل في براءتها وإنما نزلت في براءة مارية التي قذفتها عائشة كما يفتري عليها الروافض.
2- الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدرجة الأولى لأن عائشة بقيت في عصمته ست سنوات إلى أن مات في بيتها وهي في عصمته وهذا رمي من الخبثاء لعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرفه وكرامته ورسالته ورجولته إذ من عنده أدنى رجولة وشهامة لا يبقي في عصمته امرأة رميت بالزنا ولم تثبت براءتها وهذا ما يهدف إليه الروافض ,وهذا حالها عند الروافض فأي طعن خبيث في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم يفوق هذا الطعن.
3- وما اكتفى الخبثاء حتى افتروا على عائشة أنها قذفت مارية بالزنا ليصوروا للناس -بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أطهر بيت على وجه الأرض-بأنه شر بيت فيه شر النساء ألا ساء ما يزرون وما يأفكون. فزوجات رسول الله قال الله فيهن: ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن ) فكنّ رضوان الله عليهن أفضل النساء تقوى وأخلاقاً وسماهن الله بأمهات المؤمنين تكريماً لهن قال تعالى : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) وقال تعالى فيهن ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلا وإن كنتن تردن الله ورسوله و الدار الآخرة فإنَّ الله أعدَّ للمحسنات منكن أجرا عظيماً ) الأحزاب (28-29).
فما كان منهن رضي الله عنهن لما عرض عليهن رسول الله هذا التخيير إلا أن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ,وعلى رأسهن وفي مقدمتهن عائشة -رضي الله عنها-.
والروافض تغيظهم هذه المكرمة العظيمة لزوجات رسول الله الشريفات المطهرات ولا يعترفون بها.
وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فضائل عائشة -رضي الله عنها- وأن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ,وفضائلها كثيرة وكانت أعلم نساء العالمين وكان الصحابة يعظمونها ويعترفون بمنزلتها العلمية ويرجعون إليها فيما يشكل عليهم ويختلفون فيه ,ويثقون بحديثها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية الثقة.
4- مما يبطل فرية الروافض - في أن قول الله تعالى في سورة النور : ( إنَّ الذين جاؤُوا بالإفك عصبة منكم...) الآيات العشر إنما نزلت في تبرئة مارية مما قذفتها به عائشة -(وحاشاها ألف مرة)- أن حديث الإفك ونزول هذه الآيات كان في غزوة بني المصطلق سنة أربع أو خمس أو ست على أقوال وأرجحها أنه كان في سنة خمس،وأن بعث المقوقس بمارية القبطية إلى رسول الله كان عام مكاتبة رسول الله ملوك الأرض سنة سبع أو ثمان أرجحهما أنه كان سنة ثمان وذلك بعد غزوة بني المصطلق التي حصل فيها القذف والتي سلف آنفاً تاريخها فنزول الآيات في براءة عائشة كان قبل مجيء مارية بحوالي ثلاث سنوات فكيف ينـزل في شأنها قرآن وهي في مصر على دين قومها وكيف حصل هذا القذف المزعوم وهي في بلادها من وراء السهوب والبحار.
وإذاً فالقرآن والسنة والواقع التاريخي وإجماع الأمة كلها تفضح الروافض وترد كيدهم وإفكهم على أفضل رسول وأفضل وأطهر بيت عرفه التاريخ وعرفته الدنيا. فهذا موقف الإسلام وما يدين به المسلمون من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإكرامه وتنـزيه عرضه مما يدنسه أو يمسه من قريب أو بعيد وإكرام أهل بيته وأزواجه وصحابته الكرام.
وذلك ضد وخلاف ما يرتكبه الروافض من بهت وإفك وتشويه بالطرق الواضحة والخفية والملتوية ,والله لهم ثم المؤمنون بالمرصاد يفضحون مكائدهم وحربهم على الإسلام والمسلمين بشتى الطرق ومختلف الأساليب.
ولم يكتف الروافض بهذا البهتان العظيم بل أضافوا إلى ذلك أن جعلوا عائشة -رضي الله عنها- طاعنة في عرض رسول الله الآخر مارية أم إبراهيم ويهدفون من ذلك إلى رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يقر هذا الطعن ولا يقيم الحد لأنه كما زعموا جاء بالرحمة لتمرير طعنهم فيه ,وتناسوا أنه أشد الناس غيرة لمحارم الله وأقوم الناس لحدود الله على من يستحق أن يقام عليه الحد حتى قال لأسامة حِبه وابن حِبه أتشفع في حد من حدود الله والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. ويزعم هؤلاء الروافض أن إمامهم المعدوم المزعوم أنه سيقيم الحد عليها الذي لم يقمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ,فهل ترى أشدَّ منهم حقداً وافتراءً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشد طعناً فيه وفي أهل بيته *
فقبح الله وأخزى الروافض الحاقدين على رسول الله والطاعنين فيه ,ووالله ما يقصدون بالطعن في أصحاب رسول الله وزوجاته بل الطعن في القرآن إلا الطعن في رسول الله ورسالته العظيمة.
وأما العداوة التي يفتعلها الروافض بين فاطمة وعائشة -رضي الله عنهما- فيدحضها موقف عائشة -رضي الله عنها- البريء الشريف من فاطمة -رضي الله عنها- وروايتها لفضائلها.
قال الإمام البخاري -رحمه الله- : حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء عن فراس عن عامر الشعبي عن مسروق عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : " أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مرحباً يا ابنتي ثم أجلسها عن يمينه – أو عن شماله- ثم أسر إليها حديثاً فبكت فقلت لها : لم تبكين ؟ ثم أسر إليها حديثاً فضحكت ,فقلت ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن ,فسألتها عما قال فقالت ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ,حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها فقالت أسر إليَّ إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي ,فبكيت فقال : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة - أو نساء المؤمنين - فضحكت لذلك "
صحيح البخاري،المناقب (3623) (3624).
فانظر إلى هذه الفضائل العظيمة التي ترويها لنا عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ما تصف به فاطمة عن قناعة بها.
كما روت عائشة -رضي الله عنها- فضائل خديجة ومن ذلك " بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ببيت بالجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب "
[رواه الترمذي المناقب عن رسول الله - فضل خديجة -رضي الله عنها- (3876) ] وقال هذا حديث صحيح ,وقال عقبه من قصب : إنما يعني به قصب اللؤلؤ.
فهذا من أعظم الأدلة على منـزلة فاطمة وأمها عند عائشة وحبها وتقديرها لهما ونقول مثل ذلك في فاطمة -رضي الله عنها- أنهل تحب عائشة وتقدرها.
ولا يفتعل العداوة بينهما إلا الروافض كما يفتعلون العداوة بين أهل البيت وبين الصحابة وتاريخ الجميع الصحيح يفضح الروافض أعداء الجميع ويكفي أصحاب
ليه وسلم وأزواجه تزكية الله وتزكية رسوله لهم وشهادة الله لهم بالجنة والرضوان وتعظيم المسلمين حقاً لهم ولا يضرهم حقد وأكاذيب الأعداء ومن على نهجهم.
اللهم إنا نشهدك أننا نحب رسولك
ليه وسلم وأصحابه الكرام وزوجاته الشريفات وأهل بيته الكرام فنسألك اللهم التوفيق لطاعة هذا الرسول الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم في كل أمورنا وإتباعه في عقائدنا ومناهجنا وأخلاقنا.